IMLebanon

مفعول فيهم!

 

 

أعترف بأن بعض التعابير، ذي الصلة بالحال الحكومية، يستفزني، قدر ما يثير الأسى والاشمئزاز والقرف، ناهيك بالهم والغم على مصير وطن نشهد، من أسف شديد، على انهياره الكبير، يوماً أثر يوم.

 

ويبدو أننا قوم نستطيب المبالغات، ونألف الشطحات… ولكن الأكثر غرابة أننا نصدق أنفسنا، ونتباهى بمبالغاتنا.

 

من تلك التعابير أن يدعي فلان أو علتان أنه «يضحي» فيقبل بأن يتولى هذا المنصب أو الموقع أو المسؤولية. وكلما كان المنصب أعلى مقاماً ورفعة، ادعينا أن التضحية أكبر، وذهبنا إلى حد المطالبة بالتعويض عن العطل والضرر!.

 

وأما التضحية فتبلغ ذروتها عندما يكون الكلام عليها مشفوعاً بتعبير «كرة النار». وهذا يبلغ ذروته عندما «يضحي» الواحد فيقبل أن يكون في موقع رئاسي «حاملًا كرة النار».

 

ويكاد يكون الأمر مقبولاً، أو مفهوماً، أو يمكن الصبر عليه، لو ينتهي الأمر عند هذا الحد… ولكن ثمة تعبير آخر يضاف إلى ما تقدم من نوع «من أجل المصلحة العامة ومصلحة الشعب» إلى ما هنالك. فصاحبنا يتكبد التضحية الكبرى، ويتلقف كرة النار، فقط من أجل المصلحة اللبنانية العليا ومصلحة اللبنانيين «الغلابى» الذين سيضيء صاحبنا، إياه، أصابعه العشر إكراماً لهم!

 

ومن نافل القول أن نتحدث فنروي الوقائع بالأرقام والتفاصيل عما يحدث بعد أن يصل المضحي فيستقر سعيداً في الموقع… فنبحث عن كرة النار، ولكن عبثاً أن نجدها بين يديه! إذ سرعان ما تنتقل إلى أيدي الناس «الغلابى» فعلاً، والذين يكونون في معاناة ، فتتضاعف معاناتهم، ويكونون فقراء فيصبحون تحت خط الفقر، معدمين.

 

وأما تبريرات ما يحل بالبلاد والعباد فإنها، هي أيضاً، لها تعابيرها التي لا يتسع المجال للدخول في تفاصيلها هنا، وتقتضي  عجالة بذاتها، قد نعود إليها ذات يوم.

 

ونستنتج من ذلك أن القيمين على شؤوننا يستخفون بعقول الناس من دون أي رادع أو وازع.

 

والأنكى أن هناك من يصدق، والأكثر إيلاماً أن هناك، من الانتلجنسيا المعروفة، من لا يصدق ولكنه يمتهن النفاق وينظر للتضحية وكرة النار والعمل ليلاً ونهاراً من أجل اللبنانيين الذين لشدة ما عملوا من أجلهم باتوا مفعولاً فيهم.