Site icon IMLebanon

الحزب لم يُـــواكــــب التيّار في التهجّم على الرئــيــس المُكــلّــف

 

التمسّك الضُمني بالحريري أثـــــار حفيـظة «الــوطــنــي الحُــرّ» !

إعتبارًا من مُنتصف الأسبوع الماضي صبّت تحليلات إعلاميّة عدّة في خانة واحدة مَفادها أنّ مُهلة السماح التي أعطيت لرئيس «تيّار المُستقبل» سعد الحريري لتشكيل حكومة إنتهت، وأنّ أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله سيسحب الغطاء عن هذا التكليف في كلمته يوم الجمعة الماضي، على أن تأتي الضربة القاضية للتكليف المَذكور على لسان رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» جبران باسيل أمس الأوّل الأحد. لكن هذا السيناريو لم يحصل أقلّه في الشق المُرتبط بالحزب. فماذا في المَعلومات؟

 

بحسب أوساط سياسيّة إنّ الترويج لخيار سحب الغطاء المَعنوي والسياسي عن تكليف الحريري لتشكيل الحُكومة، إنطلق بداية من جانب أوساط «التيّار الوطني الحُر» الذي راهن على أن يُجاريه حزب الله في هذا الخيار، بحيث يتمّ إحراج الحريري لإخراجه، على أن يتمّ بعد ذلك المُباشرة فورًا بترشيح شخصيّة جديدة من جانب الأغلبيّة النيابيّة، بعد حسم خيار من إثنين: إمّا حُكومة سياسيّة برئاسة شخصيّة سنيّة مَحسوبة على قوى «8 آذار»، وإمّا شخصيّة سنيّة حياديّة لرئاسة حُكومة من الإختصاصيّين، لكن بعد مُعالجة الثغرات التي كانت تظهّرت خلال تجربة حكومة الدُكتور حسّان دياب المُستقيلة.

 

ولفتت الأوساط إلى أنّ حزب الله الذي لم يُصوّت نوّابه لصالح تكليف الحريري، شأنه في ذلك شأن «التيّار الوطني الحُر»، ما زال يعتبر أنّ تأمين الإستقرار السياسي الداخلي، وكذلك تأمين المُساعدات الماليّة الدَوليّة، يستوجب عدم عزل «تيّار المُستقبل» الأوسع تمثيلاً على الساحة السنيّة، حتّى إشعار آخر. وأضافت أنّ هذه القناعة دفعت السيّد نصر الله في كلمته الأخيرة إلى عدم حصر مسؤوليّة التعثّر في الملف الحُكومي بجهة واحدة، وإلى عدم تبنّي خيار الضغط على الرئيس المُكلّف لحمله على سحب ترشيحه، خاصة وأنّ الحريري ليس بهذا الوارد، ولا مجال دُستوريًا لتحقيق هذا الأمر، والحزب يرفض كليًا إستخدام الشارع للضغط على رئيس «تيّار المُستقبل»، لما يُثيره هذا الخيار من توتّرات ومن إحتقانات طائفيّة ومذهبيّة، لبنان في غنى عنها كليًا، خاصة في هذه الظُروف الصعبة والدقيقة والشديدة التعقيد.

 

وتابعت الأوساط السياسيّة أنّ موقف حزب الله المُتمسّك ضُمنيًا بالحريري، أثار حفيظة «التيّار الوطني الحُر» الذي كان رفع مُستوى الضُغوط على رئيس الحكومة المُكلف إلى أقصى الدرجات، لتحقيق واحد من هدفين: إمّا تنحّي الحريري طوعًا بمُجرّد إلتماسه إفتقار حكومته للاغلبيّة النيابيّة الكفيلة بمنح الثقة لأي حُكومة برئاسته، وإمّا تراجع الحريري عن شروطه ورضوخه لمطالب «التيّار» كخيار وحيد باقٍ أمامه في حال أصرّ على التمسّك بمنصب رئاسة الحُكومة.

 

وبحسب الأوساط عينها، إنّ «التيّار» يعتبر أنّ بقاء الضغط على الحريري مَحصورًا بالتيّار الوطني الحُرّ، من دون مُساعدة من أيّ من القوى الحليفة، يدفع رئيس الحُكومة المُكلّف إلى التشبّث أكثر بمواقفه، وإلى رفض التراجع، خاصة وأنّ قوى سياسيّة عدّة ضُمن تحالف «محور المُقاومة والمُمانعة» العريض، تدعم الحريري ضُمنيًا، من رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي مرورًا برئيس تيّار المردة سليمان فرنجيّة وُصولاً حتى إلى أحزاب وشخصيّات أخرى أيضًا، بحيث يبدو للرأي العام وكأن الخلاف مَحصور بين «الوطني الحُرّ» و«المُستقبل»، الأمر الذي يزيد من حراجة موقف «الوطني الحُرّ».

 

ورأت الأوساط السياسيّة أنّ هذا الواقع جعل مسألة عضّ الأصابع المُتبادل بين الحريري وباسيل تطول، حيث مضى على تكليف الأخير أكثر من شهرين ونصف الشهر، والحبل على الجرّار. وتوقّعت أنّ تبقى عمليّة شدّ الحبال قائمة بين الطرفين في المدى المَنظور، حيث لا يبدو أنّ أيّا منهما مُستعدّ للتراجع عن مطالبه المُتشدّدة في الأسابيع القليلة المُقبلة. وختمت الأوساط نفسها كلامها بالقول إنّ الملف الحكومي سيبقى مًعلّقًا في المُستقبل القريب، في إنتظار حُصول تطورات داخليّة كبرى، أو في إنتظار حُصول أيّ نوع من التدخّل المحلّي الخارجي، لكن على مُستوى كبير يفوق الوساطات السابقة التي لم تُحقّق غايتها حتى تاريخه.