IMLebanon

سامي الجميل والتحدّي الكبير

واضح أن رئيس حزب الكتائب الجديد الشيخ سامي الجميل يضع نصب عينيه مهمة محدّدة وهي إعادة الحزب الى صدارة الأحزاب المسيحية التي شربت من معينه وتغذّت من مائدته قبل أن تتجاوزه فيصبح وراءها بعدما كان يتصدرها بأشواط…

وهذا طموح مشروع لا يقبل مناقشة أو إعتراضاً. بل إن الأحزاب في لبنان، كلها تعاني أزمات مماثلة للأزمة التي عاناها ويعانيها حزب الكتائب مع الفارق في النهج والعقيدة. وإذ نتجاوز حزبي الشيوعي والقومي نود أن نشير الى حزبي الوطنيين الأحرار والكتلة الوطنية اللذين كان لكل منهما دور كبير على الساحة اللبنانية ذات زمن غير بعيد، وحالهما اليوم معروفة… وبالتالي هما غير قابلين للنهوض أو القدرة على استرجاع الدور لأنّ أياً منهما لا يملك طاقة الشخص – القائد الذي يستطيع  أن يستنهض الحزب. ومع احترامنا لدوري شمعون فإنه لا يملك القدرة القيادية التي كانت  لشقيقه الشهيد المرحوم داني أو السحر الذي كان لوالده الرئيس الراحل كميل شمعون. لذلك فمن المتعذر توقع عودة كبرى لحزب الوطنيين الأحرار، وكذلك لحزب الكتلة الوطنية الذي يفتقد عميده كارلوس سحر تلك الشخصية الفذة التي كانت للراحل المرحوم ريمون إده رجل الديموقراطية بلا منازع…

أما حزب الكتائب فقد تميزت مرحلة هبوطه بغياب (والصحيح تغييب) قيادته خارج لبنان (والأسباب معروفة لـ«نفي» الرئيس أمين الجميل ولا مجال لذكرها اليوم)… إلاّ ان القرار الشجاع، المغامرة الذي إتخذه الشهيد المرحوم الشيخ بيار الجميل شكّل رافعة للحزب وكان من شأنه، لو قُيض له أن يحيا، أن يعطي الحزب دفعاً قوياً الى الأمام. إلاّ انه، في كل حال، حقق ما يشبه المعجزة بلملمة أطراف الحزب وأطيافه من هنا وهناك وأعاد وضعه على سكة الإنطلاق قبل أن تقصفه يد الإجرام، وأخيراً ظهر الشيخ سامي حاملاً رؤيوية شقيقه والكثير من عناد والده الرئيس أمين، وبعضاً من ملامح عمه الشهيد الرئيس المرحوم بشير الجميل ونبرته المحبّبة والكاريسما التي مَنّ اللّه عليه بها.

ولا شك في أن الخطاب الذي أطل به الشيخ سامي، امس، في إستهلال عملانيته  الحزبية كانت كلماته لتترك التأثير الكبير لدى الكتائبيين أهلاً وانسباء ومحازبين ومحبذين ومناصرين… ولكن الأكثر تأثيراً (بعد الوالدين وربما معهما كي لا نقول قبلهما) كان «العم» جوزيف ابو خليل حارس الحزب والعائلة والأمين على تراث الرئيس المؤسس المرحوم الشيخ بيار الجدّ.

وفي تقديرنا أن الخطاب حمل أمس ما بات قاسماً مشتركاً بين الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكثيرين من المسيحيين: «الفيدرالية». وبدا إعجاب الشيخ الشاب بها حدّ ضرب الأمثال بسويسرا والنمسا وبلجيكا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية الخ… وإذا كانت عبارة «المؤتمر التأسيسي» متداولة على نطاق واسع في الأوساط المسيحية كافة، فإنها وردت مداورة على لسان رئيس الكتائب الجديد… ولعل هاتين الفقرتين (المؤتمر والفيدرالية) كانتا بيت قصيد الخطاب الكبير والمهم الذي استعاد معه جمهور الكتائب ملامح «البشير» الوطنية والسياسية.

يبقى أن التحدي الحزبي الذي يواجه سامي الجميل هو، الى ذلك، استعادة «ودائعه» من القوات ومن التيار الوطني الحر ومن الرئيس ميشال المر ايضاً… ومن «المستقلين»… كذلك…

والمهمة صعبة، ولكنها غير مستحيلة على سامي.