IMLebanon

سلام سيعتكف الخميس

لا شك بأن مشهد طوفان السيول والنفايات شكل مظهراً مخجلاً للبنان واللبنانيين، مع إقتراب الاعياد التي تفاءل بها اللبنانيون خيراً، بإمكانية قدوم المغتربين اللبنانيين على الاقل لا السواح. لكن ووسط هذه المشاهد التي رأيناها يوم الاحد، والمرشحة للاستمرار طيلة فصل الشتاء على ما يبدو، في ظل غياب أي حلول في الافق لمشكلة النفايات، يبدو الوضع على خط التدهور الكبير، ما أثار إستياءً شعبياً ناقماً على اغلبية الطبقة الحاكمة التي راحت تتبادل الاتهامات، وتضع نفسها في الموقع المظلوم، وسط دعوات من اللبنانيين للاسراع في انعقاد مجلس الوزراء لإيجاد حل للكارثة التي حذّر منها الجميع. لكن كالعادة غلبت التشنجات والانقسامات السياسية لتجعل من المشكلة كارثة فاقت المعقول، والنتيجة كالعادة تنصّل الوزراء من مسؤولياتهم، مكررين جملة واحدة « لقد سبق وحذرنا من وقوع المحظور».

في هذا الاطار علّقت مصادر سياسية مراقبة، بأن هناك من يعمل على إفراغ مؤسسات الدولة الدستورية بالقوة، فإلى جانب الفراغ في الرئاسة هناك وضع مماثل في مؤسسة مجلس النواب، واليوم اتى دور الحكومة او المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تقف عرجاء غير قادرة على حمّل أي ملف، في ظل النزاعات والتناحرات القائمة بين وزرائها، ضمن إطار ملف النفايات الذي فجّر البلد، بسبب سيره على طريق التسييس ووتر المناطقية والطائفية، سائلة عن سبب تلكؤ الدولة في إيجاد حلول جذرية لهذا الملف كا يجري في كل دول العالم، وحتى في دول العالم الثالث وحتى دونه، حيث يتبعون الطرق العملية الصحيحة، اما في لبنان فكالعادة لا حلول بل خلافات وصفقات مالية وابتزاز متبادل على حساب صحة اللبنانيين، معتبرة أن ما يجري اليوم خطر جداً، لان هدفه القضاء نهائياً على ما تبقى من الدولة، وبالتالي فرض الاستقالة على رئيس الحكومة تمام سلام، الذي بالتأكيد نفذ صبره، فيما هو يقوم بواجبه، لكن بعض المحيطين به من وزراء يعرقلون عمله.

مصادر مقرّبة من سلام اكدت أنه وصل الى درجة قلب الطاولة على الجميع، لكن الرادع هو السعودية التي لم تعط بعد الضوء الاخضر لهذه الاستقالة وهي لن تعطيه بالتأكيد، لانها لن تقبل بفراغ ثلاثي على غرار ما يطمح اليه البعض ، مما يعني ان رهان هذا البعض على إستقالة سلام خاسر جداً، وبالتالي فالامور مرشحة للبقاء هكذا حتى نهاية العام لان الاعتكاف سيكون سيّد الموقف أي شلل حكومي كبير، فلا آلية حكومية مشتركة ومقبولة من الجميع، ولا حلول جذرية لكل الملفات العالقة، بل تناحرات مستمرة ضمن اطار معين، وهذا دليل على مصير اسود وصل اليه لبنان، ناقلة أن رئيس الحكومة منهك ومحبط الى اقصى درجة، لان احداً لم يسهّل له عمله او يفتح له الدروب الشائكة، كي يستطيع العمل بحرّية من دون ضغوط، واولهم تيار المستقبل المفترض ان يكون الى جانبه، لكنه عرقل له الحل في مطمر سرار في عكار، فقابله رفض في مطمر السلسلة الشرقية في البقاع الشمالي ، ضمن الصراع السّني -الشيعي بين المستقبل وحزب الله في اطار النكايات السياسية، إضافة الى رفض كل طائفة لوجود مطمر ضمن مناطق نفوذها، معتبرة أن الحل الافضل هو إيجاد مطمر في كل قضاء، من باب التقسيم الطائفي حتى في ملف النفايات.

ولفتت المصادر المذكورة الى ان الرئيس سلام يعرف في قرارة نفسه أن الاستقالة غير متوافرة اليوم بغياب رئيس الجمهورية، فلمن يقدم هذه الاستقالة؟وبالتالي فهنالك خطورة كبيرة من إستقالته، لانه يكون قد قضي على آخر مؤسسة دستورية، لذا فالشلل افضل من وقوع تلك الكارثة، اذ على الاقل هنالك حكومة وإن كانت غير فعاّلة، لان غيابها يعني عدم وجود هيئة دستورية مكتملة الشرعية كي تستطيع التعامل مع المجتمع الدولي، إضافة الى انها تمارس اليوم صلاحيات رئيس الجمهورية بسبب غيابه.

ورأت أن إعتكاف سلام قد يساهم في بعض الحلحلة، في حال توافق الأفرقاء السياسيون وتعاونوا ضمن جلسة حكومية لبتّ كارثة النفايات، التي طغت على كل المشاكل العالقة ومنها الملف الرئاسي، لانها طالت صحة المواطن اولاً. وختمت بأن رئيس الحكومة سيسمّي كل المعرقلين يوم الخميس ، بهدف فضحهم امام اللبنانيين ورفع المسؤولية عنه.