Site icon IMLebanon

اتهام سعد الحريري بالمماطلة  

 

تحوّل الصراع الصامت بين «الحزب الحاكم» حزب العهد والرئيس المكلّف سعد الحريري إلى صراع ناطق في أولى مراحله وسيتصاعد في الأيام المقبلة خصوصاً مع التهديد بأنّه «لا يمكن ان يكون الرئيس عون راضياً عن هذه المماطلة والخطوات الرئاسية تبقى واردة وقد نشهد تحركاً قريباً في هذا الاتجاه»، والتهديد بالتحرّك قريباً «ما بيطعمي خبز» في بلد مثل لبنان لأنّه على طريقة «تحرّكوا لنتحرّك»، مع ملاحظة رمي تهمة «المماطلة» على رئيس الحكومة المكلّف وهذا كلام يستحق التوقّف عنده لأنّه صادر عن مستشار رئيس الجمهوريّة للشؤون الدوليّة الوزير الياس بوصعب!

 

قد يكون أفضل ما سمعناه بالأمس هو توصيف النائب فريد هيكل الخازن: «لا مع الحريري قادرين يتفاهموا ولا مع برّي ولا مع جنبلاط ولا مع جعجع ولا مع فرنجيّة ولا مع سامي الجميّل وعدّ ولحقني كيف بدّو يمشي البلد؟ الله أعلم»!! للأسف هذا هو واقع الحال، وباتت «المسايرة» و»الديبلوماسية الزايدة عن اللزوم» والكلام النّاعم تجنّباً لأي اشتباك مع العهد و»الحزب الحاكم» سيوصل البلد إلى لحظة تنفجر في وجه الجميع، وأفضل موقف تم تسجيله بالأمس هو بيان رؤساء الحكومات السابقون حول «لادستوريّة» بيان رئاسة الجمهورية وهذا ما توقفنا عنده ونبّهنا عليه في مقال الأمس، حول «ما سمّاه البيان الأسس والمعايير التي حدّدها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان»، كان على أحد من ممثلي «الرئاسة الثالثة» وطائفتها أن يرفع الصوت في وجه الاعتداء الممنهج والمدروس والمتعمّد في قضم صلاحيات الرئاسة الثالثة تحت عناوين واهية ومختلفة، «لطائفة» الرئيس المكلّف سعد الحريري تقابل بتعنّت واستقواء واستفراد أيضاً، لذا كان من المهم أن «يضوّي الأحمر» عند ممثلي الرئاسة الثالثة.

نصَّ بيان «رفع العتب» الذي صدر بالأمس عن تكتل الإصلاح والتغيير، وهو تكتّل «الحزب الحاكم» أنّ «التكتل يعتبرها (تشكيلة الحكومة التي سلّمها رئيس الحكومة المكلّف لرئيس الجمهوريّة) تشكيلة رفع عتب، ويرفض الاحتكار بتمثيل الطوائف، لانه ضد الديموقراطية، ولذلك اعتمدنا النظام النسبي لتمثيل الجميع»، المشكلة مع «الحزب الحاكم» في كلمة «اعتمدنا النظام النسبي»، وهو يفسّر هذه النسبيّة كما يشاء، ويريد أن يأكل حقّ القوات اللبنانية ويحجّم حصّتها الوزارية كما يريد، بل ويريد أن يشارك تمثيل الطائفة الدرزيّة بمن يريد، ويريد أن يفرض نفس الأمر على الطائفة السُنيّة، هذا ليس تطبيق نسبية لنتائج الانتخابات بل هذا تصح فيه تسمية «رفع العتب بشرح أحاديث العجب» [كتاب لمحمد بن مصطفى الإسكندري].

هل نفهم من اتهام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري من قبل مستشار رئيس الجمهورية بالأمس بـ»المماطلة» أن كلام المستشار هو كلام الرئيس؟ من الذي يعطّل تشكيل الحكومة حتى اللحظة غير «الحزب الحاكم»؟ والبيان «رفع العتب» بالأمس عن تكتّل التيار الوطني الحر هو بيان إدانة له واعتراف فاضح بالمعطّل الحقيقي لتشكيل الحكومة حتى الآن!

نحن ذاهبون باتجاه أزمة كبرى، أزمة «أكل الصلاحيات» وللمناسبة لا يستطيع أي رئيس مكلّف أن يفرّط بحقوق الرئاسة الثالثة لأنّ هذا تفريط بحقّ الطائفة التي يمثّلها، لن يستطيع فريق إرجاع عقارب الزمن إلى الوراء، إلى ما قبل الطائف، وبيان كتلة تيار المستقبل كان واضحاً بالأمس في هذا الشأن «نتمسك باتفاق الطائف نصاً وروحاً وأي محاولة للخروج عنه هي محاولة للعودة بعقارب الساعة الى الوراء(…) الدعوات لإلزام الرئيس المكلف بمهل للتأليف تسعى عن سابق إصرار للذهاب الى أزمة مفتوحة لا طائل منها».

نعم، هناك من يسعى عن سابق إصرار وتصميم إلى أخذ البلاد باتجاه أزمة مفتوحة علّه يعدّل أو يعطّل الدستور والطائف باللعب على حبل اعتماد «النسبيّة» كما يريد فريق واحد فرضها على كل الأفرقاء الآخرين في تشكيل الحكومة العتيدة، وللمناسبة عطّلوا.. وماطلوا.. هذا الوقت الضائع مستقطع وضائع من عمر العهد!

ميرڤت سيوفي