Site icon IMLebanon

مخارج الأمس تصعب اليوم

 

 

تعود الخيارات إلى المربع الأول بعد إضاعة المزيد من الوقت الذي أهدر فرصاً سياسية لمخارج كان يمكن أن يتم اعتمادها في وقتها، باتت الآن صعبة المنال.

 

وإذا كان المرشح لتكليفه تأليف الحكومة المهندس سمير الخطيب اعتذر بعد زهاء أسبوعين من إضاعة الوقت بإلهائه بالمشاورات حول تأليف الحكومة وشروط الحصص والتمثيل خلافاً للمسار الدستوري، فلأنه عرّض نفسه لحملات رغم أنه من خارج الطبقة السياسية ويفترض أن يقبل به الحراك. وهذا يمكن أن يعرض من سيليه لإضعاف صورته إذا خضع للعبة المحاصصة المقنّعة مجدداً.

 

فتغليف تأخير الدعوة إلى الاستشارات النيابية بعنوان ضمان التأليف حتى لا يطول بعد التكليف، لم يعد يقنع أحداً، لأن معناه الفعلي هو تقاسم المواقع بين أركان طبقة سياسية لم تشبع في الركض وراء المناصب الوزارية لحماية ما حققته من مكاسب وأرباح في السلطة، أو لضمان تكرار الصفقات التي سبق أن عقدتها.

 

في انتظار بلورة ما سينجم عن إعادة طرح إسم الرئيس سعد الحريري للتأليف، فإن تعديلاً لسلوك من هم في الحكم حيال إعادة تركيب السلطة وفقاً لإلحاح معالجة المأزق المالي الاقتصادي والسياسي، بات ملحاً هو أيضاً، سواء مع تكليف الحريري أو غيره. فحال الإنكار التي يعيشها أهل الحكم، ورفض الاعتراف بما أنتجته الانتفاضة الشعبية من واقع سياسي جديد، هي التي تؤخر المخارج، وتجعل ما يمكن تسويقه اليوم صعباً غداً. ولا يكفي أن يوهم رجالات العهد أنفسهم، بأنهم مع شعارات الانتفاضة وأن مطالبها هي مطالبهم، بل وجب أن يقنعوا أنفسهم بأن من شكلوا خزاناً للانتفاضة، يطمحون إلى تغيير سياسي لأن تعديل السياسات الاقتصادية والمالية والإدارية ووقف الفساد والهدر يتطلب إدارة سياسية من نوع آخر، بعد تجارب العقود المريرة السابقة.

 

السؤال الذي يلح مع عودة ترشيح إسم الحريري إلى الواجهة، هل أن الفرقاء الذي طالبوه بقبول المهمة سيعودون عن الشروط التي رفعوها في وجهه، بحكومة تكنو سياسية وبعودة بعض الوجوه، وهل ستبقى قائمة بعد أن كانت سبباً لاعتذاره قبل أسابيع، لإصراره على حكومة الاختصاصيين؟

 

بعض محيط الحريري يقول إنه كاد يقبل في الأيام الأولى للأزمة بالصيغة المختلطة بين الاختصاصيين وبعض السياسيين، لكن فرض بعض الأسماء عليه وبعض الحقائب، جعله يصر على اقتصارها على الاختصاصيين، بعد أن اشتد عود الحراك الشعبي وبدا من هم في الساحات مصممين على استبعاد أي نوع من السياسيين المقنعين أو حتى الأسماء الجديدة التي يمكن اقتراحها لتمثيل أحزاب السلطة.

 

أمس بدا أن كثراً ممن هم في الساحات غير قابلين حتى بعودة الحريري نفسه، تطبيقاً لشعار “كلن يعني كلن”، وإن كان بعض جمهور “المستقبل” المشارك في الانتفاضة لم يمانع بذلك للإفادة من علاقاته العربية والدولية، لدعم الاقتصاد، على رأس حكومة من غير السياسيين. وإذا من دلالة على اعتراض الانتفاضة على الحريري أمس، فإنه يسقط حجة بعض أهل السلطة سواء في “التيار الوطني الحر” أو “الثنائي الشيعي”، القائلة بأنه هو وتياره السياسي يحركان الشارع في بعض المناطق كلما برز إسم بديل منه، حتى يعود. وهذه الحجة مصدرها اعتقاد واهم لدى هؤلاء الفرقاء بأن الحراك سينتهي ولن يصمد. العكس حصل منذ شهر، وأمس أيضاً، وهذا ما سيحصل غداً.أمام التوقعات بأن تنخفض إيرادات الخزينة بنسبة 40 في المئة نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي، والمخاوف من الانهيار المالي بعد أشهر قليلة، بات على “حزب الله” أن يختار بين تمديد الأزمة عبر مواصلة مراعاة حليفه “التيار الحر” باسم هواجس الحاجة إليه لمواجهة استهدافه ممن يستخدم الحراك، وبين أن يقبل بأحقية الانتفاضة الشعبية في رفض التمثيل المقنع للأحزاب، حتى يحفظ بعض مكاسبه التي سبق أن حققها.