لا تخفي ملامح رئيس الحكومة تمام سلام ولا عباراته اللبقة المنتقاة، عند سؤاله عن مسار الوضع الحكومي، الاستياء الكبير لديه من استمرار التعطيل المتبادل للوزراء المنتمين الى تيارات سياسية متخاصمة سياسيا، لا سيما في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر فيها البلد والمنطقة وتحولهما الى ساحة للارهاب، والتي تستوجب اعلى درجات التماسك الوطني بينما الاطراف السياسية منشغلة بتسجيل نقاط على بعضها.
في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بلغ الامر بوزراء «الكتائب» و «التيار الوطني الحر»، الى طرح جدوى آلية العمل التي تم الاتفاق عليها لاتخاذ القرار في مجلس الوزراء، لكن الوزراء الآخرين انقسموا بين مؤيد وبين معارض لإعادة البحث فيها، فيما اكد سلام استعداده للبحث في الآلية، محذرا من «ان هذا الوضع اذا استمر قد يطيح بالحكومة»، ورأى وزراء آخرون ان «رئيس الحكومة محق في انزعاجه، لان الاتفاق على الآلية تم على اساس ان يكون الاعتراض من فريق سياسي ولأسباب وطنية او اساسية، وليس اعتراضا وتعطيلا من شخص واحد لأسباب سياسية ضيقة».
واعطى بعض الوزراء مثالا حسيا على سوء إدارة بعض الملفات بالقول: «انه في الجلسة الماضية اقرينا نحو خمسين بندا في نصف ساعة، بينما استغرق بند طريق صور ـ الناقورة ساعتين ونصف ساعة بسبب الفيتو من احد الوزراء على المشروع، وكادت ان تطير الحكومة بسبب التعصيب والكلام الكبير الذي حصل، وهذا امر لا يحتمل ويستنزف طاقة وعمل مجلس الوزراء، خاصة ان بعض الوزراء يجنح اكثر من اللزوم ويطرح امورا هي حصرا من صلاحية رئيس الحكومة، وهذا ما يؤدي الى انزعاجه. مع ذلك صبره طويل.. لكن الى متى؟».
وقال الرئيس سلام، ردا على سؤال لـ «السفير» امام زواره امس، حول ما اذا كانت آلية عمل الحكومة مطروحة للبحث فعلا في جلسة الخميس المقبل: «ان موضوع عمل الحكومة اصبح معاناة دائمة تأخذ اشكالا مختلفة، خاصة في ظل الشغور الرئاسي، وهي تمر بوضع غير طبيعي وغير مريح، لكن مع ذلك لم يتوقف التفكير في كيفية استيعاب الوضع غير الطبيعي وسبل تحسين انتاجية الحكومة لمواجهة الاستحقاقات الكثيرة المنتظرة بأفضل الوسائل».
وعما اذا كان هذا الامر سيطرح مجددا في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، قال: «في ضوء النقاش سنرى ماذا يحصل».
وحول استحقاق التعيينات الأمنية والإدارية وكيف ستمر في ظل هذا الجو، قال سلام: «عندما نصل الى هذه الاستحقاقات نقدم عليها في وقتها».
وفي سياق آخر، قال سلام أمام زواره حول ما اذا كان لديه تصور عما سيؤول اليه الوضع بعد الغارة الاسرائيلية التي استهدفت موكبا لـ «حزب الله» في القنيطرة السورية والرد المحتمل للحزب: «لا معطيات ثابتة حتى الآن حول الموضوع، لكن يفترض ان جميع الاطراف تدرك اهمية عدم تعريض لبنان للمخاطر والسماح باستفراده، لذلك لا مجال الا السعي الدائم لتحصين الوضع الداخلي، وقد قطعنا شوطا كبيرا في تحصين لبنان والسعي لا زال قائما في هذا الاتجاه».
وحول المواجهة التي خاضها الجيش في رأس بعلبك الأسبوع الماضي واحتمال وجود تلكؤ في إرسال المساعدات العسكرية الموعودة له، قال سلام: «التشكيك بالجيش لا ينفع احدا، والمطلوب تعزيز قدراته وتوفير كل ما يحتاجه، بدءاً بالدعم الوطني المعنوي وصولا الى مستلزمات التصدي للارهاب عسكريا ليقوم بدوره، وهذا الأمر جارٍ على قدم وساق».
وعن قراءته للوضع السعودي بعد وفاة الملك عبد الله ووصول الملك سلمان الى سدة الحكم وتأثير ذلك على لبنان، قال سلام: «ان السعودية داعمة للبنان ولاستقراره وامنه وداعمة للاعتدال فيه، ومع كل ما يعزز وضع لبنان ويحفظه، وقد قامت بخطوات غير مسبوقة في دعم الجيش، وهذا التزام، والملك الراحل عبد الله ادرك في ظل الظروف الحرجة اهمية هذه الخطوة. المملكة دولة كبيرة ومتماسكة وقوية ولها وزنها ودورها في المنطقة وفي لبنان، والملك سلمان يواصل المشوار، ومن الطبيعي ان يكون هناك تواصل ومتابعة لهذه العلاقات المميزة. وكل من تولى المسؤولية في السعودية كانت علاقته بلبنان متميزة ومتقدمة وايجابية، ولا توجد اية معطيات ولا اسباب تجعلنا نعتقد انه سيكون هناك تغيير في العلاقات، لا من جهة السعودية ولا من جهة لبنان». واوضح سلام انه، وخلافا لما تردد، لم يحصل اجتماع خاص بينه والرئيس نبيه بري مع الرئيس سعد الحريري خلال تأدية واجب العزاء بالملك عبد الله في الرياض، وقال: «حصل لقاء في القاعة الكبرى حين كان كل المعزين، وجرت دردشة سريعة حول اوضاع لبنان، ولم يكن هناك من شيء خاص».