على الرغم من ان اولويات المواطن اللبناني اليوم هي صحته والعمل على انقاذ حياته من جائحة كورونا المستمرة بالتفشي بشكل واسع وسريع خاطفة الارواح من كافة الاعمار وسط عجز مباشر من قبل المسؤولين بمعالجة تداعيات هذا الوباء الذي يتسبب بموت الابرياء وعدم العمل للحد من اصابة المواطنين بسبب التأخير في استيراد اللقاح، يبقى الجمود السياسي يراوح مكانه بعد فشل كل المساعي من اجل تقريب وجهات نظر المسؤولين لتشكيل الحكومة والبدء بأسرع وقت للعمل لوقف الانهيارات المستمرة في كافة المجالات بسبب ارتباطها مع بعضها البعض.
وبعد انقطاع الاتصالات واللقاءات بشكل كامل بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ اللقاء الاخير قبل عيد الميلاد وتحديدا في 23 كانون الاول الماضي، استمرت المواقف المتباعدة على حالها لا سيما بعد الفيديو المسرب للرئيس عون والذي اتهم فيه الحريري بالكذب.
ووسط الجمود السياسي المحلي كان اللافت الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس الحريري الى تركيا وما تبعها وسبقها من زيارتين الى دولة الامارات العربية، وحول هذه الزيارات سألت «اللواء» مصادر متابعة فأكدت على اهمية وايجابية التحرك الخارجي الذي يقوم به الرئيس المكلف في هذه المرحلة والذي يؤكد على العلاقات المتينة التي تربطه بالدول الاقليمية والدولية، وكشفت المصادر الى ان زيارات الحريري مستمرة وهي قد تشمل عددا اخر من الدول العربية ومنها مصر ودول اوروبية ومنها فرنسا، ورأت المصادر ان الحريري رغم عدم تشكيله للحكومة فهو يسعى للتحضير للمرحلة المقبلة من خلال اعادة العلاقات اللبنانية مع اشقائه واصدقائه من اجل تأمين الدعم والمساعدة له في مستقبلا، خصوصا انه الوحيد الذي باستطاعته مد الجسور بين لبنان ودول العالم، وتؤكد المصادر الى ان الرئيس الحريري لا يزال مصرّاً على مواقفه الذي اعلن عنها مرات عدة وفي مناسبات مختلفة وهي تمسكه بمضمون المبادرة الفرنسية من حيث شكل الحكومة التي يسعى لتأليفها من اختصاصيين للبدء فورا بالقيام بالاجراءات المطلوبة دوليا من الحكومة اللبنانية، وتشدد المصادر على ان الرئيس المكلف لن يتراجع عن بنود هذه المبادرة واولوياتها مهما كلفه ذلك من ثمن، وأكدت المصادر على ان الرئيس الحريري لن يترك بعد الان الساحة لخصومه ولن يستسلم لمطالبهم، وهو ومن خلال زياراته الخارجية يسعى للتأكيد لهم على مدى اهمية العلاقات التي تربطه مع الخارج في مقابل الخناق الدولي عليهم في مقابل عدم قدرتهم على التواصل مع اي طرف خارجي، وتذّكر المصادر بأن رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لم يستطع خلال فترة ترؤسه للحكومة من القيام بأي زيارة خارجية، كما تلفت المصادر الى ان رئيس التيار الوطني الحر اصبح خارج المعادلة الدولية لا سيما بعد العقوبات التي فرضتها عليه الادارة الاميركية بحيث اصبح غير مرغوب به لا عربيا ولا اجنبيا.
وتشير المصادر الى ان رهان البعض على وصول الرئيس جو بايدن الى سدة الرئاسة وتخفيف الضغط على حلفاء ايران وحزب الله هو رهان خاطىء، وتدعو هذه المصادر لقراءة ما يجري اقليميا في ظل الخطاب الروسي الجديد واللافت تجاه الجمهورية الاسلامية، والمعلومات التي تتحدث عن مفاوضات اسرائيلية-سورية بدأت مؤخرا برعاية روسية.
