لا يعكس زوار رئيس الحكومة تمام سلام هذه الايام أجواء متفائلة حيال إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل. وينقل عنه هؤلاء أن أي قرار بعقد جلسة سيكون رهن التوافق على تسيير جدول الاعمال والبحث في الملفات الشائكة والمتراكمة بفعل التعطيل المتعمد لـ”التيار الوطني الحر” للجلسات.
بدت الخيبة واضحة على محيّا رئيس الحكومة وهو يجري لـ”النهار” تقويماً لنتائج زيارته عمان وخلاصات المحادثات التي أجراها مع نظيره الاردني عبد الله النسور ولا سيما في شأن تجربة الاردن في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين.
وعندما يُسأل عن أسباب نجاح عمان في مقاربة هذه الازمة على نحو مكّنها من إحتواء اللاجئين، يعزو ذلك إلى ان لدى المملكة الهاشمية “قراراً واحداً وتنفيذاً واحداً ونجاحاً واحداً، أما في لبنان فلا قرار واحداً، وبالتالي لا يمكن ان يكون التنفيذ واحداً، وهو ما يستدرج الفشل”.
قد يكون القرار الوحيد الذي تجاوز فيه سلام الاجماع في مجلس الوزراء على ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، هو ذلك المتعلق بدعم التصدير الزراعي. فهذا القرار شكّل سابقة إذ وقّعه 18 وزيرا بإستثناء وزراء “تكتل التغيير والاصلاح” و”حزب الله” و”المردة” والطاشناق. لكن سلام حسم أمره ومضى بتنفيذ القرار لأنه يتعلق بمصالح فئات كبيرة من المزارعين والمصدرين وبمصير كميات هائلة من الصادرات اللبنانية المعرضة للاتلاف.
وعندما يُسأل هل هو على استعداد لتكرار هذه السابقة في ظل التعطيل المبرمج الذي تتعرض له حكومته، يجيب بالايجاب، لافتا إلى ان الشرط الاساسي للسير بتوقيع 18 وزيراً هو أن تكون القرارات المطلوب توقيعها ملحة وضرورية. ويضيف: “فليطعنوا بها إذا كانوا معترضين”، مشيرا إلى ان رفض التوقيع على قرار دعم التصدير لم يتم طعنه، وهو ليس مخالفا للقانون، مستندا في ذلك إلى الدستور، إذ ينص على ان المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء وتتطلب توقيع رئيس الجمهورية، تتيح لرئيس الجمهورية ان يردها الى المجلس إذا وجد فيها شائبة، ليعود المجلس الى درسها. وله أن يوقع المراسيم، وإذا لم يفعل خلال 15 يوما، تصبح نافذة.
يرفض سلام الجدل في تفسير الدستور لجهة صلاحية مجلس الوزراء مجتمعا في تولي صلاحيات رئيس الجمهورية، وهل الوكالة كاملة أو تُجزّأ. فهو مقتنع بأن المراسيم العادية لا تحتاج الى توقيع 24 وزيرا، ومقتنع أكثر بأهمية التعالي عن الحسابات الضيقة عندما يتعلق الامر بمصالح المواطنين وشؤونهم وسلامتهم.
ويكرّر دائما فكرة ان حكومته، على مسمّاها يجب ان تكون حكومة المصلحة الوطنية، اما النزاعات السياسية فلتحلّ خارجا.
ويعي في المقابل أن التعطيل الذي يمارس على حكومته لا يهدف إلى إسقاطها، كاشفاً أنه لم يلمس من جميع الموفدين الدوليين إلا كل الدعم والرغبة في حماية الاستقرار الداخلي وصونه ودعم المؤسسات العسكرية والامنية. ويضع ما سمعه من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في هذا الاطار، لكنه يُفاجأ بأن الممارسات المحلية لا تعكس هذا الجو، علما أن الجميع يدرك ان هناك الكثير ليخسروه إذا سقطت الحكومة، ويستغرب بالتالي لماذا محاولات زعزعتها وزعزعة الاستقرار تاليا؟
ليس الرجل في وارد الاستقالة، رغم محاولات إستنزاف صبره، كما انه ليس في وارد الاعتكاف. لم يوجه حتى الآن الدعوة الى جلسة مقبلة لمجلس الوزراء وليس في وارد القيام بذلك اليوم كما تشير المعلومات. ولرئيس الحكومة أسبابه. فما الهدف من عقد جلسات تكون فيها طاولة المجلس منبرا للصدامات والإتهامات التي تزيد الاوضاع تشنجاً وتأزماً؟ لكن في المقابل، هو ليس في وارد التراجع أو التنازل عن تفعيل حكومته، ولن يقبل بالرضوخ للاستفزاز. لكن حركته تبقى متوقفة على مدى تجاوب رئيس المجلس نبيه بري معه، خصوصا ان الاخير يخضع لضغوط ترتبط بالمواجهة القائمة بينه وبين العماد ميشال عون.