لم أرَ في حياتي حاكماً يكره شعبه كما يكره الحاكم شعبه اللبناني .
لا أقول هذا الكلام لأتجنّى على أحد، بل ماذا يعني أن يقول نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي ان لبنان دولة مفلسة.
هل يعلم معالي الوزير كم يسيء هذا التصريح للبنان في ظل الأوضاع المالية المتدهورة؟
وهل يُعبّر عن هذا الرأي انطلاقاً من مشروع محضّر من قبله، يريد من ورائه تحقيق أهداف لم يستطع العهد الفاشل ان يحققها حتى الآن.
أولاً، عندما يصرّح وزير في حكومة ما مثل هذا التصريح أقله يجب أن يكون التصريح صادراً عن مجلس الوزراء، لأن تصريحاً بهذا الحجم أكبر من معاليه وأكبر من موقعه وأكبر من مركزه.
مصير أموال الشعب اللبناني لا يَتَعَامَلُ معها مسؤول كبير بهذه الخفّة، إذا لم نقل إنها مؤامرة على القطاع المصرفي.
هل يعلم معالي الوزير ان كلامه أصاب أهدافاً لم يستطع الحكم الفاشل تحقيقها؟ وهل يعلم معالي الوزير انه لو صرّح بمثل هذا التصريح في دولة تحترم نفسها فلا بد من محاسبته، وأقل شيء ممكن اتخاذه بحقه هو السجن.
هذا الكلام الخطير الذي لا يتأتى عنه إلا الإساءة، ولا أحد يعلم لماذا صرّح بمثل هذا القول؟
هناك سؤال: هل نسّق معاليه مع رئيس حكومته؟ أو لا بد من أن نسأله: هل تباحث مع رئيس الحكومة بهذه القضية الخطيرة قبل أن يدلي برأيه؟ أم ان هذا التصريح جاء من بنات أفكاره العظيمة؟
لماذا الاساءة إلى القطاع المصرفي في لبنان؟ وهل يعلم معالي الوزير بماذا يضرّ هذا التصريح بعلاقات البنوك مع العالم العربي؟
ألا يكفي القرار المجرم بحق القطاع المصرفي الذي اتخذته الحكومة في عهد رئيس الحكومة حسان دياب من التمنّع عن دفع سندات اليورو بوند؟ وكم أساء هذا القرار الى علاقات القطاع المصرفي مع العالم؟ وهل يعلم الحكام ان قرارهم قد شوّه صورة لبنان ووضع الدولة اللبنانية في مصاف الدول الفاشلة؟
وإن نسينا فلن ننسى، عندما سئل فخامة رئيس الجمهورية إلى أين نحن ذاهبون ؟فكانت إجابته: بكل صراحة: «ذاهبون الى جهنم»، ولن ننسى تصريح فخامته الشهير «لعيون صهر الجنرال لا تتشكل حكومة»، فكيف يمكن لرئيس جمهورية أن يعيّن فاشلاً مرتين في الانتخابات وزيراً؟..
يا فخامة الرئيس لا يمكن لهذا الخطأ القاتل أن تمرّ مرور الكرام، وستبقى هذه السقطة في تاريخك الى أبد الآبدين.
ألا يكفي انك عندما عُيّنتَ رئيس حكومة عسكرية أيام الرئيس أمين الجميّل لمهمة وحيدة هي التحضير لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية فعلت كل شيء إلا الشيء الذي عُيّنت من أجله. أي انك تسببت بحربين: حرب التحرير وحرب الإلغاء ثم حين تحدّيت الرئيس حافظ الأسد متوعّداً بأنك ستكسر رأسه… ولكن في الحقيقة انه عندما سمعت صوت طائرات «السوخوي» فوق قصر بعبدا، هربت بالبيجاما، أي أنك ومن خوفك الشديد لم يكن عندك الوقت لتغيّر ملابسك، وكنت أول جندي يفرّ من أرض المعركة بعدما كنت قد أعلنت انك ستكون آخر جندي يستسلم في تلك المعركة… هربت الى السفارة الفرنسية ومنها الى فرنسا.
لكن القدر وحظ اللبنانيين السيئ أعاداك الى لبنان بمؤامرة من الرئيس السيئ الذكر إميل لحود الذي يشبهك «بالعسكرية» ويشبهك أيضاً بالفشل ويشبهك أيضاً وأيضاً بأنه يكره شعبه.
يكفي ما قلته اليوم ومع علمي بأن الكلام لا ينفع مع اشخاص يكرهون بلدهم ولكن أبشرهم: بـ«الآخرة فاخرة».