أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، انّ البنك المركزي لم يتوصّل بعد مع وزارة المالية الى اتفاق حول الآلية التي سيتمّ اعتمادها بين الطرفين فقط، لتأمين وفر مالي في موازنة 2019، مشدداً في المقابل على انّ النتيجة محسومة لكنّ الآلية لم تتبلور بعد.
أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على هامش مؤتمر يوروموني الذي انعقد في بيروت امس، انّ مصرف لبنان سيكون على تواصل مع وزارة المالية للبحث في الآليات التي قد تؤدّي الى النتائج المرجوة على صعيد خفض كلفة خدمة الدين العام، والتي اعتمدتها الحكومة ضمن مشروع قانون موازنة 2019، والتي تحافظ في الوقت نفسه على الثقة والاستقرار.
وشدّد على انّه لم يتم التوصل الى أي صيغة نهائية بعد مع وزارة المالية حول الآلية التي سيتم اعتمادها، «ولكنّ المهمّ هو النتيجة المضمونة التي سنصل اليها والتي ستحقق وفراً في الموازنة يصل الى 700 مليون دولار. لكنّ أي عملية سنقوم بها من اجل تأمين هذا الوفر المالي في الموازنة، ستكون عملية مدروسة بين البنك المركزي ووزارة المالية، لأنّ مصرف لبنان بات يحمل معظم الدين العام». ورفض سلامة حصر الآلية بموضوع اصدار سندات بقيمة 11 ألف مليار ليرة بفائدة واحد في المئة، مؤكّداً انّه لم يتم البحث أساساً في هذا الموضوع.
ولفت سلامة الى انّ وضع المصارف خاصّ لأنّها محكومة بنتائجها وإمكانياتها المالية، «وبالتالي لن تُلزمها أي جهة كانت، بأي إجراء وليس مطلوباً منها أساساً ان تشارك في أي عملية سنقوم بها». مشيراً الى انّه تمّت معاقبة المصارف مسبقاً من خلال الضرائب المفروضة عليها والتي تكبّدها اعباء مالية كبيرة. وشدّد على اهمية الحفاظ على صلابة المصارف لانه عامل مؤثر على الاقتصاد.
التقارير السلبية
وقال، إنّ «التعليقات السلبية المتأتية من الخارج حول لبنان مرتبطة فعلياً بوجهة نظر اعتدنا عليها منذ فترة، كما انّها مرتبطة بواقع موجود في لبنان لا نستطيع تجاهله، وهو ارتفاع عجز الموازنة الى مستويات يمكن ان تخلق شكوكاً حول امكانية الاستمرار بتمويل هذا العجز الذي بلغ في العام 2018 نسبة 11,5 في المئة من الناتج المحلي».
لكنّ سلامة لفت الى انّ الاسواق تنظر أيضاً نحو المستقبل، معتبراً انّ الجهود التي تقوم بها الحكومة لضبط العجز وتخفيض نسبته مقارنة بالناتج المحلي، بغض النظر عن نسبة التخفيض، هي إشارة ايجابية ستدرك الجهات الخارجية، مستقبلاً، مفاعيلها.
أضاف: «في المقابل، علينا القيام، بعد إقرار الموازنة، بالتواصل مع الجهات الخارجية لشرح التطورات الايجابية التي تحصل في لبنان».
أسعار اليوروبوندز
وحول أسعار سندات الخزينة اليوروبوندز، أبدى سلامة استغراباً حول ما يُشاع عن تراجع اسعار اليوروبوندز، مؤكّدا انّ الاسعار ارتفعت ولم تنخفض، مشيراً الى انّه عندما ارتفعت اسعار سندات اليوروبوندز، صدرت في الوقت نفسه ثلاثة تقارير تفيد عن تراجع اسعار السندات، «إلّا انّ الارقام موجودة، والحقيقة انّ المردود على السندات الدولارية بلغ 11,5 و12 في المئة. واليوم نتيجة ارتفاع اسعار اليوروبوندز، فانّ المردود اصبح بين 10 و10،5 في المئة». مستغرباً توقيت الكلام عن تراجع أسعار السندات في الوقت الذي تحسّنت فيه اسعارها فعلياً.
