قليلٌ وصف «حدث تاريخي» على لقاء القمة الذي يجمع خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر في زيارة تستغرق خمسة أيام، وهذه القمّة أكثر من حدث تاريخي لأنّها سترسم مستقبل ومصير المنطقة العربيّة وليس فقط مستقبل العلاقات الاستراتيجيّة الكبرى التي تحكم علاقة أكبر دولتيْن عربيّتيْن في أخطر مرحلة من مراحل استمرار وبقاء الأمّة العربيّة.
مصر ليست بمنأى عن مخططات إيران الجهنميّة، تماماً كما السعوديّة، كلتا الدولتيْن مستهدفٌ وبقوّة وهما حاضرتيْن ليل نهار على الطاولة الإيرانيّة، وما نسوقه اليوم ببعيد عمّا كتبناه بالأمس عن «بروتوكولات آيات قم»، بل هو في صلب هذه البروتوكولات، ففي خطاب لعلي الخامنئي في 18 أيلول العام 2011 وباللغة العربيّة أمام المؤتمر الدولي الأول للصحوة الإسلامية في طهران، توجّه الخامنئي إلى مصر أحفاد حسن البنّا فقال: «لقد انحبست الأنفاس في صدور العالم الغربي والعالم الإسلامي ?ولكل واحد أسبابه- وهم يترقبون ما سيحدث في مصر الكبرى، مصر نوابغ القرن الأخير، مصر محمد عبده والسيد جمال الدين، مصر سعد زغلول واحمد شوقي، مصر عبدالناصر والشيخ حسن البنا، مصر عام 1967 و 1973، يترقبون مدى ارتفاع راية همة المصريين. فلو أن هذه الراية انتكست ? لا سمح الله ? فسيعقب ذلك عصر حالك الظلام، وإن رفرفت على القمم فإنها ستطال عنان السماء»، العين الإيرانية رصدت سقوط الرئيس حسني مبارك ـ وكانت إيران قد أنتجت فيلماً حمل عنوان موت فرعون عن الرئيس حسني مبارك قبل ثورة يناير ـ وظنّت إيران أنها ابتعلت مصر مع سقوط الرئاسة في يد الإخوان المسلمين إلى أن أطاح المصريون بالإخوان المجرمين وأداتهم الإيرانيّة محمد مرسي في ثورتهم الثانية في 30 حزيران، التي حملت الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدّة الرئاسة في لحظة إنقاذ إلهي لمصر وشعبها والأمة العربيّة.
المخطط الإيراني لمصر ما زال قائماً، وهنا نحيل الذين يعتبرون أنّ مصر في مخاض اقتصادي واجتماعي ومواجهة مع إرهاب الإخوان المجرمين، نحيلهم على ما صرّح به الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في خطاب له في 24 تشرين الثاني 2011 أمام حشد ضم خمسين ألفاً من ميليشيات الحرس الثوري والباسيج في مدينة كرمان جنوب إيران، قال فيه: «تمخضت المنطقة اليوم عن عدد من (إيرانات جديدة) إن مصر ستكون إيران جديدة سواء أردتم أم لم تريدوا»!!
ونذهب إلى أبعد من هذا، فنضع بين يديْ القارىء ما هو أخطر من كلام قاسم سليماني عن كون مصر «إيران جديدة»، ففي بروتوكولات آيات قُم ص 76 يقول الخميني: «إنّ الذي لا يصدّر الثورة يُعتبر من الكفرة»، ولا بُدّ من الإشارة إلى أن البروتوكولات تشرح أن وصول آيات قُم إلى ثورتهم احتاج إلى خطة عشرينيّة، و»تصدير الثورة» وضعوا له خطة خمسينيّة، ومن أخطر وثائق هذه البرتوكولات الوثيقة السادسة: التي ظهرت بعد سقوط الرئيس المصري محمد حُسني مبارك، إذ قال الآيات في هذه الوثيقة: «الهدف الثاني والجوهري هو: وصول الإخوان المسلمين إلى البرلمان وحصولهم على عدد من النوّاب يجعلهم القوة البرلمانية الرئيسة فنوفر إمكانية تعديل الدستور (…) سيمكننا من تحويل مصر إلى دولة صديقة تُسهّل تنفيذ أهدافنا الكبرى». وقالوا أيضاً: «وعلينا تذكّر أنّ مجرّد رفض جماعة الإخوان المسلمين الدعاية المعادية لإيران.. وتأكيد أن إيران دولة إسلامية شقيقة لا تريد إثارة الفتن، وأنها ليست طائفية هو خير خدمة يقدّمها الإخوان لنا أمام كسْب أغلبية سُنّيّة في مصر تضع حدّاً للتيارات المعادية لإيران هناك». وقالوا أيضاً: «وعلينا أن نتذكر بأن تحالفنا مع الإخوان في مصر سيساعدنا في تحقيق الهدف الأهم في مصر، وهو: نشر المذهب على نطاق واسع، مستغلّين الفقر والأمية والأمراض والاضطهاد للطبقات الفقيرة والمعدمة والقيام بمشاريع خيرية لمساعدة هؤلاء الناس على مشاكلهم، وعندها: ننشر دعوتنا كما فعلنا بنجاح تام في سوريا»…
العيون العربية شاخصة إلى القاهرة، تعلّق الآمال الكبرى على القمة السوبر تاريخية بين الملك سلمان والرئيس السيسي، و»الخامنئي» وأطماعه في المنطقة من لبنان إلى سوريا واليمن ومصر والسعودية حاضرة بقوّة، لقد حان وقت الزمن العربي «السعودي ـ المصري» لطرد إيران وأشباحها وأذنابها خارج المنطقة، وخارج التاريخ العربي.