يستلذون اللعب. ويتفنّون به. ويمارسون هذه «الهواية» على اللبنانيين في كل شيء تقريباً.
هذه حالنا معهم في الإنتخابات الرئاسية،
وفي تشكيل الحكومة،
وفي قانون الإنتخاب (…).
إنها اللعبة القذرة ذاتها: لعبة شد الحبال، بل قل: لعبة شدّ أعصاب اللبنانيين حتى الوتر الأخير، وربّـما حتى النفس الأخير.
تمر الأشهر، وتمرّ الأسابيع، وتمرّ الأيام، ثم تمرّ الساعات والقوم يحترفون شدّ أعصابنا لأن كلاً منهم (أطرافاً وقيادات وكتلاً وأحزاباً وتكتلات) يريد أنْ يشدّ اللحاف الى فراشه، وعمره الآخر لا يحظى بغطاء!
إنهم يتفنّنون في اللعب بأعصابنا.
يتدخل مصرف لبنان لحماية العملة الوطنية. لا يهمهم… فعملتهم ليست وطنية في أي حال.
تتهالك السياحة على نفسها للوقوف، ولو باهتزاز، في وجه العاصفة… هذا أيضاً لا يعنيهم.
تضرب الزوابع والعواصف والزلازل المنطقة بحروب قائمة وحروب معلَنة وحروب مضمرة… فليكن، وعلى قفا قفاهم!
تستنفد الهجرة شبابنا، نسغ الحياة في الجسم اليباس، لا يهمهم، فأبناؤهم مؤمّنون وراثة وأموالاً ونفوذاً…
إنهم يتفنّنون في اللعب بأعصابنا.
يتعاملون مع البلاد والعباد بنفسيّة «سادية» مريضة، ويريدون منّا أن نكون مرضى الوجه الآخر للسادية. يريدوننا «مازوشيين» نتلذذ بالسياط تلهب ظهورنا: سياط لعبهم وتلاعبهم، سياط إختلافهم على الكبيرة والصغيرة. سياط أشداقهم المفتوحة من أجل الصفقات على أنواعها… (أجل على أنواعها ولا نستثني). سياط إعتبارهم هذا الوطن بقرة حلوباً يستحلبونها حتى آخر نقطة، حتى إذا جفّ ضرعها تناهشوا لحمها، ثم إستمرأوا عظامها، ومن ثم على جلدها يقترعون!
إنهم فاشلون في كل شيء تقريباً، ولكنهم «ناجحون» (وبامتياز، فلنعترف) في دفعنا الى اليأس والفقر والهجرة و «التعتير» على أنواعه.
فلماذا يمارسون علينا لعبتهم القذرة؟
لماذا اللعب في الدقائق الأخيرة والثواني ما بعد الأخيرة؟
لماذا يريدوننا أن نحبس أنفاسنا في صدورنا التي ضاقت بـ«إنجازاتهم» حتى تعذّر الشهيق فيها والزفير.
ولكن.. «براڤو». و«عفارم» يا سادة… ولكن «براڤو» حقيقية لسعد الحريري الذي رافق مسيرات الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب بإيجابية نادرة، وليتهم استمعوا اليه من البداية.
يا أيها القوم. تهنئة من القلب، لأننا لو لم نكن نستحقكم لما كنتم تركبون على ظهر هذا الشعب المنكوب بكم والذي كتبتم له وعليه ألاّ يعرف ساعة هناء وبرهة سعادة ولحظة طمأنينة وهنيهة راحة بال.