قبل ان ينطق القضاء العسكري حكمه على الوزير السابق ميشال سماحة، كان كلام كثير عن تخلي السوريين فضلا عن حلفاء دمشق عنه، كي لا تتطور الامور باتجاه زيادة فترة محكوميته «لان جريمته اكبر من ان تمحى من اذهان الجميع، لاسيما ان بعض الجميع لم يعد يجد مبررا لفعلته الجنائية – الارهابية»، حتى وان كان المقصود بها زيادة الضغط السياسي والامني على لبنان في فترة زمنية حرجة للغاية فهم منها ان المقصود خلق المزيد من القلاقل التي يفهم منها انها جريمة سياسية بوسع مدبريها التخفيف من وقعها؟!
اثارة الى اعلام حزب الله الذي لم يأت على ذكر الحكم الا بكلمات قليلة كي لا يفسر موقف الحزب بانه يزيد من الحجم الجنائي لما فعله سماحة، جراء موجة التفجير التي كان يعتزم القيام بها، وما كان متوقعا منها، خصوصا لجهة اثارة فتنة طائفية – مذهبية، كان المقصود منها زرع المزيد من الانشقاق السياسي في مناطق لبنانية حساسة للغاية، بحسب ما تضمنه الحكم العسكري على سماحة بالتفصيل الواضح لجهة الحال الجرمية التي انقذت منها لبنان بفضل العناية الالهية التي لولاها لحصلت مجموعة كوارث مخيفة لن يكون بوسع احد التعتيم عليها!
من حيث المبدأ، لا يزال لبنان يبحث عما يكفل خروجه من مسلسل المحن التي اورثته مجازر بشرية طاولت سياسيين وقياديين ومفكرين، فيما يستمر زمن البحث عن مشاكل ومخارج سياسية من الصعب ان تخرج عن اطار الجرم السياسي الذي لا يزال ينشط بذريعة ان الحكم الاول الذي صدر بحق سماحة لم يكن يساوي الجريمة التي كان بصدد ارتكابها، مع العلم ايضا ان ما صدر من انتقادات بحق القضاء العسكري ذهب باتجاه توضيح الجريمة، لتأتي بحجم نتائجها التي كانت لتقع لولا كشفها قبل وقوعها!
ان الحكم الذي صدر بحق الوزير السابق المرتكب ميشال سماحة، جاء بمثابة تصحيح للحكم الاول المخفف الذي ساوى بين حجم ما كان مرتقبا حصوله لو وقعت التفجيرات، وبين ما ليس بوسعه احد تقبله جراء خفض الحكم على رغم كل ما شاب هذا الملف من مآخذ قضائية – قانونية؟!
وطالما ان الحكم الذي صدر عن محكمة التمييز العسكرية قد صحح ما صدر في الحكم المخفف، فان الامور اصبحت واضحة تماما في سياق ما كان مرجوا بحق سماحة، بحسب ما ورد على لسان محاميه صخر الهاشم الذي قال صراحة ان «الضغوط اتت من خلال الاعلام ومن كل الدول المعنية بهذا الملف، لاسيما ان الشريك في الجرم هو مسؤول سوري، وان ملفنا منفصل عن ملفه حيث لا علاقة له بهذا الموضوع، وهذا القرار اتخذته المحكمة وليس نحن».
واعطى المحامي صخر الهاشم تفسيرا يؤكد موافقة الدفاع على حضور المتهم بملء ارادته وهو على تمام الثقة بانه سيتقبل الحكم الذي سيصدر بحقه وهذا ما حصل تماما.
ومن اطرف ما قاله سماحة ردا على سؤال للقاضي لطوف في حال كانت له كلمة اخيرة «انه قام بقناعته الوطنية ووظـفت علاقاتي الخارجية لخدمة وطني وخوفي كان على الحدود اللبنانية وعلى الجيش وعلى الدولة من ان يسقط شهداء للجيش». واستدرك سماحة: انا موقوف حاليا فيما يخرج الداعشيون من السجون في لبنان كما يخرج من هم من قيادات داعش والنصرة ليقاتلوا الجيش وتدخل 32 باخرة على خط الجرف من ليبيا الى شمال لبنان.
وتابع سماحة، صحيح انني نقلت متفجرات واستدرجت ووقعت وقد نقلت ما يمكن ان يحتويه صندوق السيارة (…) فاين لطف الله، فهل شتت الدنيا على طرابلس اسلحة لتكون هناك 19 جولة وبعدها يخرج رؤساء المحاور من دون ان يميز مفوض الحكومة. وتمنى سماحة اخيرا ان يوضع حد للضغط السياسي والشعبي على المحكمة العسكرية.
وقال: من جهتي لا اطلب شيئا واقول للمحكمة انني استهدفت كما يمكن ان يستهدف اي مواطن من قبل جهاز المعلومات واطالب بوضع حد لهذه الاليات غير القانونية وان يكون الحكم في اطار بعيد من الضغط السياسي على المحكمة العسكرية تجدر الاشارة الى ان المرافعات قد ركزت على موضوع استدراج سماحة واعتبار انه كان الضحية وليس المخطط في هذه العملية، من غير حاجة للتفريق بين من يرتكب الجريمة وبين من يخطط لها.
وفي مطلق الاحوال صدر الحكم عن محكمة التمييز العسكرية ولم يعد من مجال للقول غير ان الذين تسببوا بهذه الجريمة كانوا يتوقعون حكما مخففا بحسب ما سبق وصدر عن الهيئة الاتهامية، خصوصا ان الجريمة ما كانت لتقع لولا اكتشاف وسائل ارتكابها التي لم ينفع دفاع سماحة عن نفسه في تغيير قناعة القضاء؟!