رئيس الحكومة محكوم بـ «الأشغال الشاقة» حتى إشعار آخر
أغلب الظن، أنه لو لم يكن تمام سلام موجوداً في هذه المرحلة، لوجب اختراعه.
ولعل قرار تكليفه – هو تحديداً – من الأساس بتشكيل الحكومة، أخذ بالحسبان انه الأقدر بمواصفاته على إدارة التوازنات الداخلية، في زمن انعدام الوزن في المحيط.
اضطر سلام خلال تجربة التعايش مع 24 وزيراً – رئيساً، والمرشحة للاستمرار وقتاً إضافياً بعد، الى استدعاء كل احتياط الصبر الذي يتحلى به، لمؤازرته في مواجهة مزاجية بعض أعضاء حكومته.
حتى الصبر ملّ منه أحياناً، ما دفعه أكثر من مرة الى رفع الصوت احتجاجاً على سياسة العرقلة، كما حصل مؤخراً، إنما من دون أن يقلب طاولة مجلس الوزراء التي يعلم أن البديل عنها غير متوافر الآن.
ولا يتردد سلام في تأكيد أنه محكوم بالأشغال الحكومية الشاقة حتى إشعار آخر، داعياً الوزراء الى ان يدركوا أن الوقت ليس للترف السياسي، ولا للنرجسية السياسية، مشدداً على أن المرحلة الحالية تتطلب عناية خاصة ويقظة دائمة، والترفع عن الحسابات والحساسيات الضيقة.
يرفض رئيس الحكومة التسليم بوجود «آلية» رسمية مبتكرة لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، سواء في السابق أم الآن. ويقول: نحن بصدد مقاربة لعمل الحكومة، استناداً إلى ما يلحظه الدستور في مواده، لاسيما المادة 65.
ويلفت الانتباه إلى أن الخيار الأول الذي تركّز عليه هذه المادة وتعطيه الأولوية هو التوافق ثم التوافق، وبعد ذلك يأتي التصويت، «وأنا منذ البداية تصرّفت على أساس هذه الروحية، التزاماً مني بالدستور وإدراكاً لخصوصية هذه المرحلة التي تستوجب شراكة في تحمّل المسؤوليات».
ويشير سلام الى انه كان حريصاً على التنبيه باستمرار الى ضرورة عدم إساءة استخدام مبدأ التوافق، «لكن تبين بالتجربة أن هناك من أساء تطبيقه وحوّله الى أداة للتعطيل والعرقلة».
ويحرص على تحديد مفهوم واضح للتوافق، معتبراً أنه مناخ لا عدد أصوات. ويضيف: «إذا اعترض وزير أو تحفظت كتلة حول أمر في مجلس الوزراء، وأيّده الآخرون، لا يعني ذلك أن التوافق يصبح غير موجود. التوافق ليس الإجماع، وأنا منذ اللحظة الاولى، لم أطرح لإجماع، لأنني أعلم ان ذلك قد يكون عائقاً أمام إنتاجية مجلس الوزراء».
ويوضح أن وجهتي نظر كانتا تتحكّمان بعمل مجلس الوزراء، الاولى تدفع في اتجاه اللجوء الى التصويت على القرارات لمنع أي فريق من التعطيل وفق مزاجيته، والثانية تعتبر أن الحكومة في ظل الشغور الرئاسي هي حكومة تصريف أعمال ويجب أن تراعي هذا الاعتبار في إدارتها للأمور، «وما فعلته أنني حاولت المواءمة بين الرأيين».
ويشير إلى أن معظم المسائل التي تناقشها الحكومة منذ تشكيلها هي عادية، وليست من النوع السيادي أو الميثاقي، ومع ذلك فالمفارقة أن التعطيل والعرقلة كانا يطالان هذه المسائل.
ويلفت الانتباه الى أن الوضع لن يكون طبيعياً في ظل الشغور الرئاسي، مهما حاولنا ترميمه، وبالتالي فإن المطلوب أولاً وأخيراً الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية، وحتى ذلك الحين يجب أن نتعاون جميعاً لتسهيل عمل الحكومة، ضمن الهوامش الممكنة، لاسيما في ما يتصل بقضايا المواطنين.
ويؤكد أن «الحكومة أمام فرصة جديدة، أتمنى على الوزراء استثمارها والبناء عليها»، منبّهاً الى ان البديل عن التوافق المنتج سيكون الرجوع الى مربع المناكفات والمماحكات.
ويشدّد سلام على أنه يسعى دائماً الى أن يكون متوازناً في مواقفه وعلاقاته مع القوى السياسية، موضحاً أنه تجنّب طيلة السنة الاولى من عمر الحكومة الانحياز الى فريق ضد آخر، «وهذه كانت استراتيجيتي أيضاً خلال سنة التكليف، وأنا لستُ بصدد تغييرها».
ويشير الى أنه يعتبر أن «أصوات الـ124 نائباً الذين سمّوه لرئاسة الحكومة هي أمانة، تحمّلني مسؤولية كبرى، وأنا أجهد لأكون أميناً لشبه الإجماع الذي تحقق حول تكليفي».