IMLebanon

الحريري مستعجل ويخشى «انقلاباً» سعودياً وحزب الله اكبر «الرابحين»

 

حكومة تعويض «الخسائر» حاجة للقوى المحلية واستعداد للاسوأ اقليمياً

المقاومة تحتاج التهدئة الداخلية لمواجهة «التهويل الاسرائيلي» بالتصعيد

 

لا يبدو ان شيئا في لبنان قابل للاصلاح، او التغيير، خلاصة يتحمل مسؤوليتها الشعب اللبناني الذي يساق مثل «الماشية» وراء مجموعة من امراء الطوائف لن يستسلموا ابدا لانه لا داع للاستسلام في ظل غياب اي مخاطر حقيقية او جدية تطال مكتسباتهم الشخصية المغلفة بحقوق الطوائف، وهكذا دون ان يرف «جفن أحد»، يتم تسويق الرئيس سعد الحريري منقذا للبلاد والعباد، ويتم الهاء الجميع بكتمان التأليف باعتباره «اختراع» بديع غير مسبوق ودليل على جدية «الطباخين» ونيتهم التوبة من فعل السرقة الموصوفة والمستمرة، لكن حكومة «التنازلات» المتبادلة، وان قدر لها ان تبصر النور، ستكون نسخة منقحة عما سبق واختبره اللبنانيون، لن تكون حكومة انقاذ الوضع الاقتصادي، انما حكومة انقاذ الطبقة السياسية المأزومة في بلد بات مجرد «ولادة» حكومته انجازا، وفي انتظار «الولادة» الحكومية الموعودة، الا اذا … بات يمكن الحديث عن جردة حساب حول الارباح لتعويض الخسائر من قبل مجموعة من المازومين، فيما يحتاج حزب الله التهدئة الداخلية لمواجهة «الاسوأ» اقليمياً.

 

في هذا السياق، يسعى الحريري لانقاذ مسيرته السياسية المتهاوية، وشعبيته المتداعية، ويستعجل التاليف كي لا تضيع عليه فرصة العودة الى السراي الحكومي حيث يحتاج للخروج من حالة البطالة السياسية استعداداً للاستحقاقات القادمة، وبحسب اوساط نيابية بارزة، يستعجل التأليف مستفيداً من «الكوما» السعودية، وعدم الاكتراث الاميركي، «والزخم» الفرنسي، اضافة الى اهتزاز مشروع شقيقه بهاء الحريري السياسي بعدما تم اعلان «الطلاق» مع «المنتديات» التي كانت تدار من قبل المحامي نبيل الحلبي وهو «رأس حربة» المشروع التركي في لبنان،ولهذا يطمح رئيس الحكومة المكلف للعودة الى السلطة بسقوف «منخفضة»، دون الاستجابة الى «الشارع» الذي ادعى قبل عام انه استجاب لمطالبه، لكنه اليوم لا يكترث بعدما انهارت «الانتفاضة» وخلت الشوارع من المنتفضين. لكن تبقى «نكتة» الموسم كلامه عن جذوره العراقية وعناده الذي سيمنعه عن «الاعتذار».

 

واذا كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يعاني على المستوى الشعبي في «شارعه»، فهو يستعيد في السياسة مع النائب السابق وليد جنبلاط، والحريري، «الساحة» التقليدية المحببة على «قلبه»، فهؤلاء هم «عدة الشغل» المناسبة لواقع سلطوي لا يرغب بري في مغادرته طالما ان البلاد تعيش في كنف المنظومة الطائفية، ولا ينفع معها الا معادلة «علسكين يا بطيخ»، ولهذا كان الحريري خياره المفضل وسبق وقدم له «لبن العصفور»،واسقط لاجل «عيونه» حكومة حسان دياب، واليوم وبعدما قام بعض ابناء الطريق الجديدة المحسوبين على تيار المستقبل بالهتاف باسمه،بعد تكليف الحريري، يرى انه حقق الاهم في ردم الهوة بين «شارعين»، وحمى البلاد من فتنة سينية – شيعية!

 

ووفقا لتلك الاوساط، لا يملك رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ترف الوقت، فالزمن ينقضي بسرعة وخسائر العهد تتراكم، وبدا العد العكسي للنهاية، ولذلك لا مفر من الخروج من الوضع «المأزوم» الا بالعودة الى السلطة عبر استعادة «المظلومية» المسيحية التي ستكون عنوان المرحلة المقبلة، بدل نظرية «العهد القوي» التي انتهت بمعادلة «ما خلونا نشتغل»، ولهذا يتم التفاوض الان على الحصة المسيحية كي تستعاد من خلالها، «ادوات» المعارك المقبلة، ولهذا لا يمكن ان تتقبل بعبدا «وميرنا الشالوحي» اي خسائر مبكرة في تشكيل الحكومة،لانها ستكون الخسارة الكبرى التي سترافق العهد الى نهايته،خصوصا ان القوات اللبنانية قد اختارت مبكرا «ركوب» موجة الشارع وباتت عنوانا للمعارضة المسيحية التي تنتظر «التيار» على «كوع» الاخفاقات، حيث تسود قناعة تامة في «معراب» ان الاكثرية النيابية المسيحية ستكون قواتية في الانتخابات المقبلة ..

