IMLebanon

سلام بعد سنة: الصبر لا يعني أن الحال ماشية

بعد ايام تكون انقضت السنة الاولى في عمر حكومة الرئيس تمام سلام، تتنقل من شغور الى آخر، بعد 11 شهراً على تكليف رئيسها. مذ ذاك صارت اشبه بزورق يركب موجة تفاؤل مرة وموجة تشاؤم اخرى، ويصطدم باستحقاقات متتالية

تكاد لا تشبه حكومة الرئيس تمام سلام سواها التي سبقتها على مرّ عقود. سجلت تاريخ تأليفها من دون ان تعرف متى تنتهي مهمتها ما دام لا انتخابات نيابية عامة، ولا انتخاب لرئيس الجمهورية، ولا رئيسها في وارد الانحناء للعواصف، ولا احد في افرقائها مستعد للتخلي عنها. بذلك، تكمن نقطة ضعفها في قوتها. في 15 شباط تكون انقضت السنة الاولى على صدور مراسيمها. رئيسها لا هو متشائم ولا متفائل، ويعزو ضباب المشهدين المحلي والاقليمي الى «ان عدم الوضوح في الرؤية في هذه المرحلة حيال التطورات المتسارعة في المنطقة والعالم، وانعكاسها على لبنان هو سيد الموقف. لا احد يسعه الادعاء انه يعرف ماذا سيجري، او لديه الخبر اليقين الذي ليس في متناول اي احد».

بانقضاء سنة، كيف يقوّم سلام تجربة حكومته؟

يقول: «بداية لا بد من الاعتراف بأن واقع هذه الحكومة، منذ اليوم الاول، كان صعباً وشائكا ومعقداً. استغرقنا 11 شهراً حتى توصّلنا الى مخرج الافراج عن حكومة ائتلافية. بدأت العمل والانجاز، لكن ما ان انقضت الاشهر الثلاثة الاولى حتى دخلنا في شغور رئاسة الجمهورية. عندما تألفت قيل انها حكومة موقتة لثلاثة اشهر ونصف شهر تجري خلالها الانتخابات الرئاسية، ثم تخلفها حكومة اخرى. لم يحصل الانتخاب بل وقع الشغور. ثم راحت تتعثر جلسات متتالية لانتخاب الرئيس. ظللنا نعمل في اعتقاد ان مهمتنا موقتة لبضعة اشهر يُنتخب خلالها الرئيس، ما يتيح بعد ذلك تأليف حكومة للاضطلاع بدورها. حال الموقت رافقت حكومتنا منذ اليوم الاول، ما حملنا في ما بعد ــــ مع تعذر انتخاب الرئيس وتسلم حكومتنا صلاحياته ــــ الى اعتماد بعض الاجراءات التي قيل عنها آنية على نحو موقت ايضاً لتفادي الشلل وتعطيل العمل والانتاج. الا ان ما حصل لم يكن ابدا امرا مثاليا. اليوم بعد انقضاء كل هذا الوقت، نحار في ما نحن فيه. لا المعطيات تفرج عن حل يؤدي الى انتخاب رئيس الجمهورية، ولا نحن نريد ان تبقى الحكومة في الحال الاستثنائية التي هي فيها بما يجعل الموقت دائماً، ولا في وارد التخلي عن مسؤولياتنا. وهو مصدر اصرارنا في كل حين، في مطلع كل جلسة لمجلس الوزراء وفي اي مناسبة اخرى، على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية والتأكيد ان ما نمر فيه موقت. لكن، ويا للاسف، لا يحصل الانتخاب. وهو ما يترك اثره على عمل حكومتنا. قد يكون اسطع دليل على ذلك عدم اجراء الانتخابات النيابية».

يضيف: «هذا الوضع الذي اواجهه، الموصوف مراراً بالصبر، لا اعرف الى اي مدى لا يزال يفيد؟ بالتأكيد الصبر مفيد، لكنني لا اريد توجيه رسالة الى اي احد بأن الاحوال ماشية، ويمكن ان تستمر كما هي اليوم. في كل مناسبة اتلقى ثناء واطراء على صبري واستيعابي والقدرة على الاحتمال في ظل وضع شاذ. لكنني اتساءل في قرارة نفسي هل ان هذا المديح في محله، ام انني غير مضطر لتحمل كل ما احمل؟ ناهيك بتمسّكي بوجهة نظر مفادها ان لا يفهم من الصبر والاستيعاب عدم تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، او كأننا نقول ان البلد يمشي من دونه. طبعاً ليست هذه هي الغاية. تالياً، اذا كان المقصود بالصبر عدم الذهاب الى الشلل وتفجير الوضع السياسي، فإن من الضروري ايجاد حراك يؤدي الى انتخاب الرئيس واستكمال مستلزمات الجسم اللبناني برأسه. هذه مسؤولية القوى السياسية اولاً واخيراً».