وتلفت المصادر الى ان ما كان يهمس بالسر عن هذه المفاوضات اصبح يتم الحديث عنه اليوم بشكل علني، واعتبرت المصادر ان الموقف الروسي الجديد تجاه ايران يفسر على ان الجانب الروسي بدأ بالعمل الجدي لوضع حد لتصرف الايرانيين إن كان بالنسبة للدول الخليجية او بالنسبة لتدخلها في سوريا، وتلفت هذه المصادر في هذا الاطار الى ما اعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية السعوي فيصل بن فرحان لدى زيارة الاخير الى موسكو حين ابدى لافروف تفهم بلاده لمخاوف الدول الخليجية من برنامج الصاروخي الايراني، ورفضه التدخل الايديولوجي لهم في منطقة الشرق الاوسط .
كما تلفت المصادر الى ما اعلنه ايضا وزير الخارجية الروسي مطلع الاسبوع عن أن بلاده اقترحت على إسرائيل إبلاغها بالتهديدات الأمنية المفترضة الصادرة عن أراضي سوريا لتتكفل بمعالجتها كي لا تكون سوريا ساحة للصراعات الإقليمية. حيث اشار ايضا بشكل واضح الى انه اذا كانت إسرائيل مضطرة للرد على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فعليها تزويد موسكو بالمعلومات المعنية.
وهو قصد بطريقة ما وحسب المصادر بتحييد الاراضي السورية عن الصراع الايراني-الاسرائيلي من خلال رفض بلاده استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل اي ان تكون ساحة للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية.
وفي السياق تؤكد المصادر على ان اسرائيل لا يمكنها استخدام المجال الجوي السوري دون اطلاع الجانب الروسي على الامر، مما يعني حسب المصادر ان الغارات المكثفة التي شنتها اسرائيل على اراضي السورية كانت منسقة مع الجانب الروسي خصوصا ان اللافت كانت استهدافها لمواقع ميليشيات تابعة لايران شمال شرق سوريا مع التذكير حسب هذه المصادر ان الروس يطالبون اسرائيل بعدم ضرب مواقع الجيش السوري.
وحول المعلومات الاعلامية عن مفاوضات سورية –اسرائيلية برعاية روسية في قاعدة حميميم الروسية جرت ضمن المساعي التي تقودها موسكو لبدء مباحثات بين البلدين لإيجاد تسوية لمسألة احتلال اسرائيل لمرتفعات الجولان منذ العام 1967 حتى انه تم نشر اسماء اعضاء الوفدين السوري والذي ضم اللواء علي المملوك ومستشار الاسد الامني بسام حسن والاسرائيلي برئاسة غادي ايزنكوت تحت اشراف قائد القوات الروسية في سوريا الكسندر تشايكوف، فاعتبرتها المصادر بانها قد لا تكون دقيقة وانها قد تكون متضاربة خصوصا ان خبر بهذه الاهمية يكون له تأثير كبيرمع عدم نفيها بأن روسيا تسعى للوصول الى سلام بين سوريا واسرائيل، مؤكدة على ان هذه المفاوضات تجري بشكل غير مباشرعبر الجانب الروسي.
ورأت المصادر الى ان الموقف الروسي سيكون بطبيعة الحال له انعكاس على المنطقة ككل بما فيه لبنان وستؤثر على حزب الله بشكل مباشرة
ورغم اعتبار المصادر بأن الامور في لبنان ليست سهلة في المرحلة الراهنة لكنها جزمت انه في النهاية سيكون هناك انفراج وقد تكون الامور عكس ما هو متوقع حيث ان الشرق الاوسط سيعتبر من اولويات الرئيس بايدن.
اما مصدر ديبلوماسي متابع للمواقف الروسية يعتبر بانه في حال حصول المفاوضات في قاعة حميمم وصحة الاسماء المسربة بما فيها اسم المفاوض الاسرائيلي غادي ايزنكوت وهو ضابط متقاعد فإن هذا الامر يعطي برأيه مصدقية اكبر للمفاوضات .
ويذكّر المصدر بأن سوريا واسرائيل بدأتا بالمفاوضات بعد حرب تموز 2006 ولكنها عادت وتوقفت لاسباب عدة وتشير الى ان كلام بشار الاسد عن المفاوضات غير المباشرة هي القاعدة للمفاوضات المباشرة له مدلولاته.
ويجزم المصدر على ان الطيران الاسرائيلي لا يمكنه التحليق فوق الاراضي السورية ودخوله مجالها الجوي الا من خلال التنسيق مع الروس.
ويعتبر ان موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من روسيا لافت بإعتباره يتجنب الحديث بايجابية عن دورها في معظم خطاباته.