Site icon IMLebanon

“ع.ع.ع” مختصر اسم “العاطلين عن العمل” وعائلة طلبت استبدال العدس بشامبو للاستحمام

 

تختصر حروف “العين” الثلاثة (ع.ع.ع) كلمات باتت مشهورة بين العمال (عاطل عن العمل)، ومعها مصير آلاف من أبناء صيدا الذين وجدوا أنفسهم فجأة غير قادرين على العمل، بعدما توقفت دورة الحياة التي تأثرت سلباً بمراحل متعددة، بدءاً من الأزمة الاقتصادية الخانقة، مروراً بـ “الثورة الشعبية”، وصولاً الى الوباء العالمي، فأقفلت المؤسسات والمحال التجارية التي يعتاشون منها، صرف كثير منهم بين ليلة وضحاها، ولم يجد العمال المياومون سبيلاً للقمة عيشهم، في ظل اعلان “التعبئة العامة” و”حال الطوارئ الصحية” التي اعلنتها الحكومة اللبنانية لمواجهة تفشي “كورونا”.

 

بغضب، تعبر المربية إيمان حنينة، عن الأسف الى ما آلت اليه الاحوال الاقتصادية والمعيشية، باتت تسمع وهي إحدى الناشطات في “حراك صيدا”، بقصص مؤلمة عن عائلات تعيش ضائقة مالية بعيدا من أي تفرقة، بحسب الانتماء أو الجنسية، تقول لـ “نداء الوطن” انها واقعية “مية بالمية”، قبل ان تضيف: “الناس تركت لمصيرها المجهول القاتم، كثيرون من السياسيين وأغنياء المدينة أغلقوا ابوابهم، وأقفلوا هواتفهم، وغابوا عن السمع كأن لا شيء يعينهم، فيما العائلات الفقيرة والمتعففة تبحث عن أي شيء يسد رمقها، مقابل مبادرات فردية وجماعية، رغم قلة امكانياتها، الا انها وجدت صدى ايجابياً وطيباً لدى أبناء المدينة الذين كانوا يتوقعون اغاثة رسمية أفضل وأسرع”.

 

حكايات واقعية

 

قصص وحكايات، مختلفة التفاصيل، توحدها الفاقة والجوع والمعاناة من الغلاء وارتفاع الاسعار. ففي هذا الحي، تسمع عن أرملة عملت مدّة طويلة في الخياطة وربّت ابنتين بعد وفاة زوجها من كدّ يمينها وعرق جبينها، الى ان استطاعت شراء شقة لتعتاش منها، توقّف المستأجر عن دفع الإيجار، وفي كلّ مرّة تتم مراجعته يردد العبارة “طوّلي بالك علينا، الأمور صعبة”، وفي ذلك الحي المعادلة نفسها بالمقلوب، لم يستطع فلان تسديد ايجار المنزل الذي يقطن فيه، لم يعد يعمل نتيجة الحجر المنزلي، واقفال مؤسسته، فيما الصرخة الكبرى من معلّمة “مستورة” في مدرسة خاصّة، وهي منذ أشهر لم تتقاضَ راتبها، واشتدت الأزمة ولم تعد قادرة على مساعدة عائلتها.

 

وتؤكد نسرين حبال ان الناس ضاقت ذرعاً من الانهيار الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة والجوع، وتقول لـ “نداء الوطن”: “خلال مبادرة اغاثية صيداوية، قرع ناشطون الباب على جارتي وقد جاء جوابها صادماً، اذا أمكن استبدال حصة العدس بـ بعبوة من “الشامبو”، نريد الاستحمام ولا قدرة لنا على شرائها، في زمن “كورونا” والغلاء وارتفاع الاسعار بشكل جنوني”.

 

في المقابل، لا يخفي رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي اهمية التضامن والتكاتف الذي شهدته المدينة لمواجهة تداعيات “كورونا”، ويقول: “إن صيدا نجحت كبلدية وفاعليات وجمعيات أهلية في أن تكون يداً واحدة في المواجهة، والبلدية باشرت بتسليم مندوبي الجمعيات الأهلية المعتمدة قسائم المساعدات الشرائية، التي قدمها المجلس البلدي بقيمة مليار ليرة لبنانية بموافقة ديوان المحاسبة، لدعم صمود المواطنين في منازلهم بمواجهة تداعيات أزمة كورونا”.

 

وحيا السعودي جهود لجنة إدارة الأزمات والكوارث ولجنة الطوارئ ومندوبي الجمعيات المشاركة، وكل من ساهم في إنجاح هذا العمل، قائلاً: “عملية تسليم القسائم للمواطنين بوشر بها بإشراف لجان البلدية (إدارة الأزمات والكوارث والطوارئ) من قبل متطوعي ومتطوعات الجمعيات، الذين انتشروا في أحياء المدينة ومعهم اللوائح الإسمية تم اعتمادها وفقا للإستمارات الإلكترونية والطلبات التي قدمت أيضاً عبر الواتساب ويدوياً”.

 

توازياً، تضامن تجار صيدا مع قطاعهم ومدوا يد العون للموظفين والأجراء والعاملين في المؤسسات التجارية، حيث وزعت عليهم “جمعية تجار صيدا وضواحيها” مساعدات غذائية، تساعدهم في مواجهة الظروف الصعبة الناجمة عن ازمة “كورونا” وتداعياتها الاقتصادية والمعيشية، وأوضح رئيس الجمعية علي الشريف، ان “آلية توزيع هذه المساعدات تعتمد ما يرد الى الجمعية من التجار من لوائح اسمية، وسنستمر بهذه المبادرة لأن هناك حاجة لذلك”.

 

ميدانياً، أبلغت مخابرات الجيش اللبناني، صيادي الاسماك بوقف رحلات الصيد، ابتداء من الليلة، وذلك بعد حصول ازدحام خلال عملية بيع السمك امام سوق “بيع السمك” بالجملة – “الميرة”، التي ما زالت مقفلة منذ ايام عدة في اطار الاجراءات لمنع تفشي “كورونا” وبعد وقوع اشكال داخلها. وليلاً، أعاد الجيش اللبناني السماح للصيادين بالصيد بعد اتصال أجرته النائبة بهية الحريري بالمعنيين في مخابرات الجيش اللبناني، وإثر تعهد نقابة الصيادين بالالتزام بالتعليمات وبتدابير التعبئة العامة وتنظيم عملية عرض وبيع السمك، من دون الحاجة لتجمعات يمكن ان تشكل مصدر خطر انتقال “كورونا”.