اعتبر الاعلان عن قُرب اجتماع لجنة المؤشر بمثابة فتحٍ لمعركة رفع الاجور، التي تأتي في توقيت دقيق وحساس، على اعتبار انّ الموظف فقد قدراته الشرائية وصار عاجزاً عن تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة، والمؤسسات في غالبيتها في أوضاع صعبة لا تسمح بزيادة الانفاق من دون المجازفة بالافلاس والاغلاق. انها المعادلة الصعبة والموجِعة التي يحاول طَرفا الانتاج الوصول اليها بأقل خسائر ممكنة. فهل هذا الأمر مُتاح؟
بعد تشكيل الحكومة، وضع ملف الاجور على السكة مجدداً. وبعدما فاتحَ رئيس الاتحاد العمالي العام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بهذا الملف، حمل الاتحاد هذا الملف الى وزير العمل مصطفى بيرم الذي اعلن انّ الوزارة في صدد توجيه الدعوات الى أعضاء لجنة المؤشر، والاتفاق على موعد قريب للاجتماع والبحث في تعديل الرواتب والاجور في القطاع الخاص بعدما كانت قد توقفت عن اجتماعاتها منذ العام 2014، وتضمّ أطراف الانتاج الثلاثة: الحكومة وأرباب العمل والعمال. فكيف تستعد الاطراف المعنية لهذا الاجتماع؟ وما هي مقاربتها للموضوع؟ وما الاوراق التي يحضّرها الاتحاد العمالي العام؟
يُبدي الاتحاد العمالي حماسة في مقاربة هذا الملف، خصوصا بعد التدهور الكبير الذي لحق بسعر صرف الليرة وفقدانها قيمتها ومعها قيمة الرواتب والاجور، ويرى رئيس الاتحاد بشارة الاسمر ان هذا الملف صعب جدا ودونه تحديات، ويحتاج الى حوار ووقت قبل ان نصل به الى الدخان الابيض.
ويقول لـ«الجمهورية» انه «لم يتم التوصّل الى اي نتيجة في هذا الموضوع، إنما تطرقنا في خلال لقاءاتنا المتعددة مع المعنيين الى كل الامور من ملحقات الأجر الى الحد الادنى للاجور.. وللغاية، سنتقدم خلال اللقاء الثلاثي في اطار اجتماع لجنة المؤشر بورقة تتضمّن تصوّرنا للحد الادنى للاجور وشطور الاجور وملحقات الاجر بما فيها دعم النقل في القطاعين العام والخاص. وللغاية، التقينا كذلك وزير النقل، لا سيما بعد طلبه من السفيرة الفرنسية ان تدعم تأمين باصات نقل للبنان. وفي هذا الاطار يصرّ الاتحاد العمالي العام على ان لا تمسّ اموال خطة النقل الحضري المعدّة لبيروت، والتي تؤمّن 250 باصاً داخلها وتوفير النقل السريع بين بيروت وطبرجا بكلفة 290 مليون دولار، ونحن نرفض تحويل اموال هذه الخطة لتمويل البطاقة التمويلية لأن المَس بها يعني المس بحوالى 40 % من مداخيل اللبنانيين».
وفي ما خصّ تعرفة النقل، يرى الاتحاد انه «في حال دعمت خطة النقل وجرى اعطاء سائقي الاجرة صفيحة بنزين مدعوم يومياً يمكن عندها خفض تعرفة السرفيس الى 10 آلاف ليرة، علماً انها تتراوح اليوم بين 25 و30 الفا داخل بيروت.
أما في ما خصّ بدل النقل لموظفي القطاعين العام والخاص، والتي رفعت من 8 آلاف الى 24 الفاً يومياً، فهناك توجّه لأن تكون هذه التعرفة تصاعدية بحيث تكون متغيرة وتتأثر بنسبة ارتفاع سعر صفيحة البنزين.
أما في ما خصّ الحد الادنى للاجور، فيقترح الاتحاد، بناءً على دراسات معينة ان يكون 7 ملايين ليرة، خصوصاً ان كلفة النقل شهرياً ارتفعت الى مليون ليرة ونصف، كلفة الاشتراك في المولد 5 امبير مليون ونصف بما يوازي 3 ملايين ليرة، على ان تنقسم الاربعة ملايين المتبقية على تكاليف المعيشة من شراء لحوم وخضار وحاجيات العائلات…».
أما عن رأي الهيئات الاقتصادية، فيقول الاسمر «انها منقسمة. جزء منهم منفتح الى اقصى الحدود، وجزء منهم متريّث بانتظار ان تنفرج وان يتضِح مصير سعر الصرف، وجزء ثالث يرفض رفضا باتا أي زيادة في حجة التضخم».
ويؤكد انّ «الاتحاد منفتح على الحوار، مستعد لخفض الرقم الذي يقترحه كحد ادنى للاجور اذا كانت ملاحق الاجور مدعومة (كلفة النقل المنح المدرسية، التعويضات العائلية بالضمان…) تغطي جزءا كبيرا من الكلفة المعيشية».
واضاف: «قدرُنا ان نلتقي مع الهيئات، وان نتوصّل الى حلول ترضي الجميع وتراعي اوضاع المؤسسات المتعثرة او المفلسة او التي تمر بأوضاع صعبة». وتابع: «لا شك انه لو كان لدينا بعض من الاستقرار الاقتصادي والسياسي لكانت الامور اسهل، وهامش التفاوض اكبر».