لا يختلف اثنان على وصف جلسة الحكومة اليوم بالمصيرية ، مع رقص اطرافها المكونة بين حافتي، الدعوة لتصويب المسار واعادة اطلاق محركات العمل الحكومي كل من منظاره، او الانفجار المرتقب الذي سيحمل معه تداعيات كبيرة، يحّملها الكثيرون ابعادا خطيرة تصل الى حدود اعادة رسم النظام وربما الكيان اللبناني، بما يتلاءم والاحداث المتسارعة على رقعة شطرنج المنطقة، رغم اقرار الكثيرين بالخط الاحمر الدولي – الاقليمي الذي يزنر الحكومة، ويحفظ ما بقي من استقرار داخلي بالحد الادنى،بعيدا عن مسار الفوضى الامنية المستشرية في عدد من الدول المجاورة.
فجلسة «الضرورات تبيح المحظورات»، كما يحلو لمصادر وزارية تسميتها ، ستنعقد على وقع تحريك الرئيس نبيه بري مياه الاتصالات الراكدة، من خلال طرح «مبادرة» لاحتواء ازمة المراسيم السبعين التي تبين ان فريق رئيس الحكومة قد مررها بمن حضر، والتي دفعت العماد ميشال عون الى التحرك باتجاه بكركي والاطراف المسيحية المختلفة ، مهددا بموقف مشترك ازاء تمادي الفريق المقابل في استباحة صلاحيات رئاسة الجمهورية ، ما ادى الى «حشر الرئيس سلام»، خاصة بعد سلسلة مواقف وصلت الى مسامع السراي من مقربين من بكركي.
امر تلقفه «الاستاذ»، مبادرا الى فتح قنوات الاتصال مع التيار الوطني الحر عبر الوزير علي حسن خليل ، بعد مشاورات مع حزب الله ، افضت الى ضرورة سحب فتيل التفجير الحكومي، حيث تشير المعلومات في هذا الصدد الى اقتناع رئيس الحكومة بالتراجع عن القرارات التي اتخذت في جلسة الثلاثاء، في مبارة حسن نية ، مقابل تراجع التيار الوطني الحر عن النزول الى الشارع في ظل الظروف المعقدة والدقيقة الحالية.
وتشير اوساط نيابية مقربة من عين التينة ان رئيس المجلس ينطلق في تحركه من حرصه على ضرورة تغليب الحكمة والعقلانية في التعامل مع الملف الحكومي وما يتشعب عنه، لان البديل لسقوط الحكومة واستقالتها هو الفراغ الشامل والكامل والقاتل، انطلاقا من ثنائية الفراغ الرئاسي الموجود وتعطيل عمل المجلس النيابي،وفي ظل الظروف والاوضاع المحلية والاقليمية وحتى الدولية الملبدة.
في هذا الاطار وضعت المصادر السياسية قرار رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون بارجائه تفجير قنبلته السياسية في وجه السلطة الاجرائية، في خطوة مكملة لانسحاب وزراء الثامن من آذار من جلسة الامس، الى يوم الجمعة، افساحا في المجال امام وساطات الفرصة الاخيرة امام العودة الى قواعد اللعبة الحكومية المقرة سابقا ، قبل العودة الى خيار الشارع، في موعد تردد انه في نهاية الاسبوع، الذي تعززت فرص نجاحه و«الحشد له» في ظل التحركات الشعبية اليومية التي تشهدها ساحة رياض الصلح ، والتي تفتقر عمليا الى حالة منظمة، يستطيع التيار تاطيرها .
من جهتها تناقلت مصادر سياسية مقربة من الرابع عشر من آذار نقلا عن أحد «القيادات النيابية» قوله قبل أسبوعين أنّ البلاد متجهة إلى مرحلة من الفوضى في الشارع، من خلال تظاهرات وربما تظاهرات مضادة، ستقود في نهاية المطاف لاتفاق يمكن توصيفه بأنّه «أصغرمن «الطائف» وأكبر من «الدوحة»، محذرة من أن يكون البعض يقود البلاد من حيث يدري أو لا يدري نحو مؤتمر تاسيسي، منبهة في هذا المجال الى ان الحراك الاعتراضي في الشارع خسر الكثير من قوته بعدما وسع مطالبه لحد إسقاط الحكومة رغم إدراكه أن لا بديل عنها في الوقت الحاضر في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، ونتيجة الممارسات التي رافقته لجهة الشغب واعمال التكسير والتخريب .
وتساءلت الاوساط عما إذا كانت كلمة رئيس المجلس النيابي في مهرجان ذكرى تغييب الإمام الصدر المرتقبة الأحد المقبل ستحمل مبادرة أو ربما خارطة طريق جديدة، مشيرة إلى أنّ الأوضاع السياسية المتدهورة تحتاج لروحٍ جديدة قد تحملها مبادرة يكون أساسها فتح أبواب الحوار بين جميع الأفرقاء وعدم التمادي في إغلاقها، بعكس ما هو حاصل اليوم، خاصة ان الرئيس نبيه بري يعمل في الكواليس مع النائب وليد جنبلاط على اقناع كافة الفرقاء لاعادة العمل البرلماني عبر اعادة فتح مجلس النواب، مشيرا إلى ان مبادرات عدة ستطلق في هذا الاتجاه.
في هذا الوقت، تتواصل التحقيقات في اعمال الشغب التي شهدها قلب العاصمة، نهاية الاسبوع الماضي ، حيث اوضحت مصادر مطلعة وجود موقوفين عسكريين من بين مجموعة كبيرة تم التحقيق معها والاستماع الى افاداتها، شملت 17 ضابطاً من فوج التدخل السريع ومكافحة الشغب، مشيرة الى ان التحقيقات المستمرة بينت دخول «طابور خامس «على خط التظاهرات السلمية، حيث كشفت مصادر امنية ان الاجهزة المعنية احبطت يوم الاحد الماضي انتقال مجموعة من الفلسطينيين من احد مخيمات الشمال الى بيروت للمشاركة في الاعتصام المقرر في المنطقة على خلفية التشويش على الدعوة التي اطلقت من اجل اعتصام سلمي رفضا لما آل اليه وضع النفايات في لبنان، فضلا عن كشف التحقيقات تورط سودانيين وفلسطينيين وسوريين في هذه الاعمال. وتوفرت المعلومات عن هوياتهم واماكن انطلاقهم وادوارهم في العمليات التخريبية.