يصرّ المدير العام الجديد لأمن الدولة اللواء طوني صليبا على استعادة حضوره جهازاً كامل الأوصاف إلى جانب الأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، ليكون في موقعه يلعب دوره بعد سنوات من الغياب، مع التأكيد «أنّ ما يقول به الكتاب هو الحكم في ما بيننا ومع زملائنا واللبنانيين. ولن نوفّر وسيلةً في حربنا على الفساد وحماية الشخصيات ومكافحة الإرهاب».
منذ تسَلّمه مهمّاته في المديرية العامة لأمن الدولة كشف صليبا عن قراره بالتقرّب من وسائل الإعلام وتعزيز كلّ أشكال التعاون «فلا مكان للعلاقات الشخصية مع الإعلاميين» إيماناً منه «بالتناغم المطلوب بين القطاعين» فهما في المعركة عينِها، وحيث كان هناك تعاوُن كانت هناك إنجازات لا يمكن تجاهلها، وهو اسلوب اعتمدته الدول الراقية ليكونا توأمين يقومان بالأدوار المناطة بهما في سبيل تعزيز الأمن و«قطعِ الطريق على ايّ طابور خامس».
بهذه الصراحة بادرَ صليبا، يحوط به نائبه العميد سمير سنان ونقيب المحررين الياس عون، وفدَ مجلس النقابة الذي زارَه مهنّئاً. فتحوّلت الزيارة لقاءً مفتوحاً طرِحت فيه كل الأسئلة ومعها الهواجس، فلم يتجاهل أيّ سؤال لأن «ليس لديّ ما أُخفيه» فهو ونائبه من ابناء الجهاز عاشا كلّ خيباته وانتصاراته منذ سنوات على حد سواء.
وقال صليبا مصارحاً زوّارَه: «استعدنا وحدتنا وحضورَنا بين زملائنا من الأجهزة العسكرية والأمنية بعد سنوات من العزلة والغياب عن المسرح. فمجلس القيادة الذي شُكّل حديثاً متجانس يقرأ في الكتاب الوحيد الذي يحدّد المهمّات والصلاحيات والأدوار، ولذلك اتّخذنا كثيراً من القرارات الكبرى على مستوى التطويع والتدريب وإعادة التنظيم. فالمهمات التي ألقيَت علينا في هذه الفترة كبرَت الى ان كُلّفنا أمس في «لقاء بعبدا» بما هو من مهمّاتنا الأساسية في «مكافحة الفساد الى جانب الهيئات الرقابية. وأنا مطمئن الى انه لن يكون هناك خلاف بيننا طالما إنّ كلّاً منّا يلتزم دوره ومهمته».
وأضاف: في الأشهر الثلاثة الأولى من تسلمِنا مهماتنا في المديرية أوقفنا عشرة شبكات تكفيرية، وسلّمنا الرأس المدبّر لإحدى الشبكات الى مديرية المخابرات أخيراً وبالتعاون في ما بينها وبين المديرية العامة للأمن العام تمّ تفكيكها بكاملها، وبات افرادها في عهدة القضاء.
والجميع يعرف انّ هذه القضايا فتَحت لنا خطوط التواصل مع الأجهزة الدولية، فبَعد 11 أيلول لم يعد هناك بلد ينقصه جهاز لتعقّب الإرهابيين وممتهِني تبييض الأموال عبر الدول والقارّات، بما يوحي انّنا جميعنا نخوض حرباً دولية واحدة.
هذا بالإضافة الى مهامّنا الأخرى في اكثر من منطقة لبنانية، فنحن نواجه، ومعنا الأجهزة الأمنية، عدوّاً شرسا هو الإرهاب الذي تَجاوز كلَّ الحدود بين الدول، وخرَق الأجهزة الأمنية والاستخبارية الدولية.
ولا أكشف سرّاً أنّنا جميعاً في الجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة المكلّفون حماية الأمن الوطني ومراقبة الأخطار الخارجية والداخلية نستعدّ بإشراف ورعاية السلطات السياسية – التي تصرّ على هذا الشكل من التعاون بلا حدود – الى إنشاء غرفة عمليات خاصة بتطبيق الخطة الأمنية الموضوعة للأعياد كما في المناسبات السابقة.
ومن اجل التنسيق في مواجهة ايّ طارئ أمني عدنا الى اللقاءات الدورية، وكلّما دعت الحاجة، على مستوى القيادات وبمشاركة الجميع لتنظيم العمل المشترك وتبادُل المعلومات على كلّ المستويات من دون استثناء».
وتابعَ صليبا: «الى هذه القضايا، لا بدّ من الإشارة الى انّ مهمة حماية الشخصيات باتت من مهمّاتنا وحدنا تقريباً، فقيادة الجيش استعادت عناصرَها المكلفة مثلَ هذه المهمّات منذ ان وصل العماد جوزف عون الى قيادة الجيش. وهي مهمة لها اكثر من وجه، فلا تقتصر على المواكبة، لأنّ منها ما يتصل بالأمن الوقائي والإستباقي.
ولا اخفيكم سرّاً أنّ مهمة نقلِ الأولاد الى المدارس والسيّدات الى السوبرماركت قد وضِع حدٌّ نهائيّ لها، عدا عن الإجراءات المتّخَذة لمنع انعكاساتها على المواطنين لا على الطرق ولا في محيط المنازل والمكاتب. وعلى مستوى مكافحة الفساد وانتظام العمل في الإدارات والمؤسسات العامة، نحن الجهاز الوحيد المكلّف هذه المهمة، وحيثما توافرَت معلومة نتدخّل لإعادة انتظام العمل، ونَرفع تقاريرنا دورياً الى هيئات الرقابة، من تفتيش مركزي ومالي وتربوي ونيابات عامة مالية وبيئية، بعد توثيقها والتثبت منها، وهي مهمّة لا تقلّ أهمّية في خدمة المواطن الذي يطالبنا بإدارة شفافة وصالحة توفّر له الخدمات دون كلفة غير شرعية.
وإلى هذه المهمّات يمكن إضافة المواجهة التي نخوضها ضد مرتكبي الجرائم الإلكترونية بالوسائل الحديثة المتوافرة لدينا والأجهزة الزميلة».
ولا يخفي صليبا «حاجة المديرية إلى تعزيز كوادرها، فهي تستعدّ لاستقبال نحو 500 عنصر جديد خضعوا لدورة سابقة وتمّ إحياؤها، ونناقش مع المعنيين خطةً لاستقبال 1000 عنصر في المدى القصير استعداداً لرفع عديدنا إلى 5000 عنصر في السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما تتفهّمه السلطة السياسية وتدعمنا توصّلاً إلى هذه المرحلة».
وإلى هذه المهمّات، يكشف صليبا عن مهمّة مراقبة الأوضاع في المنطقة الى جانب القادة الأمنيين، «فكلّنا يدرك حجم المخاطر الخارجية التي تهدّد لبنان، ونحن نستعد وزملاءَنا، وفق خطة شاملة، لقراءة هذه التطوّرات وانعاكاساتها المحتملة على لبنان. فالاسترخاء غير مسموح وإهمال ايّ معلومة او رواية قد يكون خطأ جسيماً، وهذا ما ناقشناه في لقاءاتنا الأخيرة في قيادة الجيش والأمن العام ومديرية المخابرات، فأيّ خرقٍ سيُحتَسب فشلاً لنا جميعاً، وأيّ انتصار يحقّقه أحدنا هو انتصار لنا جميعاً وللبنان».