 

واذا كان النائب السابق وليد جنبلاط قد تخلى عن «حياده» وعن «التعفف» في السلطة، وقرر العودة الى لعبة تقاسم المصالح مع الفريق الحاكم في البلاد، بعدما ضمن بأن السعودية غير الراضية لن «تغضب»، فان حزب الله يبقى الاكثر حاجة للتهدئة الداخلية، والذهاب الى وضع البلاد على «سكة» التعافي، لعلمه ان القادم اقليمياً ليس بالامر الهين او السهل، وهو يرى ان الاميركيين فشلوا في معركتهم الداخلية ضده وبعد عام كامل من الحصار المالي أنفقوا خلاله 10 مليارات دولار، عادوا الى «نصيحة»السيد حسن نصرالله عقب«ثورة 17 تشرين» عندما دعا الى عدم إسقاط حكومة الحريري، والان بعدما ضاع عام كامل عاد الجميع الى «نقطة البداية»، وبعدما اقتنعوا بعدمية المحاولة، عادوا لتجربة المقاربة القديمة، التي لم يقف الحزب ضدها يوما،وبات واضحا للاميركيين بان انهيار النظام في لبنان سيقود الى فراغ سيملؤه الاقوى.

 

عملياً، حزب الله في إدارة الخلافات بين حلفائه، لم يتخل عن تحالفه الاستراتيجي مع الرئيس ميشال عون، وترك للرئيس نبيه بري مهمة إعادة تسمية الحريري الذي أبدى استعداده المسبق لتفهم شروطه وفي مقدمتها إبقاء وزارة المال «للثنائي»، وتسمية الوزراء الشيعة، والالتزام بشروطه قبل الدخول في أي مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويسبق كل ذلك ضرورة التفاهم مع رئيس الجمهورية والا… لا حكومة. وامام هذه المعطيات، تترقب اوساط سياسية معنية بالملف، مسار عملية التأليف، ولا تتوقع الفشل الا بتدخل اقليمي خارجي تقوده السعودية التي لا ترغب بتحقيق حزب الله انتصارا سياسيا، عندها سيقلب «الطاولة» على الحريري، الذي سيضطر حينها لتناسي اصله العراقي ويتجه «للاعتذار»، وهو لذلك يبدو مستعجلا ويدعو الشركاء في التأليف للاستفادة من «الحياد» السعودي.

 

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى التلويح «بالعصا» الاسرائيلية «الغليظة» حاضرا للضغط على مفاوضات الترسيم من جهة، وتغيير الواقع اللبناني من جهة اخرى بعدما بات حزب الله «الشوكة» الاكثر ايلاما لمشروع التطبيع «الاسرائيلي»، ومن هنا تنظر اوساط دبلوماسية بكثير من القلق النقاش الدائر في مجلس الشيوخ الاميركي لتسليم «اسرائيل» ما يعرف بالقنبلة غير النووية الاقوى العالم، والقادرة على اختراق الحصون في الجبال، لمواجهة حزب الله وايران، وترى في ذلك مؤشرا خطيرا على الوضع الامني في المنطقة، فيما أعلن جيش الاحتلال بالامس عن تدشين منشأة تدريب «غابات الجليل» التي تحاكي قرية لبنانية تبعد 300 متر فقط عن الحدود، والهدف منها تعزيز القدرات التدريبية لمواجهة حزب الله والتفوق عليه، وفق تأكيد كبار ضباط الهندسة في جيش الاحتلال … طبعا لا يمكن اغفال هذه المؤشرات التصعيدية واعتبارها مجرد تهويل، لانه بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني سقطت كل «الخطوط الحمراء»، وفي حال عاد دونالد ترامب الى البيت الابيض ثمة من يتوعد حزب الله «بضربة» قاسمة تعيد خلط الامور في لبنان الذي بدأت بعض الاصوات ترتفع للتهليل للتطبيع، كما قال وزير الحرب الاسرائيلي بيني غانتس، ولهذا عندما يدرس حزب الله الوقائع يضع الاسوأ في حساباته، ولذلك قد يكون اكبر المستفيدين من «ولادة» الحكومة الجديدة علها تعيد الاستقرار في الداخل للتفرغ للمخاطر الخارجية.