استراح رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام في دارته بالمصيطبة بعد أن أدى صباح أمس، واجبه الدستوري، بالمشاركة في الاستشارات النيابية الملزمة. سبق ذلك عقد لقاء بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، خرج بعده للحديث عن «عهد جديد وصفحة جديدة للبنان وللبنانيين». وأكمل أنه أعاد الأمانة الى صاحبها الرئيس سعد الحريري، فكان أن سماه لتأليف الحكومة الجديدة، مهنئا اللبنانيين بدخول لبنان مرحلة جديدة.
أكثر منذ ذلك، اعتذر سلام من المتصلين به عن عدم رغبته بالإدلاء بأي موقف أكثر مما قاله في بعبدا. الرجل قرر الانصراف الى تصريف الاعمال «بأضيق الحدود»، والقيام بنشاطات ايضا «بأضيق الحدود»، تاركا للحريري ولحكومته التي يأمل تأليفها سريعا، أن تكون على قدر التحديات وما يتأمله اللبنانيون.
صحيح ان سلام استراح من مناكفات مكونات حكومة «المصلحة الوطنية» التي لم يراعِ بعض اركانها اية مصلحة وطنية، بسبب مصالحهم الآنية الضيقة، لكنه وان كان قد انجز الكثير من الملفات، فإنه سيترك لخلفه ملفات كبيرة عالقة في أدراج السرايا نتيجة الخلافات والمناكفات السياسية، واولها واهمها ربما ملف موازنة العام 2017 التي انجزها وزير المال علي حسن خليل، مرفقة بمشروع سلسلة الرتب والرواتب معدلا، اضافة الى ملفات عالقة من تعيينات ادارية وعسكرية وامنية، بينها تعيين قائد جديد للجيش ومدير عام جديد لقوى الامن الداخلي ومحافظ لجبل لبنان ورئيس واعضاء مجلس ادارة معرض رشيد كرامي، اضافة الى الملف الطويل والشائك المتعلق بالاتصالات والانترنت والوضع الاداري لوزارة الاتصالات و «هيئة اوجيرو» وتراكمات ملف النفايات.
واذا كان الحريري، سيحمل تلقائيا هذه الملفات، اضافة الى الملف الاقتصادي ـ الاجتماعي كما وعد هو والرئيس المنتخب للجمهورية، فثمة اولويات اخرى ومنها التفاهم على قانون الانتخاب، لا سيما ان ولاية المجلس النيابي الممدد لنفسه تنتهي في حزيران المقبل، ما يعني ان الانتخابات يفترض ان تجري في اواخر نيسان او النصف الاول من ايار، مع ما يسبقها من تحضيرات لوجستية وادارية وامنية، قد توكل الى وزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق اذا تأخر تشكيل الحكومة الجديدة، وفي طليعتها تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، وثمة مؤشرات كثيرة تدل على أن المشنوق بات في عداد «الثوابت»، وبالتالي، لن يشمل التغيير الحكومي وزارة الداخلية.
وتقول أوساط مقربة من رئيس «تيار المستقبل» إنه على ثقة بأن يتجاوز عدد من يسمونه لتأليف الحكومة عتبة المائة نائب، وهذا يضاعف المسؤولية، خصوصا أننا مع بداية عهد جديد، وستكون المهمة الأولى للرئيس المكلف الاستماع الى آراء النواب ومطالب الكتل والقوى السياسية، ليقوم بعدها بـ «جوجلة» هذه الآراء والمطالب وتقرير المناسب.
وتشير الأوساط الى ان العناوين العامة للبيان الوزاري ستتقاطع الى حد كبير مع ثلاثة مراجع، أولها خطاب القسم، وثانيها بيان الرئيس الحريري الذي رشح فيه العماد عون الى رئاسة الجمهورية، وثالثها البيان الوزاري للحكومة الحالية. وأكدت أن الأولوية لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم معظم القوى السياسية، وبالتالي سيقوم رئيس الحكومة المكلف بمسعى «جهادي» للتفاهم مع القوى السياسية، لكن المطلوب من الجميع تسهيل الانتقال بالبلد من حالة المراوحة الى حالة الانتاج ما دامت الشكوى عامة لدى كل الاطراف من التعطيل والفراغ على مدى السنوات الماضية.