الحديث عن قبول رئيس الجمهوريّة استقالة مستشاره الإعلامي بالأمس، هو أقرب إلى لغة ديبلوماسيّة تستخدم عادة لمواراة الإعلان عن إقالة شخص «مرتكب» من منصبٍ ما، كثير من اللبنانيين استوقفهم بالأمس خبر الاستقالة أو الإقالة، بل أكثر من ذلك كثيرون اعتبروا أنّ هذه الاستقالة غير كافية، بل أكثر من ذلك وجدوا أنّها تترك ملفّ الإساءة لوزير التربية السابق ومستشار رئيس البلاد للشؤون الدوليّة ألياس بو صعب جرحاً نازفاً في خاصرة سمعة قصر بعبدا أولاً، خصوصاً وأنّ «ساحة الجريمة» و»أداتها» ما يزال على رأسها المستشار المستقيل أو المُقال وهذا لعمري من عجائب ردّ المظالم والحقوق إلى أصحابها!
تجاوز لبنان أزمات عاصفة أثار فيها أداء فخامة رئيس البلاد وأسلوب تعاطيه معها إعجاب اللبنانيّين بمن فيهم الذين يتمنّون تصيّد خطأ للرئاسة، وفي أزمة التطاول على مستشار رئيس البلاد للشؤون الدولية ووزير التربية السابق الذي يحظى بشعبيّة لا يستهان بها، خصوصاً وأنّ الكثير من اللبنانيين يجدون فيه رجل ثقة ورجل مهمّات صعبة، في هذه الأزمة تحديداً ترقّب اللبنانيّون الصورة ستخرج إلى العلن بعد كمّ الافتراء والتدليس والإهانة التي حاولت النيل من سمعة بو صعب، ليس في الأمر مزاح، خصوصاً وأنّ الأزمة انفجرت من منبر محطّة تعتبر محطة الرئيس، وعبر مقدّمة نشرة إخباريّة يفترض أنّها تمثّل رأي قصر بعبدا، وعبر قلم مدير أخبار يحمل صفة مستشار إعلامي للرئيس، وهنا بيت القصيد…
في الحدّ الأدنى، تصوّر كثيرون منّا أنّ الاستقالة أو الإقالة الأولى ستأتي من منصب مدير أخبار محطة الـ OTV ، فهذا أقرب إلى أيّ تصوّر منطقي، أو على الأقلّ أن يتم تعيين مدير أخبار جديد للمحطّة بحيث يتمّ إقصاء من استخدم منبرها منصّة للإساءة إلى العهد وسيّده قبل الإساءة لمستشار الرئيس للشؤون الدوليّة، وأن يتمّ الإعلان عن تعيينه مستشاراً للشؤون السياسية للمحطة حفظاً لماء وجه القناة، على أن يأتي الإعلان عن استقالته من منصب مستشار الرئيس للشؤون الإعلاميّة، على الأقلّ هذا ما اعتقده المواطن البسيط، فمن غير المنطقي أن يترك سلاح جارحٌ إلى هذا الحدّ تم استخدامه لأغراض إنتخابيّة وغايات شخصيّة أداة بيد من لا يؤتمن عليه!
«إستقالة واحدة لا تكفي»، خصوصاً بعدما تمّ استغلال موقع مستشار إعلامي لرئيس الجمهوريّة لتحريض الصحافة على إعداد تقارير تتهمّ وزيراً شُهِدَ له بالنّزاهة في موقعه على رأس وزارة التربية وشهد له الخصوم قبل الحلفاء بدوره الفعّال على مستوى ملفّات التربية والمدرسة الرسميّة وحقّ التلاميذ اللبنانيين في التعلّم، وحفظ حقوق أبناء اللاجئين بالحصول على حقّهم الطبيعي في التعليم في دولة لجوء كلبنان بكلّ إمكاناتها العاجزة، كيف يبقى في موقعه استخدمه من أجل مآرب شخصيّة ولم يقم أدنى اعتبار لحراجة موقف رئيس البلاد بعد انفجار تلك المقدّمة في وجه الجميع؟!
ما هكذا تُحقّ الحقوق، ولا تدفع الإساءات، أمّا حديث البعض عن «الخبز والكرامة والضمير»، فمردود عليه، من يملك هذه يفترض أن يمتلك جرأة تحمّل عواقب أخطائه وأفعاله، ويملك جرأة التخلّي عن مواقع استخدمها لمآرب شخصيّة، خصوصاً أنه أساء أولاً لمن وضعه في هذه المواقع، خصوصاً مع انكشاف واقع أنّه لا يملك أدنى بعد في الرؤية إذ في اللحظة التي ظنّ أنّه يطلق الناس على ألياس بو صعب، كان من قصر نظره يطلق النّار على رئيس البلاد وعهده!
جاء في الأثر «المستشار مؤتمن»، ومن المؤسف أنّ فاقد الشيء لا يُعطيه!