Site icon IMLebanon

عن آخر مسامير سامي الجميل في نعش “الكتائب” القديمة

 

هو حزب ‏الهوية الضائعة بين وضوح مارونية المؤسس ‏الشيخ بيار الجميل ورمادية الحفيد الوريث. من جهة يسعى رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل الى ان يحجز لنفسه مكاناً بين الصقور الموارنة حالماً برئاسة الجمهورية، ويريد من جهة ثانية تغيير صورة حزبه الموروثة من تاريخ الحرب واستبدالها بما يتلاءم مع العصر، لدرجة انه سعى لتغيير اسم حزب “الكتائب” والاكتفاء ‏بالحزب “الديمقراطي الاجتماعي” ولا يزال يسعى لأن يكون الناطق باسم حركة المجتمع المدني.

 

لا وضوح بعد في المشهد الإنتخابي الكتائبي. ككل الاحزاب والتيارات السياسية لم ترسُ خريطة تحالفاته على برّ. لكن الفارق بينه وبين غيره سعي “الكتائب” بقيادة سامي الجميل الى تغيير جلده القديم واستبداله بـ”نيو كتائب” مع جرعة انفتاح على اليسار والمجتمع المدني. حتى ليبدو انه متقدم عليهما في مهاجمة السلطة وانتقادها، وكأنّه لم يكن حتى الامس القريب واحداً اساسياً من اركانها وشاهداً على الخراب الذي تراكم منذ سنوات.

 

حتى اليوم يعاني “الكتائب” من انعدام القدرة على شبك العلاقات ونسج التحالفات، وقع في قطيعة مع حليفه الطبيعيّ “القوات اللبنانية”، لم يصل الى تفاهم الّا مع ميشال معوض، أما تحالفه مع النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان فدونه مشكلة الاخيرة مع المجتمع المدني اذا تحالفت معه، لأنه يعتبر “الكتائب” جزءاً من “كلّن يعني كلّن”.

 

وقد تكون التحالفات وصعوبة نسجها اخف وطأة بعد من الخلافات التي اقتحمت البيت الداخلي الكتائبي وسببها الترشيحات من جهة والتحالفات من جهة اخرى.

 

ففي الأشرفية يهدد نجاح تحالفه مع يعقوبيان علاقته مع ابن عمه نديم الجميل المقطوعة اصلاً، وسيزداد الوضع تعقيداً في حال قررت يمنى بشير الجميّل الترشح إلى الندوة البرلمانية من دون التنسيق مع قيادة الحزب.”دويخة” الاشرفية تحرج سامي الجميل الذي لا هو قادر على ان يقبل بابن عمه وتحالفاته مع “القوات” وأنطوان صحناوي ولا ان يقبل به. ويصر الجميل على مرشح لحزبه في الشوف فيما لا تزال الاوضاع معقدة في بعبدا بينه وبين “القوات” والمجتمع المدني.

 

أمور كثيرة وترشيحات غير مرضى عنها أثارت ارباكاً لدى القاعدة الكتائبية في الشمال عموماً وفي البترون خصوصاً، لان اقليم البترون كان يعد ثاني اكبر الاقاليم لـ”الكتائب” في السنوات الاخيرة بعد المتن الشمالي. الإجتماعات بين سامي الجميل وسامر سعادة لم تتكلل بالنجاح لفشل التفاهم بينهما على صيغة معينة، خصوصاً وان هناك وجهة نظر تقول بضرورة استبعاد مرشح الكتائب في البترون لقطع الطريق على نجاح جبران باسيل. ووفقاً لمصادر معنية بالمشاورات الجارية فَـ”مِش ماشي الحال”. لان سامي الجميل لم يستطع حتى اللحظة ضبط سعادة المتجول بين بنشعي حيناً ومعراب أحياناً أخرى. مشكلة “الكتائب” في البترون أن تركيبة سامي الجميل لم تحظَ باجماع الكتائبيين خاصة وانها مزيج من هيئات معارضة ومجتمع مدني وبينهما نجل وزير سابق وآخر ناشط على خط المعارضين، كل الهمّ هناك اسقاط جبران باسيل. وفي زحلة يميل الكباش الحاصل بين الجميل والنائب السابق إيلي ماروني لمصلحة الأخير. حتى أن الجمهور الكتائبي في عاصمة البقاع، “بعيد كل البعد عن خيارات سامي الجميّل في السياسة التي بدأت مع “لبناننا” ولن تنتهي مع حنا غريب”، وفق مصادر كتائبية معارضة. وهو يعوّل في المتن على الفوز بحاصلين اضافيين. مأخذ الكتائبيين عليه اهتمامه بالمتن كأولوية على حساب بقية الدوائر.

 

بفاصل اشهر عن موعد الاستحقاق الانتخابي فإن بيت “الكتائب” في الصيفي ليس في افضل ايامه، والحزب الذي بناه بيار الجدّ “مدماكاً مدماكاً” وترأسه بعده نجله امين الجميل ولاحقاً الحفيد بيار الجميّل بات أقرب إلى “بيتٍ بمنازل كثيرة”. وباستثناء المتن الشمالي، لم يعد من وجود وازن لـ”الكتائب” في أي دائرة انتخابية في لبنان فيما لا يتجاوز الجمهور الكتائبي في بعض الأقضية كزغرتا، بشري، الكورة، مرجعيون، جزين وحاصبيا، المئات.

 

داخل حزب “الكتائب” من يتحدث عن محاولة لازاحة كل العناصر القديمة لصالح “نيو كتائب” محاولاً التكاتف مع مجموعات المجتمع المدني للوقوف معاً في مواجهة الاحزاب الاخرى. سلوك رئيس “الكتائب” وتعاطيه الحزبي انما يصب وفق مصادر حزبية في صالح “القوات اللبنانية”، في وقت لم تترجم حركة الجميل المعارضة منذ استقالته ونواب حزبه من البرلمان في ارتفاع نسبة مؤيديه على الارض، وفي صفوف المسيحيين على وجه الخصوص.

 

كتائبي عتيق يقول إن الابن على طريق دق آخر مسمار في نعش “الكتائب” القديمة ليبني “نيو كتائب” بصيغة سامي الجميل.