IMLebanon

اللقاء الأخير

 

 

إذا صحَّت التوقّعات والتقى الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري خلال الساعات المقبلة، فإنّ المأمول والمفترض أن تخرج الحكومة الى النور فوراً ومن دون تأخير، وأي نتيجةٍ أُخرى ستعني أنّ تشكيل حكومة لبنانية جديدة ليس مطلوباً اليوم، وإنّما سيتمّ في “الزمان والمكان المناسبين”، مثله مِثْل الكثير من المسائل “الإقليمية” التي تتهادى على وقعِ النظرية المذكورة.

 

لقد نضجت الطبخة الحكومية، ليس فقط لأنّ الحريري تقدّم بتشكيلة كاملة ضمن مواصفات المبادرة الفرنسية، بل لأنّ السياسيين جرّبوا ما مَلكت ايمانهم من إجتهادات وفشلوا فيها جميعاً.

 

بدأت تجاربهم منذ استقالة الحريري نفسه بعد 17 تشرين الأول من العام الماضي. تناوبوا على إحراق سلسلة من الاسماء المرشّحة للتأليف قبل أن تحسم نواتهم الحاكمة المجيء بحسّان دياب وحكومته، ثمّ انخرطوا في نزاعاتهم كلونٍ واحد داخل حكومتهم، الى أن قذف بها تفجير المرفأ الى الإستقالة. وتكرّر مشهد الإعجاز والتعجيز مع مصطفى أديب، مرشّح ما بعد الإنفجار والمبادرة الفرنسية، فتمّت إعادته بأدبٍ جمّ الى مقرّ عمله في ألمانيا، ليعود الحريري بعد استقالته بسنة مكلّفاً قيادة الحكومة المرجوّة.

 

الفارق بين ما كان أديب يريده وبين ما يريده الحريري، هو وجود الحريري نفسه. وفي حسابات القوى المتسلّطة، يُفترض أن يكون أديب أقلّ وطأة من ثقل الحريري بما يمثّله من مسار وحضورٍ شعبي. ومع ذلك، لم تقبل بالأول فكيف ستقبل بالثاني حكومةً وبرنامجاً؟

 

تلك القوى لم ترشّح الحريري للتكليف، لكنّها تشترط عليه إدخالها بشروطها في حكومةٍ لا تشبهها، هنا وقعت الواقعة وعجزت لقاءات بعبدا العديدة عن تخطّي أفخاخها.

 

عندما يلتقي عون والحريري هذه المرّة، يفترض أن تكون تجربة الشهور الماضية ماثلة في اللقاء، تُضاف إليها التشكيلة الناجزة ودعوات ماكرون المصاب بالوباء، وصلوات البطريرك الذي تدخّل وبات يعرف الطنجرة وغطاءها، وقال ما قاله في المعايير وروحية الدستور ومسؤولية المسؤول.

 

انه في معنىً ما اللقاء الأخير بين الرئيسين حتّى لو حصلت لقاءات أخرى. الأخير الذي ينتظر منه الناس إفراجاً عن حكومتهم كبداية لإنفراج أوضاعهم، والأخير الذي سيجعلهم إن خرج من دون نتائج يتأكدون من أنّ صاحب الردّ في “الوقت المناسب” لا يزال يبحث عن الوقت الملائم لتحرير فلسطين وتشكيل الحكومة اللبنانية، التي سيبقى الرئيس المكلّف عاكفاً على تأليفها كلّ الوقت الذي يرتئيه.