اذا كانت ملامح الحل الرئاسي تتظهر بعد الاتفاق النووي، فيبدو ان اشارات حلول الازمتين الحكومية والتشريعية ستبدأ بالظهور اعتبارا من الخميس في خلال جلسة مجلس الوزراء بعد انقطاع دام ثلاثة اسابيع . جلسة تنوعت التوقعات حول سيناريوهاتها بين من يعتقد بانها ستشكل «الشعرة التي ستقصم ظهر البعير» وبين من يراهن على ان سلام لم يكن ليدعو اليها لو انه لم يجد مخرجا للازمة.
فالحديث عن اسباب أمنية واقتصادية مالية ظاهرة، حتمت اعادة محركات مجلس الوزراء الى العمل، لم يخف بحسب مصادر وزارية، القطبة المخفية المتمثلة في توافق عين التينة – السراي ،على أن يؤمن الأول ميثاقية الجلسات الوزارية في مقابل توقيع الثاني مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب وتمرير ملف الغاز، ليخرج بذلك المنتصر الاول، رغم اقرار المصادر باشاعة الجلسة جوا سياسيا مطلوبا في سياق ثلاثة اهداف: من تحصين الوضع ضد ارتدادات الازمات الخارجية، مرورا بتنشيط المؤسسات والتوجه بإصرار أكبر نحو الانتخاب الرئاسي، وصولا الى التمهيد لطلب انعقاد دورة استثنائية وعقد جلسات للمجلس النيابي لإقرار مشاريع واقتراحات قوانين مهمة ومتراكمة، في خطوة لاقت استحسانا دوليا وعربيا بحسب دبلوماسي غربي كبير، ترجم بترحيب السفراء العرب والأجانب المعتمدين ودعم دولهم لهذه الخطوة التي تحمي البلاد من شلل المؤسسات قبل انهيارها، كما يؤكد.
الاكيد حتى الساعة ان جلسة الخميس ستكون حاسمة بالنسبة لتبيان موقع حزب الله من الموضوع الحكومي تؤكد المصادر، بعدما ظهرت اتصالات الساعات الماضية صورة رمادية لموقف الحارة، انطلاقا من ان «لا انفجار حكومياً لأن لا قرار بفرط عقد مجلس الوزراء»، رغم اجماع المعلومات على ان اي خطوة للعماد عون لا بد الا وان تكون منسقة بالكامل مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والاكيد ايضا ان جلسة الخميس ستفرز اصطفافا سياسيا جديدا واضح المعالم داخل الحكومة، واضعة الجميع امام مسؤولياتهم.
وفي هذا الاطار لا تستبعد دوائر مراقبة ان يكون رفْض سلام تمرير شهر رمضان بلا جلسة وزارية، نابع في جانب منه من اختبار لحقيقة موقف الحزب من مجمل الواقع اللبناني وما اذا كان الاخير يختبىء وراء مطالب الجنرال، لتمرير أجندة اقليمية قد تكون راغبة في تحقيق انقلاب في لبنان يقلب التوازنات في لحظة احتدام الازمة السورية واقتراب المعركة من دمشق وايضاً في غمرة الرغبة المبكرة في استثمار الاتفاق حول الملف النووي الايراني.
من هنا فان الرابية وحلفاءها لا علم لهم بما يخطط له فريق رئيس الحكومة تضيف المصادر، اذ لم يفاوضهم احد حول موعد الخميس المقبل، لكن موقفهم معلن بحضور الجلسة والمطالبة باحترام القانون والأصول والأولويات، بدءا بالتعيينات ، «فإذا رفض البعض ذلك أو حاول أحدهم نسف الدستور والتلاعب بأسس الميثاق والشراكة، فعندها لكل حادث حديث أو ربما لكل حادث حديث».
