Site icon IMLebanon

نصرالله يدفع الحريري الى الاعتذار؟

 

بعد دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري الى التنحّي إذا لم يكن قادراً على التأليف، ثمّ ردّ الحريري المباشر على رئيس الجمهورية ودعوته الى إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة في حال عجز عن توقيع مراسيم تأليف حكومة اختصاصيين غير حزبيين، ولقائهما في اليوم التالي لـ»التخفيف من هذا الإصطدام»، وما تلاه من دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الى الذهاب الى حكومة تكنوسياسية، كلّ هذه المعطيات الجديدة الداخلة الى ملف التأليف، تعني بحسب البعض إمّا أنّ الحكومة بعيدة المنال وإمّا أنّ هناك تغييراً في توجُّه الأكثرية الحاكمة وضغطاً على الحريري للاعتذار عن مهمة التأليف.

 

الإثنين في 22 آذار الجاري، موعد اللقاء الـ18 بين عون والحريري في إطار تأليف الحكومة، وفي هذا اليوم يبلغ عمر تكليف الحريري 5 أشهر، وسط أجواء تدلّ الى أنّ هذا اللقاء «مفصلي» في رحلة التأليف. وبُعيد إعلان الحريري من القصر الجمهوري أمس الأول إتفاقه وعون على لقاء مقبل للتشاور والخروج بحلّ يؤتي بحكومة، أطلّ نصرالله مقدماً طرحاً حكومياً للمرة الثانية، بعد أن سبق واقترح توسيع الحكومة الى 20 وزيراً من دون أن تضمّ ثلثاً معطلاً لأي طرف، ويقضي اقتراح نصرالله الجديد بالذهاب الى حكومة تكنوسياسية في حال تعذّر الاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين.

 

كذلك سأل نصرالله: «إذا كان «حزب الله»، وهو حزب كبير ويمثّل شريحة واسعة من الناس خارج الحكومة ولم يوافق على أحد قراراتها، فما الذي يُمكن أن يحصل؟». الى ذلك لوّح بورقة حكومية أخرى، إذا استمرّ التأزيم، وهي تفعيل حكومة تصريف الأعمال، أو التفتيش عن حلّ دستوري يتمّ خلاله مراعاة التوازن الطائفي.

 

كلام نصرالله هذا قبل «لقاء الاثنين» يُضعف موقف الحريري ويعزّز موقف عون الذي هو أساساً يفضّل حكومة تكنوسياسية، بحسب «المستقبل». وتقول مصادر قيادية في تيار «المستقبل»: «نصرالله قال الشيء وعكسه، وفي خلفيات كلامه، رسالة لعون يقول له فيها: «إذا كنت لا تريد الحكومة التي يطرحها الحريري، فلن نسير بها». وعملياً، هذا الكلام يُعطي انطباعاً أنّ «حزب الله» لا يسهّل مهمة الحريري ويعطي فرصةً لعون لكي يتشبّث بعناده أكثر».

 

كذلك، هذا يؤكد، بحسب المصادر نفسها، أنّ «حزب الله» قد يريد أحد الخيارين:

– إمّا حكومة مواجهة لا تصل لبنان مع الدول التي يحتاج إليها وتخالف المبادرة الفرنسية التي تمّ الاتفاق عليها وتُغلق الطريق على التواصل مع الخارج، وحتى مع جزء من الخليج المستعد للمساعدة، إذ لنفترض أنّ السعودية رافضة، إلّا أنّ الإمارات والكويت وقطر تسهّل الأمور في لبنان ومستعدة لمساعدته. لكن إذا ألّفت حكومة سياسية وتضمّ وزراء من «حزب الله»، لن تقدر هذه الدول على أن تكون جزءاً من عملية المساعدات، ولا يُمكن أن تتوسّع المبادرة الفرنسة لتصبح مبادرة دولية ولاستدراج الولايات المتحدة الأميركية في اتجاه مساعدة البلد.

– أو أنّ نصرالله بكلامه أمس الأول أخّر إنجاز الحكومة، وربما منع هذا الإنجاز، لأنّ إيران ما زالت في حاجة الى تجميع أوراقها كلّها الآن، تَحضّراً لما سيحصل خلال الأشهر المقبلة على صعيد الاتفاق النووي».

