ما زالت عمليات بيع الاراضي مستمرة في لبنان وخصوصاً في المناطق المسيحية، وإن مرّت قبل فترة وجيزة بحالة من الهدوء، بسبب تدّخل الكنيسة والرابطة المارونية ومطالبتهم بالحفاظ على ارض الاجداد وعدم بيعها للغرباء. لكن هذه الحالة عادت بسبب تأرجح الوضع الاقتصادي وعمليات السمسرة والدفع السريع والخيالي، واليوم تبرز هذه العمليات في بيروت والمتن وجبيل وجزين وشرق صيدا والبقاع، واللافت بصورة خاصة ان مناطق كسروان تتعرّض ايضاً لعمليات شراء ابنية قيد الانشاء بمبالغ خيالية، من أثرياء لبنانييّن من طوائف اخرى، ومن خليجيين يفضّلون شراء اراض في مناطق مسيحية، حيث لا يتعرضون الى مضايقات من احد، من دون أي رادع من المرجعيات ونواب المنطقة الصامتين إزاء ما يجري بحسب ما تسأل مصادر مسيحية، وتشير الى ان منطقة الدبيّة الشوفية تعرضت بدورها منذ اكثر من سنتين لعمليات البيع هذه، واليوم عادت من جديد، ليصبح اكثر من 30 في المئة من اراضيها ملكاً لمتمولين من خارج المنطقة. ما ادى الى تغييّر وجهها الديموغرافي وبالتالي بث الخوف في ارجائها من ان يصبح الوجود المسيحي غريباً عنها.
وتنقل المصادر المذكورة تخوّف الاهالي من فقدانهم لبلدتهم بعد سنوات تحت عنوان التهجير المبطّن، داعية الى الاعتصامات على غرار ما فعله اهالي بلدة مغدوشة حين اشتدت فيها عمليات بيع الاراضي، ورأت ان ما يجري ليس سوى سياسة ممنهجة لتهديد العيش المشترك من جديد، داعية الى التصدّي بكل الاساليب لان ما يجري منذ سنوات غير مقبول، ورأت ان على البطريرك الماروني القاء الحرم الكنسي على كل مسيحي يبيع ارضه، مشيرة الى ان المرجعيات الدينية لطالما رفضت ذلك لكن نريد تطبيقاً فعلياَ على الارض.
ولفتت المصادر الى ضرورة التحرّك الفوري على جميع الاصعدة، وبالتالي دق ناقوس الخطر بعدما باتت عمليات بيع الأراضي تساهم يوماَ بعد يوم في خسارة الوجود المسيحي خصوصاً في المناطق المختلطة، لان بيع اراضي المسيحييّن وصل الى الخط الاحمر في بعض المناطق اللبنانية، وبصورة خاصة الشوف الذي بات يحتل المرتبة الاولى في هذا الاطار، ما يعني طريقة جديدة لتغييّر من ناحية جعل الوجود المسيحي أقلية زهيدة في السنوات المقبلة، بحيث يتم نقل الملكية من المسيحييّن الى طائفة اخرى، وهذا من شأنه جعل هوية الجبل المسيحية – الدرزية تتأرجح، لافتة الى ان المبالغ التي تعرض على المالكين المسيحييّن كبيرة واكثر من مضاعفة، وتأتي في فترة العوز وتختار المحتاج دائماً الى المال، ودعت المعنيين الى التشبث بالأرض لأنها جزء من إيماننا الديني والوطني، والى ضرورة رفع الصوت بوجه مافيا الشراء والسماسرة الذين لا دين لهم ولا مذهب، والى العمل الجديّ بالتعاون مع المرجعيات السياسية والدينية والفاعليات لبقاء المسيحيين في قراهم وطيّ ملف التهجير الى النهاية، ووقف عمليات البيع المشبوهة فوراً للحفاظ على غنى لبنان الرسالة في منطقة الجبل، وختمت محذرة المسيحييّن خصوصاً في مناطق الشوف من مافيا الشراء لأنهم يستغلّونهم الى اقصى درجة.