يبدو أن الرئيس تمّام سلام، الملقّب بـ”أيّوب لبنان”، لم يقرِّر بعد أن يبقّ كل البحصة، لاعتبارات تتعلّق بمصلحة لبنان واللبنانيّين الذين يتخبَّطون في معاناة الضياع والقلق والوضع المفتوح على كل الاحتمالات.
لكنَّه بالقدر البسيط من التلميح بقَّ ربع البحصة، واستطاع أن يضع الجميع في أجواء امتعاضه ممّن أحبطوا جهوده ورغبته في أن تكون حكومة المرحلة الاستثنائيّة فعَّالة، منتجة، مساهمة في تخفيف الأعباء والمخاوف التي تساور الكبار والصغار والمقمّطين في السرار.
بل أضافوا إلى الوضع السيّئ إساءات بالجملة لا بالمفرّق. فضلاً عن أمور، وتصرّفات، وارتكابات لم يعد من السهل ولا من الجائز السكوت عنها، ولا وضع حدٍّ لها، ولا حتى إيقاف “أبطالها” عند حدود.
حال من الفوضى والتسيُّب على مختلف المستويات، وفي شتّى الحقول، حلَّت على المؤسَّسات التي كان الفاسدون قد هيّأوا “الأجواء الملائمة” للانقضاض عليها.
فما العمل؟ ليس في اليد حيلة، بعدما تحوَّلت حكومة المصلحة الوطنيّة “أفشل حكومة”. وليس في إمكان تمّام سلام السماح لنفسه بحزم حقيبته والانتقال الى دارة المصيطبة التي بقيت مصانة ومحصَّنة ضد كل “إنجازات” الفاسدين… واللي بدّو يصير يصير.
يلفت مَن يجب تنبيههم. يعترض. يعتكف. يؤجِّل جلساتٍ لمجلس الوزراء. يكرز في المندفعين خلف مصالحهم. ينبِّه إلى المصلحة العليا، والمصلحة العامة، ومصالح الناس. إنّما على مَنْ تقرأ مزاميرك؟
ليس قليلاً أن يعلن رئيس حكومة أن حكومته “أفشل حكومة”. وليس قليلاً أن تشير البقية الضئيلة المتبقية من مخضرمي الزمن الجميل إلى أنَّ الانتخابات البلدية والاختياريَّة تتيح للبنانيّين فرصة ذهبيَّة لإظهار نقمتهم، وغضبتهم، وقرفهم من الفلتان والتسيُّب، ومسلسل الفضائح الذي يكاد يبزّ المسلسلات التركيَّة والمكسيكيَّة معاً.
تُرى، ألا يقرأ المعنيّون كلام رئيس الحكومة، وهو يدلي بمثابة شهادة ضدّهم؟
يدرك سلام أن عليه تحمُّل المزيد من “الأهوال” التي لا تختلف عن “قضية الانترنت” مثلاً، أو فصول فضيحة النفايات، عدا الكثير من الفضائح التي ظهرت، كما التي لم تظهر بعد.
غير أنه مصرٌّ على المواجهة، وعلى بذل كل ما يمكنه لإيقاف هذا الفيض من المخالفات والارتكابات عند حدود، وبقدر ما تسمح له الظروف، وعلى أمل أن يلقى تضامناً واسعاً معه.
يدرك رئيس “أفشل حكومة” أنَّ تحديات كثيرة ستكون في انتظاره لاحقاً، غير أنه لن يستسلم ولن يكفَّ عن المواجهة والممانعة والرفض. وبكل الوسائل الدستوريّة المتاحة.