 

إنطلاقاً من ذلك، ترى هذه المصادر أنه «قد يُطرح سحب التكليف من الحريري، على رغم أنّه غير دستوري، لكن مجرد طرح سحب التكليف جدياً وعملياً، فهذا يعني أنّ الحريري لن يكون قادراً على الإكمال في مهمة التأليف». وبالتالي، وسط هذه «الضغوط»، قد يصبح احتمال الاعتذار وارداً لدى الحريري، لكن «لننتظر نتيجة لقاء الاثنين»، بحسب ما تقول المصادر نفسها.

 

على مستوى «بيت الوسط»، تقول المصادر: «الرئيس الحريري لديه خياراته، ويجد الحلول لكلّ شيء في وقته. الرئيس المكلف يعمل الآن على تأليف حكومة، ولا يمكن أن يتحدث عن اعتذار وهو يؤلف. وقد يكون الحلّ أيضاً بانتخابات رئاسية مبكرة. فلم تعد هناك أكثريات موصوفة واضحة في مجلس النواب، بل هناك كتل نيابية تتفق أو تختلف بحسب النقاط المطروحة. ونحن ننتظر طرح المواضيع فعلياً وبطريقتها الحقيقية، عندئذ نبني موقفنا منها».

 

أمّا لجهة تأليف حكومة تكنو – سياسية، فهذا الأمر غير وارد ومحسوم لدى الحريري، فهو لا يُمكن أن يترأس حكومة إلّا حكومة اختصاصيين غير حزبيين، بحسب ما تؤكد مصادر «بيت الوسط». هذا لأنّ «المشكلة تكمن في حكومات كهذه، فيما أنّ المبادرة الفرنسية عبارة عن أمرين أساسيين:

– انّ المسؤولين في لبنان يجرّبون منذ فترة طويلة الوصفة نفسها وبالطريقة نفسها، ويجب أن يغيّروا الوصفة والطريقة، أي الخروج من المحاصصات والأثلاث المعطِّلة وإعطاء فرصة لاختصاصيين يأخذون قرارات مجرّدة بعيداً من مصالح القوى السياسية.

– كذلك هناك مشكلة حقيقية مالية واقتصادية واجتماعية.. وليس لدى البلد إمكانيات ذاتية للخروج منها. وبالتالي، إنّ لبنان في حاجة الى مساعدات خارجية، وهذا الأمر لا يحصل إلّا بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات تمويل عربية ودولية. وبالتالي مع دول، وهذه الدول تقول إنها مستعدة لمساعدتنا لإيقاف الانهيار ولإعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ، لكن هناك إصلاحات يجب أن نقوم بها. وما عدا ذلك «لا يمشي البلد» ولا تُحلّ أزمته».

 

بدورها، توضح مصادر «المستقبل» أنّ «تجربتنا مع حكومات كهذه لم تنجح في اتخاذ القرارات بل إنّها عطّلتها، والإشكال في الحكومة التكنوسياسية يكمن في أننا سنذهب الى حكومات تحكمها الشعبوية، وبالتالي لن تتمكّن من أن تنجز ويستمرّ الانهيار».

 

لكن، ماذا عن تسمية معظم الأفرقاء السياسيين لوزراء في حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين؟ هذا الأمر مختلف عن أن تكون الحكومة تضمّ سياسيين، بحسب «بيت الوسط»، ففي النتيجة «الوزراء لن يكونوا من المريخ، والأطراف السياسية ترشّح أسماء ناجحين إذ إنّ الحكومة يجب أن تحوز على ثقة مجلس النواب، لكن الفارق أنّ الوزير الاختصاصي غير الحزبي لا يخرج من جلسة مجلس الوزراء ليجري اتصالاً بمرجعيته السياسية لكي يتخذ موقفاً من قرار ما، فتبدأ العرقلة والتعطيل».

 

في المحصّلة، لا يزال الحريري يعمل على التأليف، وعلى رغم من أنّه توجّه الى القصر الجمهوري أمس الأوّل جاهزاً للتأليف فوراً ولتوقيع مراسيم التأليف تماماً كما دعاه عون، بحسب مصادر «بيت الوسط»، إلّا أنّ رئيس الجمهورية طلب منه أن يمهله الى الاثنين المقبل ليجيبه على «مبدأ التأليف وطرحه». وبعد هذا اللقاء، وتبيان ما لدى عون، «يُبنى على الشيء مقتضاه»، بالنسبة الى الحريري.