IMLebanon

رسالةُ سلمان ميثاقُ إنقاذ

ليس سراً أن العالم العربي بأسره عند منعطف مصيري، أوصلته إليه حروب غاشمة بدائيّة، طوائفيّة، مذهبيّة، يقشعرّ منها التاريخ ويخجل، وتقشعرّ الأرض وتدمع، وتقشعرّ الأديان قبل الأبدان.

لذا كان الترحيب العربي الشامل برسالة الملك سلمان بن عبد العزيز في مناسبة حلول شهر رمضان، وبمضمونها الدقيق في توجهاته وصراحته. وتأكيداً لذلك قال مسؤولون عرب ولبنانيّون إن هذه الرسالة يمكن اعتبارها بمثابة ميثاق عربي جديد، من شأنه إنارة الدرب أمام العرب في هذه المرحلة العصيبة التي لا تختلف عن الليالي الظلماء.

مطلوبٌ من المسؤولين العرب والمثقّفين العرب، والمقدّمين في حقول العلوم والمعرفة، أن يتأمّلوا بقلوب وعقول مفتوحة كل كلمة وردت في رسالة خادم الحرمين الشريفين. فهي تحمل الحقائق والوقائع كما هي، وتُرشد الناس في كل الأقطار العربيّة إلى العمل بموجب فحواها الديني والوطني والأخلاقي والاجتماعي.

فالسعوديّة ماضية في النأي عن الفتن والقلاقل والاحتقانات الطائفيّة، مع الرفض التام للتصنيف المذهبي والطائفي. إن ثقة الملك بالمواطن السعودي لا حدود لها. “لكنّنا لن نتساهل مع المقصِّر في ذلك. وسنحاسب من يسيء إلى أمننا وثوابتنا الدينيّة والوطنيّة”.

لا بدّ هنا من التأمّل في كلّ كلمة، ومفردة، وجملة وردت في رسالة خادم الحرمين، وخصوصاً حين يشير إلى أن السعوديّة أخذت على عاتقها، منذ نشأتها على يد المؤسّس الملك عبد العزيز، نشر الاعتدال في الدين. والوقوف بجانب المظلومين المقهورين. وإغاثة الملهوفين والمكروبين في كل بقاع الأرض.

إن كلاماً بهذا الوضوح، وبهذه الأهميّة، يمكن التأكيد أنه يصدر للمرة الأولى في رسالة موجَّهة إلى كل العالم العربي، وكل الطوائف والمذاهب، بعيداً من التمييز والاستثناء.

يقول الملك سلمان في هذا الصدد، ودعماً لما ورد في الفقرات السابقة، إن “ديننا دين محبة، وتراحم، وتسامح، ورسالته أُنزِلَت رحمة للعالمين، وطريقه طريق خير وإصلاح وبناء، ومنهجه منهج وسط وحوار وإلفة، يجمع ولا يفرّق، ينبذ العنف والإرهاب”.

لقد تعمّدت نقل بعض الفقرات الواردة في الرسالة التي تستحقّ أن تعلَّق في صدارة كل المنازل، اقتناعاً مني أنها ترد بهذه الصيغة للمرة الأولى. وفي المرحلة الأشدّ صعوبة ومضاضة على العالم العربي من دون استثناء. ولكونها تنير الدرب أمام الجميع، وأمام الطوائف والمذاهب، في زمن انفجار التطرّف، وازدهار التعصّب، وانتشار التكفير والتهديم والتقتيل والتخريب باسم الدين.

فالسعوديّة تستشعر دائماً دورها ومسؤوليّاتها تجاه الذود عن حياض هذا الدين. وخصوصاً في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز.