الأبرز في حملة المرشحين إلى الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب كان أنّ حملتهما فاضَت بالفضائح، وبدل أن يقارن المقترع بين الانجازات ليضعها في الميزان الرئاسي ويختار على أساسها، كانت الفضائح هي سيّدة الموقف.
كلينتون ساعدتها الدقة في اختيار العبارات، في حين أغرقت ترامب عباراته المتسرّعة التي نمّت عن عدم خبرة سياسية، على رغم خبرته المالية التي يقال إنّه أخذها من والده فريد طيباوي، الذي هو من أصول سورية بحسب وثائق دائرة الهجرة الاميركية العائدة الى القرن التاسع عشر، فلم يسعفه مثلاً طرحه المتسرّع بأنّه سيبني جداراً على طول الحدود المكسيكية، ليشكل هذا الطرح وفق الكثير من الأميركيين الذين يتحدرون من أصول لبنانية وعربية جداراً منيعاً يمنعه من الوصول الى البيت الأبيض؟
الباحثة في علم الاجتماع السياسي السيدة ميرنا زخريا، التي سبق أن راقبت عن قرب الانتخابات الرئاسية حين فاز الرئيس باراك اوباما والتقت الرئيس جورج بوش في البيت الابيض مع عدد من السيدات العربيات، تعتقد أنّ ميول الناخب العربي تأرجحت بين المرشحين، لكنّ المواطن المقيم في اميركا أزعجه كلام ترامب الذي امتلأ بالمواقف العنصرية والتطرّف حين تناول المسلمين والمهاجرين، الأمر الذي أثر سلباً في الناخب العربي، أمّا الناخب المقيم في الشرق فأزعجته تسرّبات «ويكيليكس» التي ربطت كلينتون بالإرهاب، الأمر الذي أثر أيضاً سلباً في العربي الموجود في الدول العربية.
وتشير زخريا التي يقيم أبناؤها في اميركا إلى أنهم سيصوتون لكلينتون، سائلة: «هل يعقل أن يعلن مرشح رئاسي في هذا العصر أنه سيبني جداراً على طول الحدود المكسيكية؟».
جوانا وهبه، الطالبة في كلية العلوم الاجتماعية والمقيمة في نيويورك، تقول انها انتخبت كلينتون «لأنّ لها باعاً طويلاً في السياسة. وقد تَمرسّت، ولا سيما في عهد زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، كما أنها تناصر حقوق المرأة»، فيما تَصف ترامب بأنه «مزحة الجمهورية»، حتى انّ العاقلين في الولايات الأميركية يطلقون عليه لقب «مزحة الرئاسة الأميركية».
أمّا الأميركي – اللبناني الأصل كريم نجّار الذي يعيش في ولاية تكساس، فيكشف لـ«الجمهورية» أنّه «صوّت لكلينتون لأسباب عدة، منها أنّه يؤيد منصة كلينتون التقدمية التي ساعدت المرشح السابق بيرني ساندرز في خلقها». ويعتبر أنّ كلينتون «مؤهلة لتحمّل هذه المسؤولية بخلاف ترامب النرجسي غير المستقر وغير الصالح ليكون رئيساً، فهو يشجّع على الكراهية والانقسام ما يُعتبر خطراً كبيراً على اميركا والعالم».
ولفت إلى أنّ ترامب «قدّم وعوداً غير واقعية وفارغة، وحلولاً غير واقعية ايضاً»، موضحاً أنّ «لكل ولاية قوانينها الإنتخابية، حيث صوّت عبر الكمبيوتر الذي يقدّم للناخب خيارات عدة، فيما صوّت الناخبون بطرق مختلفة في ولايات أخرى».
بيتر الياس، المقيم في ولاية نيوجيرسي، يقول لـ«الجمهورية» إنّ رأيه في الانتخابات الاميركية مُشابه لرأي كثيرين من اللبنانيين الذين لم يشاركوا في العملية الانتخابية»، مؤكداً أنّه لم يشارك، مبرراً قراره بأنّ عدد سكان اميركا يقارب الـ300 مليون مواطن، فهل من المعقول أنهم لم يجدوا سوى مرشّحَين اثنين في كلّ أرجاء البلاد ليتنافسا على الرئاسة؟». ويسأل: «أين عباقرة اميركا ونوابغها؟ إن في الشأن الاقتصادي أو المالي أو الديبلوماسي، فهل يعقل أن تختصر عظمة اميركا بهذين المرشحين؟!».
ويلفت إلى أنّ أكثرية اللبنانيين الموجودين في محيط المقاطعة التي يقطنها، أي نيوجرسي، ميّالون للاقتراع الى كلينتون «لأنّ رب العائلة ينتظر ويتأمل بالوعود التي أطلقتها في شأن التعليم المدرسي والطبابة، خصوصاً أنها سيدة وربة عائلة، وقد دعمت في خطاباتها الشعب الفقير والمتوسط الحال ووعَدته بالمساعدات وبخدمات إجتماعية شبه مجّانية، وبمحاربة الإرهاب والحد من انتشار الأسلحة ومصانعها». ويضيف الياس: «أمّا ترامب فلا يحظى بثقة غالبية اللبنانيين او العرب عموماً، فهم يتوقعون اندلاع الحرب في حال وصوله الى سدة الرئاسة».
لكنّ الياس لم يستبعد أيضاً وصوله، مُنبّهاً الى فرضية أن تكون الولايات المتحدة قد مَلّت من السياسة الضعيفة التي اعتمدها نظامها الحالي ولا سيما في الصراعات الخارجية، وكلينتون تنتمي الى هذا النظام».
ويشدد في المقابل على أنّ غالبية المواطنين في نيوجرسي ونيويورك يؤيّدون النظام الديموقراطي وليس الجمهوري، بحيث يطلق على المقاطعتين لقب «المقاطعات الزرق»، أي «blue state». ويُبدي الياس حزنه لأنه لن ينتخب في اميركا، لكنه يشعر بحزن أكبر «لأنه لم يتمكن أيضاً من الإنتخاب في لبنان»، آملاً أن يتحقق حلمه مع عائلته، المؤلفة من 7 أفراد، في العهد الجديد.