هؤلاء الموارنة الذين قيل عن بطاركتهم واساقفتهم: «صلبانهم من خشب وقلوبهم من ذهب، والذين كانوا الرواد في تعليم المرأة بعد قرار مجمعهم العظيم في دير سيدة اللويزة سنة 1736 وكانت لهم المساهمة الكبرى في ترجمة الكتاب المقدس مع الحاقلاني La golyglotte او الى تأسيسهم وتدريسهم في College de France او الى تأسيس المكتبات مع السمعاني وقد قيل عنهم «عالم كماروني » حتى انهم دفعوا المال لتحرير ملك فرنسا (انطوان عقل) وقد دفع لهم احد الخلفاء الجزية ليسلم من مهاجمتهم مؤخرة جيوشه (الاب بطرس ضو).
نتكلم عنهم في ابداعات وحركة النهضة العربية ام الثورة السياسية والفكرية والاجتماعية والمسرحية والشعرية والفنية ام عن اولى المطابع في الشرق في دير مار انطونيوس قزحيا ام في حركاتهم التأسيسية الكبرى من انتخاب اول بطرك لهم يوحنا مارون وصمودهم هنا في لبنان يوم هرب جميع البطاركة الشرقيين الى القسطنطينية من امام الاجتياح الاسلامي حتى النداء الاخير للبطريرك نصرالله صفير او البيان الاخير للبطريرك بشارة الراعي الى تأسيس المدارس، من مدرسة تحت السنديانة الى حوّما الى بان الى ميفوق الى مار تقلا الى الشبانية الى المعوش الى دير القمر الى مشموشة الى سيدة البشارة اخيراً.
ـ ديار الـ 800 جرس ـ
بين قورش وبراد وكفرنبو واكده ونياره وزبينا وقبرص والمدن المائتة التي كتب عنها جورج شالتكو والاب بطرس ضو وهنري لافسس وغسان الشامي والاباتي بولس نعمان مساحة جغرافية كانت تحوي يقول المؤرخون اكثر من 800 جرس يسمعها اصفغياء الله الذين تكلم عنهم تواروريطس ومن هؤلاء الاصفياء مار مارون ومار سركيس ومار سمعان والكثير سواهم ممن يعيشون في العراء او على الاعمدة.
والجدير ذكره ان هناك كتاب: مختصر تاريخ الكنيسة للاب Lomonol وقد طبع في الموصل سنة 1892 وفيه فصل خاص عن مار مارون.
ـ مار مارون النموذج الفريد توفي سنة 410 ـ
مار مارون نموذج فريد بين النساك لقد تبع الله على طريقته الخاصة وبقي على علاقة خاصة ومباشرة مع الناس وهو اسس كنيسة وليس بطريركية او نظرية لاهوتية خاصة به كنسطور واريوس بل اسس طريقة عيش ومثال وقدوة حياة (Archefype) ارخيبتا في الزهد والنسك والتصوف والتقشف والبساطة واتباع الوحيد المطلق الازلي وتبعه الكثير من الشعب في نمط سلوكه وعيشه هذا وليس بطروحات لاهوتية فلسفية فكرية بل التزام حياتي بالاقتداء بيسوع المسيحي الاله المتجسد. عاش التجسد.
ـ مار مارون لم يأت الى لبنان ـ
مارون نسك في العراء على ظهر جبل قورش في سوريا، نموذج فريد من النسك في البرد والحر والثلج، لا غطاء له الا السماء ولا فراش له الا الارض قريب وبعيد من الناس مثله هذا جذب الكثير من الناس الذين توافدوا اليه وقد احبوا نهجه ومثاله واتباع سلوكيته ومدرسته الايمانية الزهدية المتصومعة بشظف العيش والتجرد من شهوة المال وشهوة الجسد ومجد العالم بتواضع سمي بعملية اخلاء وافراغ للذات Genose تطهيرية Cath aries كاملة. هؤلاء الناس سموا الموارنة او اتباع مار مارون.
مارون لم يأت ولم يزر لبنان. عاش ومات ودفن في سوريا. لكن مدائن الشط من صور الى صيدا الى الجيه الى بيروت الى جونيه الى طبرجا الى جبيل الى البترون الى انفه الى طرابلس مأهولة بجماعات مسيحية. لانها كانت طريق الرسل من اورشليم الى انطاكية الى القسطنطينية الى روما.
وكذلك طريق السهل والبقاع وارض زبولون ونفتالي طريق الامم مروراً بمرجعيون حتى زحله والفرزل وبعلبك وصولاً الى النهر الكبير وحمص.
وعندنا أسماء شهداء وقديسين كثر تدل على وجود هذه الحواضر والجماعات المسيحية: كريستينا الصورية، اكويلينا الجبلية وفي السهل بربارة البعلبكية وكيرللس البعلبكي.
وهناك كنائس وضيع مرتبطة ببداية المسيحية: مار يوحنا مرقس جبيل، بحديدات، دملص، معاد، البترون، اده، انفه مغارة الصليب في الوادي المقدس كنيسة السيدة في اهدن، سيدة النورية، مار ماما، ايليج، سيدة الدر، سيدة البزاز حتى ان المسعودي يقول ان دير مار مارون كان فيه 300 قلاية (غرفة) وظاهره من الذهب الخالص. والتقسيم القديم كان يقسم حسب التاريخ الروماني، هذه البلاد الى سوريا الاولى، سوريا الثانية وسوريا الثالثة. حتى ان فينيقيا كانت تصل في هذا التقسيم الى دمشق وفي الجبل نجد حضوراً مسيحياً تواجد مع التواجد القديم هناك العاقورة، قرطبا، تنورين، اهدن، بشري، القبيات، حمانا، المعوش، دير القمر، جزين، المختارة، بيت الدين، مرجعيون، دارقونا، المعوش، الشبانية، عندقت، غوسطا، يحشوش، عجلتون، ميروبا، فاريا، دوما، اهمج، بشعلة، حديشت.
ـ خاتمة ـ
الموارنة شعب كبقية الشعوب، عندهم قواسم كثيرة مع الكثير من الشعوب، وعندهم خصائص تميزهم مع قلة من الشعوب، وعندهم فرادتهم الخاصة بهم نظراً لارثهم اللاهوتي والحضاري ولعيشهم المشترك مع غيرهم من الشعوب ونظراً لبيئتهم الجغرافية الملتصقة بالجبل والمنفتحة على البحر ولخضوعهم لقائد واحد هو بطريركهم هذه هي فرادتهم وخصوبة رسالتهم الحياتية والروحية والتاريخية لذلك قيل حقاً عنهم مجد لبنان اعطى لهم وهم كنيسة واحدة لم تنقسم وهم كما قال عنهم البابا كالوردة بين الاشواك.