من يسمع رأي ناشطين عونيين في أداء مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي، يستنتج سبب عدم الدفاع عنه. أكثر من إتصال بأصدقاء على اطلاع بحال القصر الجمهوري اتفقوا على جملة واحدة: “جريصاتي وديعة من حزب الله والنظام السوري في القصر الجمهوري”، ولا يخفي أحد المقربين من الوزير السابق جبران باسيل “كره الأخير” لجريصاتي. كما أن الحديث في الصالونات العونية يحمّل جريصاتي مسؤولية تشويه صورة رئاسة الجمهورية، وتدخله بالشؤون الاعلامية، بعد مغادرة الاعلامي جان عزيز.
بكل الأحوال، جسم جريصاتي “لبيس”، ومن حاول اللعب أخيراً على “الوتر الطائفي”، هو:
– مستشار لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان يعادي النظام السوري حتى النخاع، وعضو في “التيار الوطني الحر” الذي يرأسه جبران باسيل.
– أحد المستشارين القانونيين، المعينين من النظام السوري، والمكلفين بوضع الدستور السوري الجديد يناسب مقاس الرئيس السوري بشار الأسد.
– أحد المستشارين القانونيين لفريق الدفاع عن المتهمين من “حزب الله” في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وطبعاً منهم سليم عياش الذي صدر في حقه الحكم بعد اثبات مشاركته في الاغتيال.
إذا هي شخصية تربط بين ثلاث جهات: العونيون والنظام السوري و”حزب الله”، فعن أي جهة يعبّر جريصاتي في عمله اللبناني؟ فـ”فحوص الدم” التي كشفت نتائجها وثائق “ويكيليكس” أظهرت جهوزية الرجل لسياسة “غب الطلب”، فكيف يمكن لجريصاتي أن يكون مستشاراً لميشال عون بعدما وصفه بـ”الرجل المجنون”، وكيف يكون قريباً لـ”حزب الله” وهو من تحدث عن أن “الحزب” سيستخدم عصابات مقنعة؟
فمن أهم ما ورد في مضمون الوثيقة، التي عرضت مضمون لقاء جمع جريصاتي بالسفير الاميركي جيفري فيلتمان (12 تشرين الأول – 2007)، حول استحقاق رئاسة الجمهورية، وكان حينها جريصاتي المستشار القانوني للرئيس أميل لحود.
“قال جريصاتي: “في اللحظة التي تختفي فيها أكثرية قوى 14 آذار، يستعمل حزب الله وسوريا الأكثرية الجديدة ويفرضان ميشال سليمان أو “حتى سليمان فرنجية”. وبما أن حزب الله وسوريا يملكان الأكثرية، فإنهما يستطيعان أيضاً أن يفرضا رئيس الحكومة والأغلبية الوزارية”.
وفيما سجل السفير الأميركي أن نبوءة جريصاتي تحتاج إلى تضامن عون و”حزب الله”، لأن عملاً كهذا لا يمكن أن يتم بلا موافقة نواب عون في المجلس، قال جريصاتي إن عوارض الفراغ في رئاسة الجمهورية ستدفع نواباً لدى عون إلى مغادرته والانضمام إلى تحالف “حزب الله” وبري لإنجاح الخطة.
وقال: ميشال عون رجل مجنون. هو بالنتيجة لن يصوت لسليمان، ولكنه يدعم الـ”ستاتيكو” الآن، حتى لا يسمح بتمرير مرشح توافقي.
وعما سيحصل إذا أقدمت “14 آذار” على انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائد واحد، قال جريصاتي إن المشكلة ستكون ميدانية، والرئيس الجديد سيتم إضعافه وتهميشه فوراً. “حزب الله” سيستعمل عصابات مقنّعة وميشال عون وسليمان فرنجية سيفترشان مفاصل الطرق. ويضيف أن هناك خطة موضوعة سلفاً، فإن عملية محدودة ستظهر هشاشة 14 آذار أمام قوة “حزب الله”. ووسط هذه الصورة، سيتم فرض ميشال سليمان في رئاسة الجمهورية.
وسجل فيلتمان ملاحظات لإدارته عما أبلغه بشأنه جريصاتي فكتب: “نشير إلى أن جريصاتي قد يكون في وضعية من يحاول أن يؤثر أكثر ممن يقوم بعملية تبليغ، وحتى نكون على الضفة السليمة، نقول إن جريصاتي يأخذ موافقة لحود على ما يقوله لنا. ولكننا مشوشون قليلاً، عما يأمل أن يفعله في تحليله هذا: تدمير سمعة ميشال سليمان؟ أو، بالعكس، الدفع للموافقة على حتمية وصول سليمان إلى رئاسة الجمهورية؟ دفع المتشددين في قوى 14 آذار لنوع من التسوية الآن على اسم غير سليمان، أفضل من أن يجدوا أنفسهم لاحقاً مضطرين للسير بميشال سليمان؟ أم أن جريصاتي، ببساطة، يرغب في استعراض كم هو ذكي وكم هو واسع الإطلاع؟”.
… صدق احد السياسيين المتابعين لسيرة جريصاتي بقوله عنه: “إن عينه في بعبدا وأذنه في المهاجرين وهواه في حارة حريك… فيتقن اثارة الفتنة لعبته المفضلة”.