أكدت مصادر وزارية مطّلعة، أن رئيس الحكومة تمام سلام جدّي في قرار الإعتكاف المرحلي، وتعليق جلسات مجلس الوزراء بهدف وضع كل المسؤولين أمام الواقع الداخلي المأزوم، والفشل في مقاربة أزمة النفايات عبر الحلول القليلة المتاحة، وخصوصاً بالنسبة إلى إقامة المطامر الصحية في كل المناطق بشكل متساوٍ. وأوضحت أنه يتريّث في اتخاذ قرار الإستقالة، ولكن هذا الأمر لن يطول أكثر من أيام معدودة إذا لم تُقدم القيادات السياسية على حسم ملف المطامر الأربعة المطروحة في أقرب وقت ممكن، وذلك كي لا تغمر النفايات المشهد السياسي بعدما غمرت الشوارع. وحذّرت هذه المصادر من أكثر من أزمة باتت تلوح في الأفق على صعيد العمل المؤسّساتي العام، محذّرة من إمكان انهيار الواقع الإداري في أكثر من هيئة رسمية، وذلك في ظل الخلافات والتدخلات السياسية التي تمنع العمل المؤسّساتي، وتدفع باتجاه تعطيل الإدارات.
وعلى الرغم من تحذير رئيس الحكومة لكل المرجعيات من خطورة استمرار الوضع الحالي، فإن المصادر نفسها كشفت عن وجود معطيات سلبية على أكثر من مستوى لا تزال تلقي بثقلها على المشهد الحكومي، وبالتالي، فإن الحكومة تتحمّل وزر الإنقسام السياسي الحاد والإصطفافات الناشئة بعد شرذمة فريقي 8 و 14 آذار إلى عدة أفرقاء تختلف في النظرة إلى العناوين السياسية الكبرى، وينعكس ذلك بقوة على الواقع الحكومي، وعلى عمل المؤسّسات، وبالتالي على شؤون المواطنين. وأوضحت أن المشكلة الأساسية اليوم، والمتمثّلة بأزمة النفايات، ليست مطروحة للتسوية على طاولة الحكومة، وهي تحوّلت بقوة إلى عنوان بارز بين عناوين طاولة الحوار الوطني، حيث أن تسوية هذه الأزمة يجب أن تبدأ على هذه الطاولة قبل أن تنتقل إلى الحكومة التي تتولى تنفيذ الآلية التقنية للحلّ. واتّهمت المصادر أكثر من جهة بالوقوف في وجه الحلول التي طُرحت تباعاً في مجلس الوزراء منذ تموز الماضي، وصولاً إلى تحوّل هذه الأزمة إلى تحدٍّ كبير يهدّد المشهد السياسي العام، وبالتالي الحكومة التي باتت على شفير الإستقالة بعدما وصلت الأمور إلى الخطوط الحمر على الصعيد البيئي. وإذ وجدت المصادر أن استقالة الحكومة هي شأن خطير في ظل الشغور الرئاسي، أكدت أن سلام لم يعد قادراً على تحمّل تبعات العرقلة السياسية الواضحة لملف النفايات. وأكدت أن اعتكاف رئيس الحكومة يختلف هذه المرة عن اعتكافه السابق، ذلك أن العقدة اليوم تكمن في الشارع، وتحديداً في كيفية الحفاظ على أمن المواطنين وصحتهم قبل أي أمر آخر سياسياً كان أم أمنياً. ورفضت المصادر نفسها أن تكون الأزمة بين لبنان ودول الخليج سبباً في الموقف الحكومي، مشيرة إلى أن معالجة هذه الأزمة تتم عبر خطوات متتالية، وفي سياق رسمي وديبلوماسي لبناني وخليجي.
وخلصت المصادر السياسية المطلعة عينها، أن المراوحة في الملف الرئاسي، تشير إلى أن ما من طرف داخلي بات قادراً على إجراء الإنتخابات الرئاسية، لكن هذا الواقع لا يمنع الحكومة من أن تدقّ جرس الإنذار محذّرة من شغور حكومي بعد الشغور الرئاسي. وتوقّعت أن يكون لهذا الإنذار صدى فاعل على المتحاورين غداً الذين سيجدون أنفسهم مضطرين إلى الإنخراط بشكل جدي في معالجة ملف النفايات الذي تحوّل إلى ملف طائفي بامتياز، ويتطلّب حلولاً توافقية بين المرجعيات الطائفية، وخرج من يد حكومة «المصلحة الوطنية».