يختصر الرئيس تمام سلام جلسة مجلس الوزراء اليوم: ستعقد وثمة جدول اعمال. اذا اعترض وزير نسجل له الاعتراض وينتهي الامر عند هذا الحد. لا تعطيل لمجلس الوزراء. لكن لا خيط مقطوعا ولا خيط موصولا مع الرئيس ميشال عون
جلسة مجلس الوزراء واقعة اليوم، ورئيس الحكومة تمام سلام مصرّ على انعقادها. الا انه مصرّ ايضاً على عدم تعطيل اعمال مجلس الوزراء. تشبّثه بصلاحياته الدستورية لا يثنيه عن تأكيد التزامه المادة 65 من الدستور التي ترتب اولويات التصويت: التوافق أولاً وإلا التصويت. لكن «وإلا» لا تعني حكماً شل اعمال مجلس الوزراء، وهو يطرح شعاراً تحتمه الضرورة، وإن ظهر في الغالب غير مألوف: مهمة حكومته تسيير ادارات الدولة وشؤون الناس، وليس بت خلافات الافرقاء السياسيين، ولا حكماً الإنتقال بها الى داخل جدران مجلس الوزراء: «ليحلّوها خارجا.
هناك وسائل شتى من بينها الحوارات الدائرة. في ظروف كهذه يمر فيها لبنان والمنطقة على الاخص، ما يعنيني في مجلس الوزراء الالتفات الى متطلبات المواطنين وحاجاتهم. من ذلك قرار الخميس الماضي مساعدة المزارعين على تصريف انتاجهم. وهو ترجمة لقرار سابق لمجلس الوزراء بتوفير الدعم لهم».
يقول سلام ان احدا لم يفاتحه في تأجيل جلسة مجلس الوزراء اليوم. لم يقصد وزير حزب الله محمد فنيش الذي التقاه الثلثاء حضه على التريث وتأجيل الجلسة، بل فتح ابواب الحوار وتفادي الصدام. لا يخفى على سلام حجم التأييد الذي يمحضه الحزب للرئيس ميشال عون في حملته الحالية، وهو «تأييد يبدو مطلقا وكذلك تحالفه معه»، لكنه يعوّل اكثر على الشق الآخر في موقف الحزب وهو تمسكه بالحكومة، وتشديده على دستوريتها وعلى ضرورة عدم التفريط بها.
يضيف: «ربما يبدو حزب الله محرجا بمواقف العماد عون الذي يذهب في تصلبه الى نطاق قد يجعل البلد برمته مربكاً وليس الحزب فقط. حكومتنا حكومة تسيير شؤون البلاد، وفي تكوينها حكومة ائتلافية. ليست حتما حكومة ادارة الازمة السياسية. منذ التأليف قلت ذلك، وتجنبت خصوصا مقاربة المواضيع الخلافية في حيزها السياسي في مجلس الوزراء، ما يؤدي الى مواجهة سياسية لا قبل لنا على تحملها. وهذا ما كان يحدوني الى القول لنبحث في جدول اعمال الجلسة فحسب. مكان هذه الخلافات في مكان آخر، وليس في مجلس الوزراء. كنا نتعمد دائما في مجلس الوزراء وضع هذه الملفات جانباً من اجل المحافظة على موقف المجلس متماسكاً ومتعاوناً، بعيداً من التصادم، بغية الوصول الى قرارات ايجابية ومجدية. لست انا، ولا حكومتي هي المكلفة حل المشكلات المستعصية. اما ان تصل وطأة الخلافات الى حجم كبير وتهويل وتهديد بنسف النظام، فبالتأكيد ليست حكومة المصلحة الوطنية من يبتها، ولا مجلس الوزراء مكان الخوض فيها. بل المكان الطبيعي لها هو الافرقاء السياسيون في ما بينهم».
يميز بين اصراره على انعقاد الجلسة والحؤول دون تعطيلها وبين قرار جلسة الخميس الماضي بازاء الصادرات الزراعية: «يقود ذلك الى المقاربة المعتمدة في مجلس الوزراء حاليا. انا اسميها مقاربة خلافا للبعض الذي يدعوها آلية، وذلك بهدف ان لا تصبح آلية قائمة ثابتة تفرض نفسها، وهي مقاربة لأن الظروف هي التي تفرضها. وقد اقتضتها الظروف في الاسابيع الاولى من الشغور الرئاسي، وطرأ تعديل عليها في ما بعد للحؤول دون التعطيل، ثم عدنا اليها قبل اربعة اشهر واتفقنا على عدم تعطيل قرارات مجلس الوزراء وإن تحفّظ وزير او اثنان او ثلاثة او مكون او مكونان، وان القرارات لا تتوقف عند هذا التحفظ. لم يكن الهدف منها سوى منع تعطيل اعمال مجلس الوزراء، وتاليا تعطيل شؤون البلاد وتسييرها وخصوصا ما يرتبط بحاجات الناس واستحقاقات حياتية ملحة واقتصادية وامنية. ليس لذلك كله اي علاقة بالنزاع السياسي القائم. كذلك ليس لهذه المقاربة اي علاقة بالنزاع السياسي، بل تسيير اعمال مجلس الوزراء. من واجبي كمسؤول اعتماد كل المقاربات التي تحول مجلس الوزراء الى هيئة منتجة وليس تعطيله. اما ان يضع كل مكون بين يديه قرار التعطيل، فهذا يعني ان تفاهم طرفين يؤدي حكما الى نسف اعمال مجلس الوزراء».
