لم يكن غريباً في ظل مسلسل القمم التي تشهدها الرياض ان يقول بان كي – مون لوزير النفط السعودي علي النعيمي: “لقد أنجز الملك سلمان في خلال عشرة ايام أعمالاً يقوم بها عادة الزعماء الجدد خلال مئة يوم”، ذلك ان المحادثات التي يجريها خادم الحرمين الشريفين تباعاً مع عدد من زعماء المنطقة، تؤكد حرصه على تفعيل محورية الدور المرجعي للسعودية، وخصوصاً في المرحلة الحرجة والدقيقة التي يمر بها الاقليم.
واضح ان محادثاته مع ملك الأردن عبدالله والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ثم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ومع رئيسة كوريا الجنوبية بارك غيون هاي ومع نوّاز شريف وجون كيري الخميس، تتركز على ترسيخ العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف وتوحيد الرؤى والجهود لجبه الأخطار والتحديات التي تعصف بالاقليم، من مواجهة “داعش” والإرهاب المتفشي الى الانقلاب الحوثي في اليمن الى انعكاس سعر النفط على استقرار الإستراتيجيات، الى دعوة السيسي لتشكيل قوة عربية لمواجهة الإرهاب، علماً ان السعودية شريك أساسي في “الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب”.
واذا كان سلمان قد أنجز في عشرة أيام ما يحتاج الى مئة يوم، فمن الواضح عنده طبعاً ان ترتيب العلاقات بين مصر وتركيا التي تؤوي “الأخوان المسلمين” وتدعمهم، لن يتم عبر التزامن بين زيارتي السيسي وأردوغان، الذي أطلق تساؤلات عما اذا كان وجودهما في الرياض جاء “مصادفة أم مصالحة”، لكن الأمر موضوع على نار هادئة وفق تخطيط براغماتي مثابر وبعناية شخصية من سلمان، فقد قيل إنه دعا السيسي الى زيارة الرياض عشية زيارة أردوغان المقررة منذ أسابيع!
كل الاسقاطات السلبية التي حاولت التسريبات المفبركة إلحاقها بعلاقة مصر مع دول مجلس التعاون الخليجي فشلت قبل ان يقول السيسي عشية نزوله في الرياض، انها علاقات قوية ومستمرة ولن تنجح اي محاولة في الإساءة اليها، ولهذا جرت المحادثات في القمة السعودية – المصرية على قاعدة رسوخ العلاقات الاستراتيجية الثابتة بينهما وان أمن مصر من أمن الخليج وأمن الخليج من أمن مصر.
كان من اللافت ان السيسي تعمّد التذكير بأن خادم الحرمين الشريفين قاتل مع المصريين في حرب ١٩٥٦ وقد نشرت صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي المصرية وهو بثياب الميدان مع شقيقه الراحل الملك فهد والأمير تركي.
يتردد ان أمير قطر الشيخ تميم سيزور الرياض بعد عودته من واشنطن، وهو ما يدفع الى القول ان سلمان ينكبّ على ترتيب العلاقات عربياً وتفكيك العقد ومعالجة الخلافات اقليمياً، وانه جعل الرياض ممراً إلزامياً للسياسة والتنسيق وتوحيد المواقف سواء في مواجهة الإرهاب او كبح الاختراقات الايرانية وآخرها في اليمن!