يتعرض الرئيس سعد الحريري إلى أقسى أنواع الهجوم من الخصوم ومن الذين كانوا في أيام مضت من أهل الدار. ومعلوم أن دوافع الخصم الأقوى في تركيز هجومه على الحريري هي إبعاد التهمة عنه في تعطيل الانتخابات الرئاسية من أجل إبقاء ملفها ورقة يستخدمها ولي أمره في طهران للحصول على مكاسب لبلاده في المنطقة العربية من القوة الأعظم في العالم التي أصبحت بفضل رئيسها ووزير خارجيته القوة الأكثر تخاذلاً وتردداً في العالم. أما الخصم الآخر فكل همه الوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية مستنداً إلى أوهام قوة ورقة التفاهم مع «حزب الله» وإعلان النوايا مع حزب «القوات اللبنانية» مستخدماً في معركته الضروس «الميثاقية» التي وفق مفهومه تعطيه هذا الحق بصفته يمثل غالبية المسيحيين. ونسي أنه هو من ضرب بعرض الحائط الميثاقية التي ينادي بها يوم نقض اتفاق الدوحة وأسقط مع محوره حكومة سعد الحريري الذي يمثل غالبية المسلمين السنّة في لبنان. يا للعجب .. يعتقدون أن الناس أغبياء ولا يدركون أن اللبناني أصبح بما مرّ عليه من تجارب مرة ومآسي قاسية سببها له هؤلاء قادراً على كشف الأمور والتمييز بين من يريد مصلحة الوطن ومن يدمر الوطن في سبيل مصلحته.
أما من كان من أهل الدار فذهب في هجومه على الحريري إلى أبعد من هجوم الخصوم من أجل زعامة يريد بناءها من خلال النيل من الحريري وتحطيم صورته لدى جمهوره، ووصل به الأمر إلى القول بأن الحريري قد انتهى .. وأنه هو الذي ما زال يحمل إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري الوطني ويدافع عن نهجه ويتابع مسيرته الوطنية وليس نجله وحامل مشعله الرئيس سعد الحريري الذي وفق ادعائه تخلى عنهم .. ونسي صديقي معالي الوزير اللواء أشرف ريفي، الذي لا أشك أبداً في وطنيته، أن الشهيد الحريري وافق على كثير من الأمور ومنها التمديد للرئيس إميل لحود على مضض وضد قناعاته الشخصية والوطنية من أجل الحفاظ على استقرار الوطن وصوناً لوحدته الوطنية، وهذا ما يفعله اليوم الرئيس سعد الحريري من أجل إبعاد الوطن عن ارتدادات الزلزال الذي يضرب المنطقة العربية وعن كأس الفتنة المذهبية .
ونقول بكل محبة للوزير ريفي أنه من حقك السعي للوصول لما تعتقده مناسباً لك، ولكن بطريقة بعيدة عن التشنج والكراهية وخالية من الافتراء على زعيم وطني له امتدادات عربية ودولية ويضع مصلحة لبنان العليا فوق كل اعتبار. ويذكرني في هذا المجال قول الشاعر طرفة بن العبد: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند، وقول آخر بأن الكارثة ليست من الذي يطعنك في الظهر فهذا أمر طبيعي بل أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك.
لقد قيل في الوفاء أنه صفة إنسانية جميلة عندما يبلغها الإنسان بمشاعره ومحسوسياته فإنه يصل لأحد مراحل بلوغ النفس البشرية لفضائلها، والوفاء صدق في القول والفعل معاً، والغدر كذب بهما. ومن شيمنا وأخلاقنا نحن أهل بيروت الوفاء لمن وقف إلى جانبنا وضحى من أجلنا وعمل على إنماء مدينتنا وازدهارها، فكنا الداعم الأساس للرئيس الشهيد رفيق الحريري والسند القوي للرئيس سعد الحريري وسنبقى… ولم نجد منهما إلا كل الخير والحب والتضحية والوفاء.
ونحن على ثقة تامة بأن الرئيس الحريري لم ولن يفرط أبداً بإرث الرئيس الشهيد الوطني وأنه يتابع مسيرته مسيرة بناء دولة المؤسّسات العادلة والقادرة والباسطة شرعيتها على أراضيها بواسطة قواتها العسكرية والأمنية فقط، وأن كل ما يقال عكس ذلك هو تجنٍ وافتراء، وستشهد الأيام المقبلة عودة الوهج والروح إلى الحريرية السياسية بقيادة حامل رايتها سعد رفيق الحريري الذي أتوجه إليه بالقول.. إن بيروت يا دولة الرئيس هي معك على الحلوة والمرة وفي السراء والضراء.
() رئيس اتحاد جمعيات العائلات البيروتية