لا يترك رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مناسبة إلا ويعيد التشديد على مطالبه، وفي مقدمها تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، في موازاة تهديده باللجوء إلى الشارع في حال لم يُستجب لطلبه، في وقت يتعامل رئيس الحكومة تمام سلام مع تصعيد عون بكثير من الحكمة والهدوء وإفساح المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات الجانبية لنزع فتيل الأزمة والسعي لإقناع عون بالتراجع عن هذه المطالب، حفاظاً على استمرار عمل مجلس الوزراء في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان، لكن من دون أن يتنازل عن صلاحياته الدستورية في الدعوة إلى عقد جلسة للحكومة في الوقت الذي يشاء، وهذا ما أكد عليه في إفطار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، لأنه ليس مستعداً للتنازل عن هذه الصلاحية وإبقاء البلد والحكومة أسيرا «الابتزاز العوني» الذي ما عاد مقبولاً التعامل معه كما تقول مصادر حكومية لـ «اللواء»، باستخفاف ولا مبالاة، لأن النائب عون لن يتوانى عن استخدام كل الوسائل التي توصله إلى غايته، ولو على حساب مصلحة كل اللبنانيين، كاشفة أن الاتصالات التي أجراها الرئيس سلام مع عدد من القيادات السياسية والوزارية والنيابية كانت حصيلتها دعمه، في الدعوة إلى عقد جلسة للحكومة في وقت قريب، من دون غلق الباب أمام جهود التسوية والتوصل إلى حل يعيد الاعتبار إلى مؤسسة مجلس الوزراء وبما يكفل عودته إلى الاجتماع في أسرع وقت حفاظاً على مصالح البلد والناس، مشيرة إلى أن التوجه هو لعقد جلسة للحكومة الأسبوع المقبل، بغض النظر عن موقف عون.
ولفتت المصادر الحكومية، وبحسب معلوماتها، إلى أن الرئيس سلام سيعطي مهلة إضافية لمساعي الحل حتى الأسبوع المقبل، كونه لن ينتظر كثيراً قبل توجيه الدعوة للوزراء، باعتبار أنه لن يسمح ببقاء الأمور على هذا النحو من دون عقد جلسات للحكومة، فهو من منطلق الصلاحيات التي يمنحه إياها الدستور، لن يتردد في استعمال هذه الصلاحيات ودعوة الحكومة للاجتماع، بحضور وزيري «التغيير والإصلاح» أو من دونهما، لأن مصلحة البلد فوق أي اعتبار ولا يجوز رهن مجلس الوزراء لأهواء أشخاص، بغض النظر عن تمثيلهم السياسي والشعبي.
وعلى الرغم من تأكيدات أوساط نيابية بارزة في تكتل «التغيير والإصلاح» على أن لا تغيير في المواقف من شأنها تعبيد الطريق أمام عقد جلسة للحكومة قريبة، إذا لم يدرج بند التعيينات على جدول الأعمال، استناداً إلى ما قالته لـ «اللواء»، رداً على ما قيل عن قرب عقد اجتماع لمجلس الوزراء، شددت مصادر نيابية في كتلة «التحرير والتنمية» على أن لا مصلحة لأي فريق في تعطيل عمل الحكومة، خاصة في ظل هذه الظروف البالغة الدقة، ولهذا فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري يرى ضرورة في معاودة جلسات الحكومة، لكنه يعتمد على حكمة وتبصر الرئيس سلام في هذا الموضوع، لأنه الأدرى في معالجة الأزمة القائمة، وبالتالي فإن هناك مسؤولية كبيرة على الفرقاء السياسيين في مد يد الحوار والتفاهم مع رئيس الحكومة لتجاوز هذا المأزق الذي يهدد لبنان بخسائر سياسية واقتصادية وتداعيات أمنية، إذا بقي الوضع على ما هو عليه، لافتة إلى أن عقد جلسة للحكومة بات أمراَ ضرورياً لتفادي إصابة هذه المؤسسة الدستورية بالشلل، مع ما يتركه ذلك من انعكاسات بالغة السلبية على مصالح لبنان وشعبه.
وأكدت المصادر أن المهام العسكرية والأمنية التي يقوم بها الجيش والقوى الأمنية، تتطلب وجود حكومة فاعلة تؤمن الغطاء السياسي المطلوب والضروري لهذه المهام، سيما في موازاة التهديدات التي يواجهها لبنان من قبل المسلحين الإرهابيين وهو ما يجب أن تدركه القوى السياسية الممثلة في الحكومة والتي يجب عليها أن تضع مصلحة لبنان وشعبه أولوية على ما عداها من مصالح أخرى ومن مطالب، سواء كانت محقة أو غير محقة، فالأولوية يجب أن تكن منصبة على تعزيز الاستقرار وحماية السلم الأهلي ودعم الجيش في الحرب التي يخوضها ضد الإرهاب دفاعاً عن البلد وسلمه الأهلي ووحدته الوطنية، في مواجهة الساعين لإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين.