يكاد عدد كبير من الزعماء والسياسيين وحيتان المال الحرام في لبنان ان يقلبوا على ظهورهم من الضحك، وهم يقرأون فصول وأصداء القنبلة التي تجتاح عواصم العالم منذ يومين والتي تعرف باسم “أوراق بناما”.
“أوراق بناما” تتحدث عن فضيحة التهرب من الضريبة وتبييض الأموال وإيداعها في ملاذات آمنة، بمعنى انها تبقى بعيدة عن المحاسبة وثانياً بعيدة عن دفع ما يتوجب على أصحابها من ضريبة تصاعدية كبيرة.
قال بنام قال، تعالوا الى لبنان ايها التعساء!
نعم تعالوا الى الجنة اللبنانية حيث لا يحتاج أحد من الحيتان الى ملاذ آمن لأن لكل ملاذه الآمن الشخصي، اما الحديث عن تهرّب الرؤساء والزعماء والقادة من دفع الضرائب فتلك نكتة الموسم في لبنان السعيد، لأن ليس هناك من يدفع الضرائب سوى اولئك المضروبين على قلوبهم ورؤوسهم، ولأن الذين يتجرأون على مطالبة الأبواب العالية بدفع ما يتوجب عليها من الضرائب يتعرضون عادة للضرب وربما لما هو اسوأ من الضرب.
نحن لا نتحدث عن الملايين المنهوبة من المال العام ولا عن الصفقات والسمسرات والفساد المتوحش ولا عن تلزيمات النهب الفاحش… حرام، نحن نتحدث مثلاً عن جباة الكهرباء الذين كانوا يعودون والدماء تسيل من رؤوسهم المفدوغة لمجرد انهم قرعوا بعض الابواب حاملين الفواتير.
أولم تهدد المؤسسة في وقت من الأوقات بنشر أسماء الزعماء والسياسيين والأحزاب والوزارات والسفارات الذين لا يدفعون الفواتير وقد تراكمت بالملايين، ثم عندما تسربت بعض الاسماء أولم تتعرض المؤسسة لضغوط رسمية لأنها خدشت من غير شرّ حياء الذين يعتبرون أنفسهم ملائكة وآلهة؟
كم تبدو السلطة قذرة في المطلق سواء أكانت سياسية أم رياضية أم مصرفية عندما تكشف أوراق بناما عن تورّط 140 زعيماً سياسياً حول العالم بينهم 12 رئيس حكومة في هذا التهرب الضريبي وفي تبييض المال القذر، وعن ان هناك بيانات تدين أكثر من 214 ألف شركة في أكثر من 200 دولة ومنطقة في العالم!
ولكن كم تبدو القذارة مرعبة في لبنان عندما نتذكر ان التهرّب من الضريبة ليس عيباً عندنا بل شطارة، وان السرقة حذاقة، والنهب موهبة، والغش إبداع، وأكل المال العام حلال، والتزوير فن، والسطو على الحقوق مقدرة، وسلب حقوق الدولة حق مكتسب من لحم البقرة المعلقة في المسلخ السياسي؟
لكنها بالنسبة الى الحيتان تبقى شطارة و”الشاطر ما يموت”، واذا كان فلاديمير بوتين وديفيد كاميرون ورئيس الأرجنتين في طليعة كرة ثلج الفضيحة البنامية التي ستلوث مئات الاسماء حول العالم، فإن الكثيرين يقلبون على ظهورهم من الضحك في بيروت وهم يسخرون: قال بناما قال!