هل يدخل انتخاب الرئيس في المسؤوليات المنوطة بالحكومة؟

يعقب: «لا ابداً. انتخابات الرئاسة مسؤولية القوى السياسية. ليست الحكومة التي ترشح ولا هي التي تقترع. هذه مسؤولية القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب، المسؤولة المباشرة عن هذا الاستحقاق. اجراء الانتخاب امر لا يمكن التنازل عنه في اي حال او لحظة». ويضيف: «الجميع متضررون من عدم انتخاب الرئيس، وليس المسيحيون فقط الذين هم اكبر المتضررين من تأخيره. ليست المرة الاولى يواجه لبنان شغورا كهذا، لكن على القيادات المسيحية ان تدرك ان الوضع لا يمكن ان يستمر على هذا النحو، ولا بد من ايجاد مخرج للمعضلة».

اذا، الاستحقاق الرئاسي مسؤولية مسيحية اولاً؟ يقول رئيس الحكومة: «هو مسؤولية وطنية، للمسيحيين فيها حصة كبيرة سلبا او ايجابا».

هل يجد في الآلية التي قررها لعمل مجلس الوزراء بعد انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية اليه، اضحت فعلا عبئا على مجلس الوزراء؟

يجيب رئيس الحكومة: «ليست الآلية المثالية وليست الفضلى حتماً، بل آلية الامر الواقع في ظل الحال الموقتة. قد نلجأ الى مراجعتها والدور الذي نقوم به في الوقت الحاضر، وهي تخضع لكثير من المساءلة والتشكيك».

الا انه يتوقف عند الانجاز الرئيسي لحكومته بانقضاء السنة الاولى، وهو الامن: «كانت لنا انجازات كثيرة من ضمنها الملف الامني. لكن هناك تعثرا وتأخيرا في عدد من الملفات الاخرى المهمة والضرورية كانت تتطلب معالجة، منها ملف النفط الذي يمثل ثروة وطنية بالغة الاهمية. لا يزال يشوبه التأخير من جراء عدم الحسم في ظل الآلية المعتمدة. صحيح ان الحكومة اقبلت في مطلع عهدها على تعيينات ضخت دما جديدا في الادارة، غير انها غير كافية ولا بد من استكمالها في اكثر من نطاق. طبعا يكمن هذا التعثر في الخلاف السياسي والاداء غير الفاعل، وفي احسن الاحوال لم يكن على النحو المرتجى».

وهل لا يزال يعتقد بأن الحكومة تستمد قوتها من الغطاء الاقليمي والدولي، يجيب: «لا شك في ان هناك غطاء اقليميا ودوليا واكب اوضاعنا. لكن في المقابل ينبغي ان لا نستكين اليه او نرتخي امامه والتنازل عن دورنا السيادي في انتخاب الرئيس. نشعر بالاهتمام الدولي في المحافظة على لبنان، والحؤول دون انعكاس الحالة الاقليمية عليه. الا ان المواكبة والعناية الدولية يقتضي استكمالها بالاستحقاق».

يشدد سلام على ان الامن يشكل «المهمة الاساسية» لحكومته في مواجهة الارهاب، الا انه ايضا «مهمة القوى السياسية التي يتعين عليها ان تدرك ان من غير المسموح العبث به وتعريض البلاد للاخطار. لا بد من القول ان قيادات تلك القوى كانت لها مواقف بارزة في مواجهة اخطار الوضع الامني الذي يستهدف لبنان. وقد يكون ابرزها ما ادلى به الرئيس سعد الحريري بدعمه كل الاجراءات الامنية للتأكيد ان لا بيئة حاضنة للارهاب في اي مكان في لبنان. آمل في ان تكون للحوار الدائر بين تيار المستقبل وحزب الله آثار ملموسة تعزز الامن، ومساعدة القوى العسكرية والامنية على بسط سيادة الدولة على كل الاراضي اللبنانية».