Site icon IMLebanon

سلام: إذا استخدم عون الشارع ضد الحكومة فهذا احتيال

«سأحارب التعطيل.. ولست أنا من يُتهم بالاستيلاء على صلاحيات الرئيس»

سلام: إذا استخدم عون الشارع ضد الحكومة فهذا احتيال

برغم ارتفاع حدة المأزق السياسي الذي يهدد الحكومة، وربما النظام، يحافظ الرئيس تمام سلام على هدوئه، من دون ان يخلو الامر احيانا من «خروقات»، يفرضها الرد على اتهام او التعبير عن بعض المكنونات.

لكن هذا الهدوء في السلوك، يخفي خلفه تصلبا في الموقف. لا يبدو الرجل متأثرا برسائل العماد ميشال عون العابرة لـ «الشارع»، وبالتالي فهو يوحي بأن جلسة مجلس الوزراء اليوم ستدار بالطريقة ذاتها التي أديرت بها الجلسة السابقة.. إن لم يطرأ في الليل ما يمحو كلام النهار.

يحرص سلام على التمييز بين التوافق على القرارات.. والتوقف عن اتخاذها. بالنسبة اليه، التفاهم بين مكونات الحكومة ضروري، لكن منع التعطيل «إلزامي».

من مكتبه في السرايا، يدير سلام «حربا ناعمة»، دفاعا عن صلاحياته وعن مفهومه لطريقة عمل الحكومة، مراهنا على ان «مدفعية» الحلفاء في عين التينة وكليمنصو والصيفي وجدة تحمي خطوطه الامامية، ومفترضا ان «حزب الله» الذي يدعم عون في مطالبه لن يجاريه في القفز فوق الخطوط الحمر.

ويؤكد سلام لـ «السفير» ان جلسة مجلس الوزراء اليوم، قائمة في موعدها، وبجدول أعمالها، مشددا على ان «المهمة الاساسية للحكومة هي إدارة شؤون العباد والبلاد، لا إدارة الازمة السياسية، وبالتالي فان مجلس الوزراء ليس المكان المناسب لخوض النزاعات السياسية او معالجتها، وبالتأكيد ليس المكان المناسب لفرط النظام وتصفية الحسابات».

وبلهجة واثقة، يشير الى انه «لو لم يتخذ مجلس الوزراء في جلسته السابقة قرارا بدعم الصادرات الزراعية، لكان القطاع الزراعي قد أصيب بمأساة وكارثة، علما ان العاملين فيه هم من كل الطوائف والمذاهب، وليسوا أعضاء في حزب تمام سلام، فأين أكون قد أخطأت حين قررت حسم هذا الملف الحيوي؟».

ومن دون أي تردد، يشدد سلام على ان «بند التعيينات الامنية استنفد، ولا شيء لأطرحه على هذا الصعيد حاليا، لان وزير الداخلية عرض اسما لمديرية قوى الامن الداخلي فلما رفضوه لجأ الى التمديد للواء ابراهيم بصبوص، ووزير الدفاع ليس لديه ما يعرضه الآن في ما خص قيادة الجيش في انتظار شهر ايلول، موعد انتهاء خدمة العماد جان قهوجي».

ويحذر سلام من مخاطر التشكيك في الجيش او قائده، وسط المعركة التي تخاض ضد الارهاب، منبها الى ان اي تشكيك من هذا القبيل يصب في خانة أعدائنا. ويتساءل: هل يجوز، في ظل الانجازات الامنية التي تتحقق، ان نهاجم المؤسسة العسكرية او قيادتها، خصوصا انه لا يوجد اخفاق او عجز يبرر مثل هذا الهجوم؟

ويرفض سلام تقصير مدة خدمة قهوجي، قائلا: عندما مددوا له لسنتين لم يفعلوا ذلك ليعودوا لاحقا ويختصروا مدة التمديد..

ويضيف بعدما استوى في مقعده: صحيح ان الحكومة ائتلافية ومكونة من معظم الاطراف الاساسية، لكن تركيبتها المرهفة وطبيعة المرحلة لا تسمحان لها بالخوض في الملفات الصدامية، وأنا كنت ولا أزال أتعمد تحييدها عن المواد المتفجرة التي قد تمزق تماسكها، لكنني في الوقت ذاته لا استطيع ان أقبل بتعطيل انتاجية الحكومة على صعيد المسائل التي تتصل بشؤون الدولة والمواطنين.

ويؤكد انه لم يتوهم يوما انه هو شخصيا او حكومته سيكونان قادرين على معالجة الازمة المستعصية، «بل أنا واقعي، واعتبر ان التصدي للمشكلات السياسية يجب ان تتولاه القوى الداخلية، خارج مجلس الوزراء، ولعل الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، هو نموذج لما يمكن فعله في هذا المجال».

ويتابع مستدركا: أما إذا كانت بعض القوى السياسية لم تستطع حتى الآن ان تحقق ما تريده، وإذا كانت الحلول لا تزال مستعصية، فهذا لا يعني ان يتحول مجلس الوزراء الى فشة خلق.

ويشدد على ان واجبه، من موقع المسؤول، ان يدفع في اتجاه تعزيز انتاجية مجلس الوزراء، لافتا الانتباه الى انه يعتمد قاعدة «التوافق ما دون التعطيل، أما ان يستسهل البعض شل العمل الحكومي كلما ارتأى ذلك، فهذا غير مقبول، لان الحكومة تصبح عندها رهينة مكوّن او اثنين من مكوناتها، وأنا أقول بصراحة انني سأحارب التعطيل، وسابذل جهدي لمنعه.. وضميري مرتاح».

