يقتضي الإنصاف الإعتراف للقوى العسكرية والأمنية بالإنجاز الأمني الكبير الذي تحقق بفضل ما بذلته من جهود، ليحتفل اللبنانيون بالأعياد في وضع أمني أكثر من ممتاز. ولربما كانت الحال الأمنية الباهرة التي نعم بها المواطنون وجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية من أبرز ما عرفه هذا الوطن حتى قبل الأحداث.
ولقد نجح وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف ثم القيادات الأمنية ومن ثم قيادات القوى والوحدات المنتشرة على امتداد رقعة الوطن… نجحوا في بث الإطمئنان في النفوس. ذلك إن كثافة الإنتشار تركت إنطباعاً فورياً مباشراً، خصوصاً لدى الساهرين والمتنقلين ليلة عيدي الميلاد ورأس السنة، بأنّ الأمن مستتب، وبأن العين الساهرة… ساهرة فعلاً، وليس الأمر مجرّد تسمية فارغة من أي مضمون.
وكم كان لافتاً الأسلوب الراقي، المحترم والأخوي (…) الذي تعاملت به تلك القوى مع المتنقلين على الطرقات، ما بث دفئاً في الليلة الباردة، وكرّس أكثر فأكثر الإنطباع بأن قوى الجيش والأمن الداخلي هي من الناس وإليهم، وأن ضباطها وعناصرها في خدمتهم وليسوا «جلاوزة» عليهم.
ومن خلال التجربة الشخصية والمباشرة يمكننا التنويه بالأسلوب اللائق والراقي الذي استخدمه ضباط وعناصر الحواجز الثابتة والسيّارة في مخاطبة الناس بتهذيب ولباقة وهدوء لافت.
إن هذه التجربة التي مرّت على لبنان أثبتت أهمية كبيرة وأعطت نتائج مهمة، في وقت كانت ثمة مخاوف، نفسية على الأقل… ولكنها سرعان ما تبددت أمام الطمأنينة التي بثها في النفوس والقلوب هؤلاء «الجنود المجهولون» الذين (عن حق وحقيق) سهروا في العراء لنسهر في المطاعم والنوادي والمنتجعات. واستمروا ساهرين الى ما بعد أن أوينا الى الفراش… فاستحقوا هذه الكلمات عربون وفاء وتقدير وليس فقط عرفان الجميل.
وبعد،
منذ الصيف الماضي الى اليوم، منذ عملية «فجر الجرود» الى «عملية» الأمن في الأعياد، يتبين بلا أدنى شك أنّ الإستثمار في الأمن هو أهم الإستثمارات في لبنان، خصوصاً في هذا الزمن حيث الأمن هو المدخل الى الإستقرار الذي هو المدخل الى نمو وتطور الإقتصاد والمال والأعمال، ليس في لبنان وحده إنما في العالم أجمع. كما أن الأمن بات هاجساً في مختلف أنحاء العالم.
من ميدان القتال ومقارعة الإرهاب والتغلب عليه وإسقاطه، الى الشوارع والأوتوسترادات والساحات والمعابد، وسواها (…) يتميز لبنان ليس فقط عن بلدان المنطقة بل عن بلدان العالم قاطبة من الناحية الأمنية. وتلك ميزة يجب إستثمارها على نطاق سياحي واسع…
… ولتخرس أبواق ضاربي الرمل والبصّارين وسائر القيمين على موسم النفاق عشية العام الجديد، خصوصاً من كانوا يتحدثون بالشؤم وبنعيق الغراب… فهذا الوطن بألف خير.
وإذا لا سمح اللّه وقع أي حادث أمني، فهذا يقع العديد مثله في جميع انحاء العالم وفي بلدان عظمى… ولقد لا يكون الحق كله على هؤلاء الثرثارين، بل كذلك على من يفسحون لهم في المجال والشاشات.