Site icon IMLebanon

سعد الحريري محاوراً  داخل هيئة الحوار

استمرار الواقع اللبناني السياسي على ما هو عليه لا يقود الا الى المزيد من الشيء نفسه، وتبقى الأزمات على حالها دون حلول، ويتم ترحيلها من جلسة لمجلس الوزراء، الى جلسة لهيئة الحوار، ونقلها من تمديد الى تمديد، ومن عهد الى عهد… فما هو سر هذا العجز المتمادي عن ايجاد الحلول؟ يجيب كثيرون أن الخلل الجذري هو في النظام. ويصحح آخرون بالقول: هو خلل في الممارسة والتطبيق وليس في النظام نفسه. ويوضح غيرهم أن الخلل في تماسك الدولة والحكم والممارسة مما قاد الى تعميم الفساد، ووصل في أيامنا هذه الى درجة لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان، وان ما يقود الى العجز عن حلول للأزمات هو الخلاف على تقاسم الحصص سياسياً ومادياً. وهناك تفسيرات أخرى متباينة منها ما يتعلق بالشكل ومنها ما يتعلق بالمضمون. وكل ذلك قد يكون صحيحاً، كله أو جلّه أو بعضه… وعلى الأرجح هناك سر آخر، يجعل بعض المكونات السياسية يأخذ بالمبادرة، وبعضها الآخر ينغلق على نفسه ولا يتزحزح عن مواقفه مقدار شعرة…

نظام لبنان السياسي الطائفي مقيد بقيد فولاذي هو الميثاقية. وعندما تكون المكونات السياسية للطيف اللبناني – الأساسية في التركيبة اللبنانية – قوية في داخلها وتماسكها الذاتي، فإن القيادات اللبنانية المجتمعة والمتحاورة تتمكن من الوصول الى حلول شجاعة للأزمات المستعصية، ولو بدعم اقليمي أو دولي أو بهما معاً. وعندما يحدث خلل داخل أحد تلك المكونات الرئيسية يتعاظم التخوف من اتخاذ قرارات في أجواء هذا الضعف لأحد المكونات أو بعضها، فيقدم تنازلات قد تأتي على حساب هذا المكون الرئيسي بالذات. وواقع الضعف هذا لدى المكون المعني يدفع به أيضاً الى رفض التنازلات من الطرف الآخر المتمثل ب المكون القوي، لئلا يضطر هو نفسه الى التجاوب وتقديم تنازلات من طرفه ولكن من موقع ضعف، وليس من موقع قوة، كما هي حال الشريك الآخر في الوطن!

يقوم الرئيس سعد الحريري بجهود كبيرة للتعويض عن مرحلة غيابه الطويل والقسري خارج البلاد. ويتيح له شهر رمضان المبارك اعادة التواصل المباشر مع قاعدته الشعبية في مختلف المناطق. وهي خطوة ضرورية، ولكنها غير كافية. واستكمالها بخطوات اضافية قد يكون ضرورياً ليس فقط بالنسبة الى تصليب وتعزيز تماسك هذا المكون اللبناني الرئيسي وحسب، وانما أيضاً من أجل الدخول من الباب العريض على خط الحوار الوطني، وايجاد الحلول للأزمات المستعصية بالتعاون مع الشركاء في المكونات الأخرى في الوطن. والطريق الى ذلك هو أن يمسك الرئيس سعد الحريري بالقيادة على مختلف المستويات في تياره، ويتولى مباشرة ليس فقط رئاسة التيار، وانما أيضاً رئاسة الكتلة النيابية لتياره… والأهم من هذا وذاك أن يكون الرئيس سعد الحريري هو المحاور شخصياً في هيئة الحوار الوطني… ومثل هذا التطور قد يفتح أبواب الأمل بحدوث تغييرات ايجابية ليس فقط بالنسبة للرئيس سعد الحريري، وانما أيضاً بل أولاً، بالنسبة لاتخاذ قرارات وحلول للأزمات، في الهيئة نفسها!