IMLebanon

سلام يهدّد بالاستقالة

لا يختلف اثنان على ان البلاد دخلت مرحلة لا تشبه غيرها من المراحل السابقة، عنوانها الفراغ المملوء وقته الضائع بعشرات الملفات الخلافية التي تبدأ من عرسال ولا تنتهي في رومية، وصولا الى جرح اليرزة المفتوح على صعوبة توقع اي مرونة من قبل «جنرال» الرابية، بعدما بلغ تصعيده السياسي ذروته من خلال إعداد أنصاره للتحرك في الشارع دعماً لموقفه، ما يثير تساؤلات وشكوكاً عما سيكون عليه الوضع بعد استخدام سلاح الشارع، المحرم اقليميا ودوليا حتى الساعة تحت اي عنوان كان.

فوسط دوامة الصراعات التي قد لا تنتهي قريبا، تغرق المؤسسات الدستورية في سباق الشلل والتعطيل، اسيري الخلافات السياسية الطويلة وشد الحبال، بنتائجها الكثيرة والخطيرة، التي بدأت تغرق البلاد تحت ضغطها، حيث تتخوف الاوساط السياسية من ان تكون الغاية النهائية أقرب الى فرض واقع معين يغير أسس النظام اللبناني، مع مجاهرة رئيس تكتل الاصلاح بموقفه الجديد من الفدرالية التي خاض تحت شعار محاربتها حروبه داخل الصف المسيحي، وذهاب مقربين من شخصيات اساسية في التيار البرتقالي الى حد الكشف عن مخطط يجري الاعداد له مع انتهاء معارك القلمون يفضي الى 7ايار سياسي، ودوحة تأسيسية هذه المرة، تعيد «الصلاحيات التي انتزعها السنة من المسيحيين في الطائف اليهم من جديد»، ما استدعى تحركا مضادا للحيلولة دون تنفيذ ذلك، عبر الضغط باتجاه الدعوة لعقد جلسة للحكومة، طالما ان الميثاقية والنصاب مؤمنان.

وتشير المصادر الى ان رئيس الحكومة يتعرض لضغوط سياسية قوية لمعاودة جلسات مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن، متأتية بشكل أساسي من أركان الطائفة السنية، ومن خلفية الحفاظ على صلاحيات رئاسة الحكومة التي يعود إليها توجيه الدعوات وتحديد جدول أعمال الجلسات، من دون الوقوع تحت ضغوط وابتزاز أي جهة سياسية ممثلة في الحكومة، ومن دون التذرع بواقع استثنائي جراء شغور مركز رئاسة الجمهورية وانتقال صلاحيات الرئاسة الى مجلس الوزراء مجتمعا، الذي لا يعني باي حال من الاحوال المس بصلاحيات رئيس الحكومة وآلية عقد الجلسات واتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء.

من هنا تدعو المصادر الى مراقبة سير التطورات لتبيان ابيضها من اسودها مع تشابك خيوطها، مبدية ثقتها الكبيرة بدور رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من القيادات السياسية المدركة لخطورة هكذا طرح، قد يطيح قبل التوازنات بالكيان ككل، لافتة في الوقت نفسه الى ان لمجلس النواب معالجات أخرى تتجاوز قضية الاتصالات والمشاورات تتعلق بجدول الأعمال والقضايا التي ستناقش في اي جلسة عامة، معربة عن اعتقادها ان الأزمة مفتوحة على مصير مجهول، معولة على استثمار ازمة رومية المستجدة للضغط على العماد عون لدفعه لوضع ملف التعيينات جانبا والانصراف لتفعيل الحكومة للتصدي للمشكلة التي قد تتحول لأزمة مذهبية وطائفية كبيرة.

سيناريو قلب الطاولة، ترفضه مصادر الثامن من آذار، متحدثة عن وقائع تتطلب العمل من أجل تنظيم هذه المؤسسات واتخاذ القرارات فيها بطريقة غير إنتقائية، لان «لبنان تأسس وليس بحاجة لاعادة تأسيس بل لاعادة نظر بنظامه، حيث يحتاج الوقت الراهن لتصحيح بعض المفاهيم قبل الانطلاق في اي عملية قد تفضي لتغيير أسس الحكم»، مشيرة الى وجود وسائل متعددة لإنقاذ المؤسسات من الشلل، بابها إجراء تنازلات معينة، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وهو ما يعمل على تظهيره استاذ عين التينة بالتعاون مع بيكي المصيطبة والمختارة، الذي فعل اتصالاته عبر وزير الصحة وائل أبو فاعور، مع نجاح فتح قنوات تواصل مع «حزب الله»، المتفهم لمواقف حليفيْه المتناقضة، خصوصاً ان الحزب يغلّب حاليا أولوياته الاقليمية على المعارك الخرى، فيما لم يحصل حتى الساعة مع الرابية الرافضة لكل المبادرات والتسويات المطروحة، متداركة ان الرئيس بري لا يستطيع التصرف أزاء هذه الحكومة كما لو ان رئيس الجمهورية ليس موجودا، لأن انعقاد الجلسة بغياب مكوّنات أساسية يضرب مفهوم الميثاقية بغياب رئيس الجمهورية.

مصادر رئيس الحكومة التي تراجعت عن تفاؤلها بامكان عقد جلستين حكوميتين الاسبوع المقبل، على ما فهم من موقف الرئيس تمام سلام في افطار «البيال» اوحى بالحسم وقرب توجيه الدعوة وتوقع تاريخها في الثاني من تموز، بعد تراجع منسوب الايجابية، الذي كان ساد خلال الساعات الماضية على خط المشاورات مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، التي كانت افضت الى حل يقضي بالدعوة الى جلسة حكومية تكون التعيينات الامنية بندا اساسيا فيها على ان يقبل كل الافرقاء بالنتيجة مهما كانت، كاشفة عن ان سلام حريص على عدم انتهاج سياسة التحدي مع اي طرف او مكون في الحكومة، فاسحا المجال امام المزيد من المشاورات ضمن مهلة لن تتخطى التاسع من تموز، معتبرة ان السراي لن تتحول الى رهينة في يد اي من القوى السياسية، من هنا الاصرار على مسألة العودة الى تمديد آلية عمل مجلس الوزراء في ضوء احكام الدستور، والا فان الاستقالة تبقى افضل من شلل الدولة وانهيارها، ذلك ان أن حكومة تصريف الأعمال، في حال استقالتها، تبقى أفضل من حكومة معطلة ومشلولة، وهي في الأساس لا تتجاوز في قراراتها العادية المفهوم الحصري لحكومة تصريف الاعمال .مع الاشارة الى ان «عقدة» جديدة استجدت حيث تبين من المشاورات انه بات مطلوبا ايضا التفاهم مع النائب وليد جنبلاط كونه المعني بمركز رئاسة الأركان المخصصة للدروز، رغم انحسار المعركة بين اسمين.

يجمع رجال السياسة كما المحللون، على ان لا تسويات او مخارج في المدى المنظور حتى وإن كانت الاتصالات تجري على أعلى المستويات. لكن هل يعني ذلك انتصار محور التعطيل؟ ام ان رهان التعطيل من بوابة رومية، فشل بعد استيعاب المستقبل للضربة، واحتواء الرئيس سلام للتداعيات؟