وقال سلامة، انّ البنك المركزي تشاركه الحكومة ووزارة المالية الرأي، «انه لا يجب علينا القيام حالياً بأي إصدارات جديدة خصوصاً بالدولار، الى حين تبلور الصورة المستقبلية بشكل أوضح وإقرار الموازنة. لسنا على عجلة، لأننا نملك السيولة. القرار يعود في النتيجة للحكومة، لكن لا مبرّر لذلك وآمل ألا يُقدِموا على هذه الخطوة».
التصنيف المُنتظر
وحول التصنيفات الائتمانية المُنتظرة من المؤسسات الدولية، اكّد سلامة انّ صندوق النقد الدولي، الذي سيلتقي بعثته الموجودة في لبنان حالياً، الاسبوع المقبل، يعدّ تقريره السنوي حول لبنان، «ودائماً ما يكون متحفّظاً»، معتبراً انّ قرار وكالات التصنيف الائتمانية يعود لها وحدها، «لكنني لا أرى منطقياً انه يجب خفض تصنيف لبنان، لانّ ملاءة الحكومة ليست على المحكّ بل هي مؤمّنة، وقد سدّدنا كافة الفوائد المتوجبة خصوصاً بالعملات الاجنبية بالاضافة الى أصل الدين».
وطمأن سلامة الى تلبية احتياجات الدولة المالية وتأمين مستحقاتها الداخلية والخارجية، لافتاً الى انّ سياسة مصرف لبنان النقدية هي دعم استقرار سعر صرف الليرة، دعم سلامة القطاع المصرفي ودعم ملاءة الدولة.
وحول امكانية حصول لبنان على ثقة المجتمع الدولي، شدّد على انّ الاهمّ ان يحصل لبنان أوّلا على ثقة اللبنانيين في لبنان والخارج. وقال: «من المؤكّد انّ نوايا المجتمع الدولي تجاه لبنان جيّدة، وانا اعلم انهم يريدون الاستقرار في لبنان. أما الضغط الذي يمارسونه في بعض الاحيان على لبنان، فهو للحفاظ على مصلحة البلاد في المستقبل، وحثها على التحكّم بعجزها، خصوصاً العجز في القطاع العام».
مرحلة Deleveraging
واعلن حاكم مصرف لبنان، انّ المركزي في الوقت الحاضر في حالة خفض الرافعة المالية (deleveraging) (أي خفض نسبة الديون)، وذلك بسبب ارتفاع اسعار الفوائد وتراجع السيولة في السوق، مؤكّداً انّه حين يتمّ التصحيح في مسار اسعار الفوائد، سيعود الطلب في الاقتصاد اللبناني، «ووفقاً لإحصاءاتنا، فانّ الحركة جيّدة حالياً نتيجة انطلاق الموسم السياحي».
وذكر انّ القروض تراجعت حوالى 6 مليارات دولار، فيما الودائع انخفضت 3 مليارات دولار، وبما انّ نسبة تراجع الودائع أقلّ من نسبة تراجع القروض فهذا يعني ان النظام ما زال يستقطب تدفقات مالية بمعدل نصف مليار دولار شهرياً.
الدعم القطري
وردّا على سؤال حول الدعم الخليجي الذي سبق ووعدت به السعودية وقطر، قال سلامة، انّه لا توجد مباحثات حالياً في هذا الاطار، «كان هناك وعد من قطر، ويعود لها قرار الإيفاء بوعدها».
ضريبة الاستيراد
وأعرب حاكم مصرف لبنان عن تأييده لفرض ضرائب مباشرة او غير مباشرة على المستوردات، «لأنّ لبنان يعاني من مشكلة أساسية مرتبطة بعجز ميزانه التجاري، وبالتالي يجب معالجة هذا الامر بطريقة او بأخرى».
واشار سلامة، خلال مؤتمر يوروموني، الى توجّه المصارف المركزية العالمية الى خفض اسعار الفوائد، لافتاً الى انّ ذلك سينعكس انتعاشاً في الاقتصاد اللبناني في غضون 6 أشهر، من ناحية ارتفاع حجم السيولة.
وقال، انّ لبنان لا يتأثر مباشرة بالحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين، إلّا انّ اللبنانيين العاملين في الخارج قد يتأثرون سلباً، وبالتالي قد تتراجع تحويلاتهم المالية التي يعوّل عليها لبنان لخفض العجز في ميزان المدفوعات والبالغ 4 مليارات دولار. متوقعاً ان تصل التحويلات الى حوالى 7 مليارات دولار هذا العام مقارنة مع 9 مليارات دولار في العام الماضي.