ليس جديداً أو مفاجئاً تأكيد الملك سلمان بن عبد العزيز للنائب وليد جنبلاط حرصه الدائم على لبنان، واستقراره، وأمنه، وتماسكه، ووحدة أبنائه، وعودة ازدهاره، واستعادته المكانة الخاصة، والمميَّزة التي كان يتمتَّع بها.
فلهذا البلد الذي يعاني الأمرَّين من الانقسامات الداخلية والسياسية بصورة خاصة، والذي تمزّقه الخصومات على مستوى القيادات والمرجعيّات اليوم ومنذ عقود، لهذا البلد لبنان منزلة خاصة، ولهفة خاصة، واهتمام خاص لدى خادم الحرمين الشريفين.
وليس من اليوم، أو أمس الذي عَبَر، بل منذ كان العاهل السعودي أميراً للرياض، يؤم بيروت كلما سنحت مناسبة وساعدت الظروف، وفي كل الفصول والعهود.
ويوم اندلعت نار الفتنة، واشتعلت حرائق الحروب الأخويَّة والأهليَّة وحروب الآخرين، سارع الملك المحبُّ إلى تنبيه جميع المسؤولين، وجميع الفئات، وجميع المرجعيات إلى خطورة المغامرة الدموية والانزلاق بهذا البلد النادر المثال إلى هاوية التشلّع والاندثار.
فحين يشدِّد العاهل السعودي على ضرورة إنجاز كل الاستحقاقات الدستوريَّة، وأوّلها وأهمّها الاستحقاق الرئاسي بعد مرور أشهر طويلة ومريرة على شغور المنصب الأول في الجمهوريّة، فإنما ليُخاطب جميع اللبنانيين بكل فئاتهم وانتماءاتهم، مؤكّداً لهم وعليهم أهمية تحييد لبنان عمّا تشهده وتعيشه المنطقة العربية، طالباً من زائره النائب جنبلاط حثّ الناس ودعوتهم للمحافظة على “الوطن الرسالة”.
“انتخبوا رئيساً للجمهورية”، ردَّدها الملك على مسمع جنبلاط أكثر من مرَّة، منبِّهاً إلى ضرورة السعي والسهر والعمل على تحقيق هذا الإنجاز الذي كلّما تأخر ازدادت المخاطر والمخاوف.
فهل يُصغي كبار القادة، والمعنيّون، والمتّهمون بالعرقلة المتعمّدة ووضع العصي في دواليب الاستحقاق الممنوع من الصرف، لاستمرار الفراغ الذي تصبُّ نتائجه في خانة التخريب والانهيار على كل الصُعد، أم نعِد أنفسنا والناس بتجاوبٍ فعلي مع تمنّي خادم الحرمين الشريفين.
اسمعوا وعوا، أن أصدقاء لبنان والحُرصاء عليه لا يستطيعون أن يحلّوا محلَّ اللبنانيين وقياداتهم ومسؤوليهم… وأولئك الذين أداروا ظهورهم لوطنهم ليدافعوا عن أوطان أخرى، كما أولئك الذين لا يرون من التطوّرات إلاّ ما يتّصل مباشرة بمشاريعهم، ومصالحهم، وشهواتهم، فاصغوا إلى الملك سلمان بن عبد العزيز وهو يكاد يُناشدكم أن ترأفوا بلبنان. أن تتوافقوا على رئيس تنتخبونه في أقرب فرصة. أن تتوحَّدوا حول بلدكم الذي يُعاني الأمرَّين مع شعبه منذ ثلاثة عقود وأكثر.
إنها مناسبة، بل هي دعوة للقيادات السياسيَّة والمسؤولين لفتح صفحة جديدة للبنان جديد