IMLebanon

قفّازات سلام تواجه “أسرى” السقوف المرتفعة لارشيه متخوّفاً: انهيار لبنان انهيار لأوروبا

رئيس الحكومة تمام سلام لم يعد يلبس قفازات للحديث علنا وجهارا أمام زواره اللبنانيين وغير اللبنانيين عن الأزمة التي تواجهها الحكومة وتحديدا ما يواجهه هو شخصيا في ظل تمترس الأفرقاء السياسيين المشاركين فيها وراء مواقفهم أو في مواقعهم من دون استعداد للتقدم أو لتقديم أي شيء حتى لو ان الامر يتعلق بشؤون الناس الحيوية على غرار محاولة معالجة أزمة النفايات. الأزمة في البلد ليست خافية وهي باتت تتحدث عن نفسها على الأقل بأرتال وجبال النفايات التي لا يأبه السياسيون لتراكمها بين الاحياء وعلى الطرق الرئيسية. فثمة ما يعبر عنه رئيس الحكومة يفيد بان كأسه قد طفح على نحو يتخطى ما قد يبدو بالنسبة الى البعض تهديدات شكلية يطلقها في وجه الأفرقاء لكن من دون احتمال ان ينتقل الى التنفيذ على رغم تلويحه باتخاذ اجراء ما يضع المعطلين عند مسؤولياتهم. ومن يلتقي رئيس الحكومة يدرك انه في لحظة ما، قد لا يزال كثر يشككون في حصولها، فإنه سيلقي بقفازاته في وجه الجميع واضعا اياهم أمام مسؤولياتهم التي يرفضون تحملها راهنا. وما بات متداولا في شكواه في هذا الاطار على ما ينقل المطلعون انتظار الأفرقاء السياسيين تطورات ما يجري في المنطقة من اجل البناء عليها سلبا أو إيجابا ما يجمد أي تداول جدي في أي شأن وصولا الى عرقلة ضمنية لمعالجة أزمة النفايات التي باتت كأنها دخلت الصراع السياسي الجاري في المنطقة. يضاف الى ذلك ما بات عليه هؤلاء الأفرقاء لجهة تحولهم اسرى لمواقفهم وتصريحاتهم كما لتصعيد المحيطين بهم بحيث بات يتعذر عليهم التراجع عن السقوف المرتفعة التي رسموها أو حددوها لانفسهم من دون ان يظهر انهم تراجعوا أو تنازلوا، فاصبحوا رهائن هذه المواقف وسط عدم الرغبة في تعديلها وتاليا حاجتهم الى اثمان لحفظ ماء وجههم لقاء أي تراجع عن هذه السقوف. وتاليا فإن هؤلاء لا يظهرون أي استعداد لاعطاء رئيس الحكومة ما يعتبرونه تنازلا في ما لو استطاع ان يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء في حين ان الوضع الاقتصادي بات ضاغطا في ظل رفض للتجاوب مع اقرار الكثير من القروض التي وفرها الخارج للبنان. وثمة خشية من ان اللعب على طرف الهاوية سيستمر من دون امكان تساهل أو تهاون خصوصا متى لاحت بوادر بحث دولي واقليمي راهنا حول الحرب السورية التي ينتظر الأفرقاء السياسيون نتائجها بغض النظر عن احتمال وصولها الى نتائج قريبة ام لا.

لم يكتم الرئيس سلام الكشف عن هذا الواقع أمام الوفد الفرنسي الزائر برئاسة رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه الذي يبدو انه اتى بدلا من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان اعلن عزمه على زيارة لبنان لجملة اهداف من بينها في شكل اساسي موضوع اللاجئين السوريين ثم عدل عن موعدها على الاقل راهنا نتيجة نصائح بأن الزيارة قد تكون في غير موقعها في ظل الشغور المستمر منذ 15 شهرا في موقع رئاسة الجمهورية.

يعرف الفرنسيون جيدا صعوبة الوضع الداخلي وتعقيداته في هذه النقطة بالذات. ولم يتوانوا عن الاستغراب لتجاهل الأفرقاء السياسيين اقرار القروض التي تم توفيرها من فرنسا للبنان تحت طائل فقدانها مع مطلع السنة الجديدة في حال لم يحصل ذلك على رغم ان الاصداء عن الوضع الاقتصادي ليست مشجعة مع نمو يقال انه سيكون واحدا في المئة علما ان ترجمته هي صفر في المئة في حين ينبغي ان يكون في حدود 7 في المئة من اجل امكان استمرار فرص النهوض بالوضع اللبناني.

الاتجاه الذي عبر عنه رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، وفق ما ينقل مطلعون، ايجابي لجهة انه يخرق بزيارته بعض جدار التوتر القائم بين الأفرقاء السياسيين في حركة سياسية داخلية باتت تراوح مكانها. لكن وفي ظل المروحة الواسعة من السياسيين الذين على جدول اعمال لقاءاته في بيروت هناك الحض على ان يتحمل المسؤولون مسؤولياتهم ازاء الوضع في لبنان. الا انه في موازاة التقدير لما يتحمله لبنان من تداعيات الحرب السورية ومن بينها الاعداد الهائلة من اللاجئين الذين يرهقون لبنان، فإن خشية كبيرة عبر عنها رئيس مجلس الشيوخ وفق ما نقل عنه وهي مخاوفه من انهيار لبنان في ظل عدم بذل الجهد الكافي لتحصينه سياسيا واجتماعيا. وانهيار لبنان في حال حصوله هو انهيار لأوروبا على ذمة من ينقل عن لارشيه هذا الموقف، تماما كما حصل بالنسبة الى موضوع اللاجئين الذين حين فاض كيل لبنان ودول الجوار بهم، فإن أوروبا باتت المقصد الذي اضطر الى فتح ابوابه. وتاليا فإن التهاون في محاولة تحصين البلد ومحاولة اخراجه من ازمته هو امر يكتسب طابعا ملحا جدا.

يفترض ان المسؤولين السياسيين يعرفون جميعهم هذا الواقع ويحذرون من انهيار البلد من دون حاجة الى اضاءات اضافية على هذا الصعيد. لا تزال فرنسا داعمة اساسية وكبيرة للبنان ولكنها ليست مؤثرة على النحو الكافي في ظل الصراع الاقليمي الذي يتحكم بحسابات أفرقاء الداخل. لذلك تطبع حال الانتظار مواقف السياسيين فلا يقومون باي جهد فعلي لمنع الانهيار فيما يمننون اللبنانيين بالاستقرار الامني ومساهمتهم فيه وكأنما يكفي اللبنانيين التمتع بهذه النعمة على حساب استرهان استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي لمصلحة مصالح هؤلاء الأفرقاء وحساباتهم الخارجية والداخلية على حد سواء.