كيف يحدد المقاربة هذه؟
يضيف رئيس الحكومة: «ليست دستورا ولا قانونا ولا صيغة مكتوبة، بل تعتمد الابتعاد عن التعطيل وتجنبه. عندما اتسلم خطيا كتابا من التيار الوطني الحر يقول انه لا يوافق على بنود جدول اعمال مجلس الوزراء بحجة انه يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، فهذا ما لم يحصل مرة في تاريخ ممارسة هذه الصلاحية المختصة برئيس مجلس الوزراء، بل لم يقل اي رئيس للجمهورية مرة انه لا يوافق على جدول اعمال جلسة لمجلس الوزراء برمته. ليت التيار اقترح تعديل الجدول، الا انه رفضه كاملا. هذا لا يجوز اطلاقا، وليس لاحد اي صلاحية في ذلك».
ماذا عن التعيينات العسكرية والامنية؟
يقول سلام: «الموضوع استنفد مناقشاته، وهو يدخل في صلاحية وزيري الدفاع والداخلية صاحبي الاختصاص. طرح وزير الداخلية مرشحه للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، فلم يوافق على اقتراحه، عندئذ لجأ الى التمديد للمدير العام الحالي. وزير الدفاع يقول ان ليس لديه ما يطرحه. ليس لوزير ان يطرح ما لا يدخل في اختصاصه. على كل حال ينبغي ان تثار التعيينات العسكرية والامنية، لكن في اوانها وليس قبل ذلك». الا انه يشدد ايضا على ان مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي لم يعتمد التصويت و»تجنبه عملا بالدستور الذي يجعل التوافق اولوية، ومن ثم اذا تعذر التصويت. لم يقلب الدستور هذا الترتيب، ولن اقلبه انا. التوافق اولاً وهو خياري واتمسك به».
ماذا يعني التوافق بالنسبة إليه؟
يقول: «هو ما يتجاوز التعطيل. اذا اعترض وزيران مثلا على قرار ولم يقدما حجة مقنعة ووافية لاعتراضهما سوى هدف العرقلة، طبعا لن نمشي باعتراضهما وسنتخذ القرار. في ما مضى قرر وزراء بلا اي حجة ان لا يوقعوا المراسيم. ماذا نفعل عندئذ، نعطل مجلس الوزراء؟ هكذا فعلت في قرار الصادرات الزراعية. تجاوزت الاعتراض ووقعت المرسوم. حيث اجد التعطيل سيد الموقف سأمنعه واحاربه».
وكيف ينظر الى حدود دور الوزراء المنوط بهم مجتمعين صلاحيات رئيس الجمهورية، يلاحظ ان «منذ الشغور ثمة جدل في هذا الموضوع: هل ان وكالة الوزراء مجتمعين كاملة ام مجتزأة؟ لم اخض ابدا في هذا الجدل ولم اجاره، بل ما اعتمدته هو تسيير شؤون البلاد».
لكن عون يتهمه بوضع اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية؟
يضيف رئيس الحكومة: «العماد عون اتهم العنوان الخاطىء. ذهب الاتهام الى العنوان الغلط. لست انا مَن يُتهم. لا لبس ابدا في الامر. لا مواقفي ولا دوري ولا ممارستي دلت مرة على انني طامح او رغبت يوما ما في الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية. بالكاد احافظ على صلاحياتي، واقارب صلاحياتي حتى من باب المصلحة الوطنية وليس من باب الدستور فقط، لأن ثمة من يلومني على انني لا استخدم صلاحياتي الدستورية او امارسها حتى كما يجب ان تمارس. حكومتي ليست حكومة حل ازمة سياسية، بل تسيير شؤون البلاد والعباد، فلا يحملونها ما ليس فوق طاقتها اذا كانوا عاجزين عن انتخاب رئيس الجمهورية. سأسيّر مجلس الوزراء بما يؤدي الى نتائج لمصلحة العباد».
ماذا اذا نزل عون الى الشارع؟
يقول: «هو مَن يتحمل المسؤولية. نسمع كلاما كبيرا للغاية، تحريك الشارع، تغيير النظام، نسف البلد، القيام بثورة… هذه مسؤوليته وهو يتحملها. فلا يحملنها احد للحكومة او لرئيسها. لتتحملها بجرأة وجدارة القوى السياسية».