بحسب مصادر الوطني الحر، التي تؤكد ان سيدها بانتظار عودة الوزير جبران باسيل من عطلته الاوروبية مع عائلته، لتنسيق الموقف مع وزيري التيار، قبل مناقشة الوضع مع الحلفاء، رغم ان زوار الرابية ينقلون استياء الجنرال من خطوة سلام ومن استبعاده بند التعيينات الامنية والعسكرية عن جدول الاعمال، معتبرة ان الاخير يسعى لتمرير عدد من القرارات خدمة لاجندة غير لبنانية نتيجة الضغوط الدولية الممارسة عليه، قبل شهر آب، ليصار بعدها في ظل التعطيل الحكومي الى تمرير التمديد لقائد الجيش ورئيس الاركان،مؤكدة انه في النقاش السياسي والأمني سوف يسأل وزيرا التيار وزير الدفاع عن تطبيق قرار مجلس الوزراء في موضوع عرسال وتحريرها من الإرهاب لأن الوزير مقبل أسر لأحد الوزراء أنه لن يستطيع تنفيذ هذه المهمة ما لم يصدر قرار رسمي حكومي يتحمل مسؤولية هذه الخطوة علما أن مجلس الوزراء سبق وشدد في جلسته الأخيرة على التفويض إلى الجيش اتخاذ ما يراه مناسبا، على ان يعمد بعدها الى فتح ملف التعيينات العسكرية،كاشفة عن استمرار فريق رئيس الحكومة في سياسة تعطيل مصالح الناس والمرافق الاستراتيجية في البلد منذ 15 شهرا ، من عملية استثمار لبنان لغازه ونفطه ،»ربما لأنه ممنوع على لبنان أن يكون بلدا نفطيا ولأسباب قد نقرأها بعد سنوات في وثائق ويكيليكس «، مرورا بمشاريع الكهرباء والمياه، وصولا الى ما أقدم عليه ممثل فريق سلام في المجلس الأعلى للجمارك، على قاعدة إما أن يعين عضو رديف من حزبه، او يمتنع عن تسيير الجمارك ومرافق الدولة.
من جهته يستعد فريق وزراء الرابع عشر من آذار والمستقلون لخوض معركة رئيس الحكومة الذي لبى مطلبهم، وقرر الدخول في «مغامرة» الدعوة لجلسة رغم غياب الضمانات ، حيث تقوم استراتيجيتهم الهجومية على قاعدة مواجهة اي اثارة لموضوع التعيينات الامنية، بالمطالبة بضرورة اعادة النظر بآلية العمل الحكومي والتصويت التي اثبتت فشلها، فيما ينقل زوار رئيس الحكومة عنه انه لن يدخل في اي سجال في مجلس الوزراء، بل سيعمل على استيعاب الاعتراضات، اذ لا نية لديه لا هو ولا الاخرين بحصول اي اشتباك كلامي مع المعترضين، انطلاقا من تأكيده للراي العام انه ليس هو من يعطل مصالح البلاد والعباد، وأنه ماضٍ في تحمّل مسؤولياته، وأنه دعا لجلسة منتج ، سيصدر عنها قرارات، وبالتالي فهو مصر على ممارسة صلاحياته الدستورية، ناقلين عنه انه بدعوته الحكومة لا يستفز أحداً ولا يتحدى أحداً، بخاصة الشارع المسيحي ، وأن الحكومة لا يمكن أن تبقى «خارج الخدمة»، رغم ادراكه أن مقاطعة 6 وزراء يمثلون «التيار الوطني» و«حزب الله» و«الطاشناق» و«المردة» هي مقاطعة لها وزنها السياسي وتؤخذ بعين الاعتبار، ولا يمكن تجاهلها، ملمحين الى ان الاخير بلور بنود مبادرة سيعمد الى طرحها في كلمته عند بداية الجلسة ، مستوحاة من كلامه في افطار دار الايتام الاسلامية.
اذن، السيناريو المنتظر بحسب ما تتوقع المصادر، ان يعمد وزراء التيار الى طرح موضوعي عرسال، من باب متابعة ما توصل اليه وزير الدفاع وقيادة الجيش وفقا لقرار المجلس الاخير، وكذلك طرح ملف التعيينات، على ان ينسحبا بعدها من الجلسة دون اعلان الاستقالة، التي ستستمر بمناقشة سائر بنود جدول الأعمال وغالبيتها معيشية ملحّة من بينها111 مرسوما عاديا، وليسجّل مَن يعترض عليها اعتراضه او ليلجأ الى الطعن بها وليتحمّل المسؤولية امام الرأي العام، على ان لا تطول الجلسة بحجة صيام رمضان، فيمرر فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، على ان يتم متابعة البحث بموضوع العاز في جلسة اخرى، علما ان المصادر نفسها تعتبر بموجب هذا السيناريو ان الرابح الاول هو رئيس مجلس النواب، الذي حصد مقابل تامينه لميثاقية الجلسة، الدورة الاستثنائية وموضوع الغاز الذي يحتل اولوية اساسية في سلم اهتماماته.