ودّع رئيس الحكومة تمام سلام العام 2014، كما استقبله منذ تشكيل الحكومة في بدايته أوّل شباط، بمشكلات سياسية وأمنية واقتصادية وحكومية متفاقمة. لكنّه لم يودّع المفردات المنتقاة بعناية والتي طبعت ممارسته السياسية: الاعتدال والوسطية والاستيعاب والصبر والرصانة، بالإضافة إلى التمنّي على القوى السياسية تجاوز حساباتها الخاصّة ليتجاوز لبنان المرحلة الصعبة التي يمر بها.. ربطاً بما تمرّ به المنطقة من أحداث كبيرة وخطيرة.
تجاوز سلام بصبره خلال الأشهر العشرة الماضية الكثير من الازمات والمطبات وعالج الكثير من المناكفات الحكومية، حتى تمكّن من إحداث بعض الانجازات. في حين تمنّى على الآخرين أن يساعدوه أكثر لإتمام انجازات إضافية «أوّلها انتخاب رئيس للجمهورية»، آملا بأن «يشكّل الحوار الذي بدأ بين تيار المستقبل وحزب الله مدخلا لإنهاء الشغور الرئاسي».
وبالرّغم من أنّ سلام قال الأسبوع الماضي الكثير من الكلام والمواقف، فهو لم يملّ من الرهان على تحسّس القوى السياسية المسؤولية الوطنية، وإن كان يعبّر عن ذلك بلغته الهادئة والواضحة ــ المباشرة ليصيب الجميع من دون أن يوجّه سهماً جارحاً لأي طرف.
ما زال سلام نفسه.. لم يتغيّر فيه شيء سوى تحمّل المزيد من المشقّات في وضع مضطرب داخليا وخارجيا. ولذلك عمل خلال أقلّ من سنة على إعادة لبنان الى المسرح الدولي ولو من أبواب مختلفة، وعلى لملمة الوضع الحكومي آخذاً بصدره الكثير من السهام.
وينتظر سلام أن يحمل له العام المقبل جديداً يريحه، ولو في ملف واحد من الملفات الكثيرة العالقة. وبالرغم من أنّه لم يعد يثق أن الحسابات السياسيّة الضيّقة قد تسهم في حلول جذريّة، فإنه يتمنّى ويسعى لتدوير زوايا الخلافات للوصول الى نتائج في ما يتمناه، خصوصاً معالجة ملفات البيئة والنفط والموازنة العامة وقطاع الهاتف الخلوي والتربية والتعليم، بالإضافة إلى قضيّة العسكريين المخطوفين.
احتفال السرايا
وعبّر سلام عن جزء مما يتمناه، خلال حفل استقبال في السرايا الكبيرة بمناسبة الاعياد، حضره الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي والمستشارون والموظفون في رئاسة مجلس الوزراء، وضباط سرية حرس رئاسة الحكومة والاعلاميون المعتمدون.
بعد كلمة تقديم من بوجي نوه فيها بحكمة وصبر سلام، تحدث رئيس الحكومة الذي أمل بأن «يشكل الحوار الذي بدأ بين تيار المستقبل وحزب الله مدخلاً لإنهاء الشغور الرئاسي»، معتبراً أنّ «استمرار الشغور يشكل إضعافا للوطن وينذر بخطر كبير علينا جميعا. ولذلك فلا أحد يستطيع أن يتنصل ويقول إنه غير معني».
ووصف «الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بأنه تطور سياسي كبير»، مؤكداً أنّ «الحوار القائم بين قوتين رئيسيتين سياسيتين في هذا البلد ربما يكون مدخلا لتذليل العقبات أمام إجراء هذا الاستحقاق الرئاسي لتتكامل المؤسسات الدستورية ونمضي في تعزيز مسيرة لبنان».
وشدد سلام على أن «لبنان لا يمكن أن يكون، بأي فئة من فئاته وأي مكون من مكوناته الطائفية أو المذهبية، حاضنا للعنف أو للإرهاب. هذا أمر تم حسمه، ونحن اليوم في موقع افضل بكثير مما كنا عليه منذ فترة».
وأشار سلام إلى «غصة نشعر بها بوجود عسكريين أبطال من أبنائنا محتجزين بين أيدي الإرهاب وما يتعرضون له من تهديد». وقال: «هذا الموضوع اخذ الكثير من الكلام والتداخل والتدخل وذهب إلى أمكنة غير مفيدة»، لافتاً الانتباه إلى «أننا لن نحتفل ولن نشعر بالارتياح إلا بتحرير هؤلاء العسكريين، ونأمل أن نتوصل الى نتيجة مرضية».
وكان سلام التقى وفدا من نواب «المستقبل» في البقاع ضم النواب: عاصم عراجي، جمال الجراح، أمين وهبي وزياد القادري الذي قال «تمنينا أن يكون هناك توازن بين الإجراءات الأمنية التي يقوم بها الجيش بين عرسال وجردها وبين المصالح الحيوية لأبناء البلدة».
وعرض سلام مع السفير الأميركي دايفيد هيل، تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة إضافة إلى العلاقات اللبنانية الاميركية.
كما التقى المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي.