لا يتوقَّع أن تحصل الخميس المقبل مواجهة كبيرة في جلسة مجلس الوزراء على خلفية موقفِه من إمرار مشروع قانون وزير العدل أشرف ريفي المتعلّق بنقل قضية ميشال سماحة من المحكمة العسكرية إلى المجلس العدلي لإعادة محاكمتِه.
يُتوقّع على نطاق واسع أن ينجحَ فريق «٨ آذار» في إحباط تمرير هذا المشروع الذي يحتاج إلى أكثرية عادية في مجلس الوزراء، أو أقلّه أن ينجَح في تعطيله.
إلى هنا، يبدو بحسب كلّ التوقعات أنّ الجلسة لن تشهدَ عاصفةً سياسية في شأن أزمة الخِلاف على قضية إطلاق سماحة، ولكنّ مصادر موثوقة أكّدت لـ«الجمهورية» أنّ ريفي يدرس اتّخاذ خطوة مفاجئة في حال عدم إمرار مشروعه في الجلسة، من شأنها تحويل قضية إطلاق سماحة من أزمة تشبِه مفاعيلها القنبلة الصوتية، ويمكن تجاوزُها بقليل من العناء، إلى أزمة حكومية من شأنها التأثير على سلاسةِ عملِ مجلس الوزراء خلال الفترة المقبلة.
وتكشفُ المصادر عينُها أنّ ريفي يفكّر جدّياً في «اتّخاذ قرار بتعليق مشاركته في الحكومة»، في حال شهدَت جلسة الخميس تعطيلَ تمرير مشروع القانون الذي وضعَه ويقضي بإحالة قضية سماحة إلى المجلس العدلي، عِلماً أنّ تمريرَه يحتاج إلى أكثرية عادية في مجلس الوزراء.
من وجهة نظر المؤيّدين لمشروع ريفي، فإنّ عدمَ تمريره ستكون له نتائج خطرة على صدقيّة القضاء اللبناني، وأنّ ريفي، وانطلاقاً من موقع مسؤوليته الاختصاصية كوزير للعدل، يجِد أنّ مِن الصعب عليه تقبُّل سابقة إطلاق سماحة بما تَحمله من فضيحة قضائية، في عهدِه.
ثَمَّة أسباب أخرى تجعَل ريفي معنيّاً بإظهار جدّية في مواجهة قضية إخلاء سماحة، أبرزُها أنّ مفاعيلها المعنوية قاسية على البيئة الاجتماعية التي يمثّلها انتخابياً ومِن موقعه في تيار «المستقبل»، وهي ترسِل إليهم رسالة تقول إنّ الدولة وزعماءَهم فيها لا يستطيعون حمايتَهم من قاتليهم.
وخطورة توجيه مِثل هذه الرسالة إلى البيئة التي يُفترَض بحسب اعترافات سماحة الأولى على الأقلّ، لجهة أنّه كان يَنوي إحداثَ تفجيرات ضدّ إفطارات رمضانية… تَشتمل على أنّها تؤدي إلى تقوية صوت التطرّف عند السُنّة في لبنان، وذلك في مواجهة صوت الاعتدال الغالب لديهم حتى الآن.
وفي التقديرات المطروحة داخل كواليس نقاشات قضية سماحة، تمَّ عرضُ مقاربات من نوع أنّ أحدث الإحصاءات يُفيد عن وجود نحو 400 لبناني انضمّوا إلى «داعش» خلال العامين الأخيرين، وفي حال لم تنفّذ إجراءات محبطة وسياسات قادرة على تكذيب الدعاية التي تتبعها الجماعات التكفيرية داخل بيئات شعبية في الساحة اللبنانية، فإنّ أعداد هؤلاء ستتزايد خلال فترة قصيرة.
ويَعتبر القائلون بهذه التقديرات أنّ قضيّة إطلاق سماحة تَخدم دعاية المتطرّفين التكفيريين في لبنان، فضلاً عن أنّها تضرّ بصدقية القضاء اللبناني الذي يبتّ بمئات قضايا تخصّ إرهابيين؛ وعليه يَجب تحصين صدقيته ليتمكّن من إصدار الأحكام القاسية المناسبة في حقّهم، من دون أن يترك ذلك فرصةً لبروز ردود فِعل تتّهمه بأنه قضاء منحاز ضد إرهاب بعينه وليس ضدّ كلّ الإرهاب!
في مقابل هذه التعليلات التي تُحَذّر من خطورة خطوة إخراج سماحة وعدم استلحاقها عبر نقلِ ملفّه إلى المجلس العدلي لإعادة التحقيق معه، هناك آراء تَعتبر أنّ إعادة فتحِ ملفّ سماحة ستَعني إعادة فتح ملفّ قضائي لن تقتصرَ حيثياته على الداخل اللبناني، بل سيكون له تداخُل عضوي في بعض جوانبِه مع الأزمة السورية، الأمر الذي يُوَرّط القضاء اللبناني والدولة اللبنانية في اشتباكٍ قانوني وحقوقي يتوقّع له أن يكون ساخناً دوليّاً في الفترة المنظورة، نَظراً لوجود قرار دولي بفتحِ الجبهة القانونية الدولية ضدّ النظام السوري بالتزامن مع بَدء مفاوضات جنيف.
حلّ وسط
وترى مصادر مطّلعة على هذا الملف، أنّ كلّ هذه التداخلات الآنفة تجعَل من الأنسب استنباط حلّ لقضية سماحة يقوم على أساس صيغةِ الحلّ الوسط، وتجَنُّب تحدّي قرار المحكمة العسكرية بنقل هذا الملف إلى المجلس العدلي حتى لا يتمّ وضع جهازَين قضائيَين في مواجهة التنافس على الصدقية.
وعليه فإنّ الأفضل في نظر المصادر عينِها، هو تلمُّس طريق قانوني آخر لإعادة مقاضاة سماحة يتمثّل في أن يقوم المتضرّرون الذين ذكرَتهم التحقيقات بأنّهم كانوا على لائحة الاستهداف فيما لو نجحَت خطط التفجير المنسوبة لسماحة، بتقديم دعوى مدنية من أجل فتحِ تحقيق جديد في القضية.
ووفق معلومات لـ«الجمهورية»، فإنّ جلسة الحكومة بعد غد الخميس يُنتظر أن تدشّن مرحلة جديدة من التفاعلات السياسية ذات الصِّلة بردود الفعل على إخلاء سماحة؛ إذ في حال تمَّ تعطيل إمرار مشروع قانون ريفي، فإنّ الاحتمالات التي ستتبع ذلك تتراوَح بين تعليق ريفي مشاركتَه في الحكومة، أو اتّخاذ «14 آذار» بديلاً لهذه الخطوة بتنظيم سلسلة اعتراضات تَشتمل على دعوة المجتمع المدني إلى التحرّك في انتفاضة صغيرة ضدّ إطلاق سماحة، وأيضاً دعوة الموقوفين في المحكمة العسكرية إلى عصيان أوامر حضورهم جلسات محاكمتِهم، ما يَشلّ عملَها ويضَعها في مواجهة أزمة تَفتح باب نقاشِ بقائها أو إلغائها حسبما تطالب بعضُ القوى السياسية.