ويوضح انه يدير أعمال مجلس الوزراء انطلاقا من مقاربة تستند الى روحية المادة 64 من الدستور، التي تعطي الاولوية للتوافق ثم التصويت، «لكن لا تجوز إساءة التقدير في هذا المجال، وأنا إذا وجدت ان بعض الوزراء يعترضون على أمر ما لحجة غير وافية وغير مقنعة فلن أسايرهم، تماما كما انني في السابق لم أتوقف عند موقف بعض الوزراء الذين رفضوا توقيع المراسيم».

وردا على اتهام عون له بانه يؤدي دوري رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية في آن واحد، يقول سلام: لقد أخطأ العماد عون في العنوان، وليس أنا من يُتهم بالاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية، ومواقفي وسلوكي لا يدلان على ذلك، علما انني بالكاد أحافظ على صلاحياتي كرئيس للحكومة، بل هناك من يتهمني بالتهاون بها.

ويتابع: إذا كانوا عاجزين عن انتخاب الرئيس، فلا يصح ان يلقوا الاتهامات جزافا، ومن يريد ان يحرك الشارع او يطلق ثورة او يغير النظام او ينسف البلد، فهو يتحمل المسؤولية.

وهل صحيح انك تساهم في تهميش المسيحيين وضرب حقوقهم، من خلال طريقة تصرفك في مجلس الوزراء؟

يجيب سلام وقد ارتسمت علامات التعجب على محياه: «لم أسمع مثل هذا الكلام من حزب الكتائب والقوات اللبنانية والمسيحيين المستقلين في 14آذار، بل انا أؤكد ان الشارع المسيحي الذي يتم الادعاء باحتكار تمثيله، أظهر من خلال تواصلي معه، الكثير من التفهم لي والثقة فيّ».

ويلفت سلام الانتباه الى انه حيادي، ويقف منذ تشكيل الحكومة على مسافة واحدة من الجميع، متفاديا الانحياز الى جانب فريق على حساب آخر، «وانا أدير جلسات مجلس الوزراء على اساس ما تقتضيه المصلحة العليا، ولا اريد ان أكون مماحكا او متصادما مع أحد، أما إذا أرادوا ان يفرطوا الائتلاف الحكومي، فهذا شأنهم، وأنا لم أعط يوما اي إشارة الى تمسكي بالكرسي».

وينبه سلام الى ان الوطن كله في خطر، نتيجة الكلام التصعيدي الكبير الذي يهول بتغيير النظام، معتبرا ان هذا الكلام غير مسؤول، ومتفلت في اتجاه المجهول، في حين ان الاوضاع الاقليمية الساخنة لا تسمح بفتح ملف محاسبة النظام في هذا التوقيت.

وعما إذا كان قلقا من استخدام الشارع في المواجهة، يعتبر سلام ان «التحرك السلمي والحضاري مشروع من حيث المبدأ، لكن الظروف التي يمر فيها لبنان والمنطقة تجعل التحرك في الشارع غير محبذ، ثم إذا كان عون يريد استخدامه ضد القوى الاخرى فهذا شأنه، أما إذا أراد استعماله ضد الحكومة، فهذا يصبح نوعا من الاحتيال، لانه ممثل فيها».

ويؤكد ان «جهوزيتنا الامنية مرتبطة بالجهوزية السياسية، وإن لم نكن محصنين داخليا تحت ظلال حكومة ائتلافية لمواجهة تداعيات الاوضاع المتفجرة في سوريا والمنطقة، فسنكون في حالة صعبة، آملا في ان يترك الاتفاق النووي، في حال اكتماله، تاثيرات إيجابية على لبنان».

جنبلاط: لا مبرر للتعطيل

أكد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أنه لا يرى مبرراً لتعطيل جلسات مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن «هناك ملفات لا بد من إنجازها كي نؤخر ونتفادى الحريق الآتي ونخدم المواطنين».

وقال جنبلاط، بعد زيارته الرئيس تمام سلام مساءً في السرايا الحكومية، يرافقه الوزيران أكرم شهيب ووائل أبو فاعور والنائب غازي العريضي، إن «سلام أدار البلاد بكل حكمة وبكل دقة في المدة الأخيرة، سنة وأربعة أشهر، واليوم الاستحقاقات أكبر وأخطر. وقد ابتعدنا سابقا عن الملفات السياسية الساخنة، لكن اليوم الملفات أكبر وأخطر.. وقد تكون النار على الأبواب».

وكان جنبلاط قد اتصل برئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون موضحاً له أن «الكلام الذي صدر في إحدى الصحف اللبنانية عن أنه غدر به، غير دقيق وغير صحيح». وإذ ذكّر جنبلاط بأنه «كان سبق وقدم مبادرة تتعلق بملف التعيينات الأمنية، إلا أن هذه المبادرة لم يُكتب لها النجاح لظروف متعددة ليس المجال لشرحها في هذا الوقت»، وأكد جنبلاط لعون «حرصه على استمرار العلاقة الإيجابية بينهما وعلى إبقاء التواصل والتشاور الثنائي قائماً والذي أثبت في المراحل السابقة فاعليته على العديد من المستويات بما يتماشى مع المصلحة الوطنية اللبنانية».