IMLebanon

زيارة الصدر للسعودية.. بداية التغيُّرات السياسية؟

في وقت تطغى التطوّراتُ الميدانية على السياسية منها في الساحات الإقليمية، وينهار تنظيم «داعش» رويداً رويداً من الموصل إلى الرقة، يبرز عدد من التطوّرات السياسية التي يجب التركيز عليها مثل زيارة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر للمملكة العربية السعودية بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إليها،

ما يُؤشّر إلى تغيّراتٍ سياسية آتية.

قال الأستاذ المحاضر في العلاقات الدولية الدكتور وليد الأيوبي لـ«الجمهورية»: «بدءاً من الزاوية المنهَجية، لم يكن الصدر أبداً حليفَ إيران أو أميركا أو أيّ دولة، ولم أرَ قط أنّه في هذه الخانة». وأضاف أنّه «كان دائماً متميّزاً ومختلفاً ووطنياً عراقياً، وكان أيضاً قومياً عربياً، وهذه الأبعاد تراها في شخصيّته»، مشيراً إلى أنّه «بالتالي ليست مستغرَبةً زيارتُه للرياض التي تُعتبر طبيعية، لأنّها تنسجم مع خلفيّته الفكرية والدينية والسياسية وبكل أبعادها الوطنية والقومية والإسلامية». وشدّد الأيوبي على أنّ «سببَ قيامه بهذه الزيارة هو التقارب السعودي – العراقي حيث زار رئيسُ الوزراء العراقي حيدر العبادي الرياض في حزيران الماضي والتقى قياداتها»، موضحاً أنّ «العلاقات بين البلدين بدأت تتحسّن، وبالنسبة للسعودية فالمعيارُ واحدٌ وهو: كُلّما كانت السياسةُ العراقية مستقلّةً عن طهران ووطنية كُلّما استطاعت الاقتراب منها». وتابع أنّ «الرياض لا يمكنها الاقتراب من بغداد وهي مقطورة من طهران أو غيرها»، مؤكّداً أنّ «العراق في ظلّ العبادي أفضل وضعُه ممّا كان عليه مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، حيث كان البلدُ منغمِساً جداً ومقطوراً بنحوٍ غير مسبوق في أحضان السياسة الإيرانية وأهوائها في الإقليم».

بعدٌ وطنيّ

إلى ذلك، إعتبر الأيوبي أنّ «هناك أرضيّةً مهّدت للزيارة، والسعودية لديها نظرة سياسية إلى العراق أكثر منها نظرة طائفية، فيهمّها البعد العراقي والقومي أكثر من البعد الطائفي السُنّي أو الشيعي»، مضيفاً أنّ «التقاربَ يحصل على هذا الأساس، ولا أقول إنّه سيؤدّي إلى انتفاضة بغداد على كلّ أشكال الهيمنة التي تُمارَس عليها، فالموضوع يحتاج إلى وقت لكن هذه هي البداية». وتابع أنّ «النزاع السعودي – الإيراني على العراق هو على قدم وساق، وهناك نزاعٌ إقليمي عليه (العراق) لأنّه ساحة للنزاعات الإقليمية والدولية»، لافتاً إلى أنّ «السعودية وإيران ضمن الفِرَق على هذه الساحة، والكلّ يُحاول شدّ الحبل إلى جانبه وما يتناسب مع رؤيته». وأوضح: «لو إقتنع هؤلاء الفرقاء بترك العراق أن يكون وطنياً، لكانوا أبعدوا المنطقة من كلّ الحروب التي حصلت لأنّ هذه النزاعات الآن لن تؤدّي إلى انتصار فريق على آخر فالتجاذبُ الإيراني – السعودي هو أيضاً تجاذبٌ أميركي – روسي علماً أنّ هذا البلد جزءٌ من محاصَصة دولية».

وأشار إلى أنّ «زيارة الصدر تنسجم أيضاً مع عملية القضاء على تنظيم «داعش» الذي هو عدوٌّ مشترَك للسعودية والعراق وإيران، فضلاً عن أنّ القضاءَ على التنظيم مهّد الطريق لهذه الزيارة»، معتبراً أنّ «القضاء على داعش مهّد الطريق أيضاً لزيارة وفدٍ سوريّ رفيع إلى بغداد قبل أشهر، وغيرها من الزيارات».

إعادة الإعمار

أمّا في خصوص إعادة إعمار المناطق المحرَّرة من «داعش»، فقال الأيوبي إنّ «تقاسمَ الحصص في موضوع إعادة الإعمار مبكرٌ لكن يمكن أن يُجرى بنحوٍ بطيء». وأكّد أنّ «الموضوع الأساس دائماً هو تقاسمُ الحصص في النفط والغاز في المنطقة، خصوصاً العراق الذي يختزن عدداً كبيراً جداً من حقول النفط والغاز»، مشدّداً على أنّ «هذه الحقول يمكنها أن تُغيّرَ مسارَ التوجّهات الدولية كلها إذا أخذت في الاعتبار الغازَ القطري والعراقي والنفطَ السعودي». وقال: «هنا مكمن الخطر والموضوع والحلّ، والسعودية لا تريد لـ«الهلال الشيعي» أن يكتمل، إلى جانب روسيا لأنّه سيُشكّل خطراً على روسيا التي هي المُصدّر الأوّل للغاز إلى الأسواق الأوروبية». الأيوبي لـ»الجمهورية»: كُلّما كانت السياسةُ العراقية مستقلّةً كُلّما استطاعت السعودية الاقتراب منها