“أين الثلاثين ألف مقاتل يا أحمد بك وأين رجالك يا مير؟ فجاوبه المير أنا ذهبت بنفسي إلى خط النار في الوقت الذي كنت أنت فيه تدخن الأركيلة في مقهى عجرم. إنك عبد من عبيد الاستعمار فحصل هرج ومرج فتدخلت مطرقة صبري حمادة وأعادت الهدوء إلى القاعة”
هذه عيّنة من المواجهات الكلامية التي كانت تحصل في أربعينات القرن الماضي تحت قبة البرلمان أما نجوم تلك “الموقعة” فهم النائب سامي الصلح وزير الصحة المير مجيد أرسلان ووزير الأشغال أحمد بك الأسعد.
ومن مشادات السبعينات واحدة أصاب العميد ريمون إده فيها رئيس الحكومة صائب سلام ورئيس السن موريس زوين بـ “فرد ضرب”. للأول قال إن أموراً كثيرة تجري وما معو خبرها، وذلك على خلفية محاكمات عسكرية فرد زوين: هذه كوميديا. هذه مهزلة فعاجله العميد السليط اللسان بـ”ليش بعدك هون ما تروح تنام. إنت خرفان”.
ولعل أجمل مشاهد العنف النيابي، تم توثيقها في أيار 1975 يوم كمش النائب الشاب أمين الجميل (33 عاماً) رئيس الحكومة رشيد الصلح بربطة عنقه وهو يهم بالخروج من القاعة العامة للمجلس بعدما ألقى خطاباً حمّل فيه حزب الكتائب مسؤولية ما أسماه آنذاك “مجزرة عين الرمانة” رافضاً تكليف الجيش مهمة حفظ الأمن …”، وقيل إن الشيخ أمين حقّره بصفة زقاقية فتدخل النائب مرشد الصمد وصفع الجميّل ودفعه صارخاً: “انت تتعدى على ممثل السنة…” في اليوم التالي للحادثة “منشتت” جريدة “العمل” الغرّاء: شتمنا الدجّال وهرب.
سقى الله هاتيك الأيام. إن الحنين إلى مثل تلك الجمل اللمّاحة لا يبخس أهمية ما تلاها كـ”انقبر سد بوزك” الموقعة باسم نجاح أنيس واكيم و”طهّر نيعك” للعلامة البرلماني علي عمّار و”إنت واحد كلب” لخالد الضاهر وما يوازيها بلاغةً.وكان يوم انتخاب العماد جوزاف عون مناسبة لبعض النوّاب للإفادة من “الهوا المفتوح”، وبديهي الّا تفوّت الزميلة السابقة بوليت سيراكان ياغوبيان هذه الفرصة الذهبية لإعادة إحياء شعار “كلن يعني كلن” والنيل من “الطبقة” و”المنزومة” وإلى ما هنالك من مفردات شعبوية.
وعلى الضفة الأخرى،كان سليم الطول، صخرة الدفاع عن “التيار العوني” على قدر المسؤولية والحضور المنبري، فأفاد هو الآخر من الهواء المفتوح فقدم وصلة تفوق فيها على عاصم قانصو، ونواف الموسوي، ونجاح واكيم، والمعاون خليل والرقيب عمّار والأهم تفوق على نفسه في سحر الأدب.
أثار السجال بين نائبة الـ show off وآخر الأدباء البرلمانيين في العصر الحديث، بتدخل مشكور من فراس حمدان، دهشة السفراء والضيوف الأجانب وأربك المترجمين الفوريين. “فشَرت. لأ إنت فشرتي. بلا طعمة. لأ إنتِ بلا طعمة. هيدا عهر. يا عيب الشوم…ألخ” .مثل هذه الجماليات الأدبية والمحسنات اللفظية كيف تنقل إلى لغات العالم الحيّة؟ أفيدونا، وشكراً.