IMLebanon

سامي الجميّل يُقرّر خوض معركة الإنتخابات ضدّ عهد عون

 

الكتائب لأول مرة في تاريخها خارج مُوالاة الدولة

اذا كان حزب الكتائب تاريخيا هو حزب الدولة كي لا نقول حزب الحكومة لان حزب الحكومة كلمة وتضعف موقف الحزب السياسي، لكن حزب الكتائب كان حزب العهود وكان مواليا منذ عهد كميل شمعون الى زمن الرئيس فؤاد شهاب الى زمن الرئيس شارل حلو الى زمن الرئيس فرنجية الى زمن الرئيس الياس سركيس، الى ان تم استبعاده عن الدور السياسي بعد ان تم فرض اتفاق الطائف وابعاد رئيس حزب الكتائب يومها الرئيس امين الجميل عن رئاسة حزب الكتائب، وقيام المخابرات السورية والمخابرات اللبنانية باجراء انتخابات في حزب الكتائب ادت الى وصول المرحوم الوزير جورج سعادة، كذلك ادت الى وصول الوزير كريم بقرادوني، الذي كان يخص مباشرة الرئيس اميل لحود، ومعروف ان الرئيس اميل لحود يخاصم حزب الكتائب انطلاقا من عدة اعتبارات واهمها انه هو شخصيا يكره حزب الكتائب، اضافة الى انه متنيا كان حزب الكتائب يواجه دائماً المرحوم اللواء جميل لحود والد الرئيس العماد اميل لحود وكان يسقطه في الانتخابات نظرا الى قوة حزب الكتائب في المتن الشمالي كون حزب الكتائب حزباً مسيحياً بامتياز وقوياً، والرأي العام المسيحي يتأثر بالتطرف وحزب الكتائب كان يمثل تطرفاً مسيحياً في سياسته، سواء ضد الفلسطينيين ام حتى ضد احزاب اسلامية او شخصيات اسلامية في الداخل وغيرها. لكن المرحوم اللواء جميل لحود قام بلعب دور وزير العمل، اضافة الى انه وصل الى المجلس النيابي كنائب في احدى الدورات النيابية.

معارضة جدية وقوية

اليوم يقف حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل بعد ان انسحب الرئيس امين الجميل من رئاسة الحزب وقام بتسليم نجله النائب سامي الجميل رئاسة حزب الكتائب، خاصة وان حزب الكتائب فقد شخصية قوية كانت ديناميكية متحركة وبشكل فعال على كامل الاراضي اللبنانية، وهذه الشخصية هي المرحوم الوزير بيار امين الجميل الذي لعب دورا كبيرا في نهضة حزب الكتائب من جديد، في وجه بقية الاحزاب المسيحية، واستطاع استعادة دور هام ومساحة من القاعدة الشعبية المسيحية. لكن اغتياله وهذا العمل الجبان الغادر الذي ادى الى اغتيال وزير ونائب كشخصية مسيحية كبيرة في قلب المتن الشمالي دون اجراء تحقيق بعدها جدي ودون البحث وملاحقة من قام بهذه الجريمة، ادى الى ردة فعل نفسية عند المحازبين الكتائب، الذي انتفضوا والتفوا مجددا وبقوة حول حزبهم، اي الكتائب اللبنانية، وقد وصلت قناعة الرئيس امين الجميل الى تسليم نجله النائب سامي الجميل رغم تعرض النائب سامي الجميل الى الخطر، لكنه بالنتيجة اليوم رئيس حزب الكتائب هو النائب سامي الجميل نائب المتن الشمالي، وفي ذات الوقت رئيس الحزب المسيحي الوحيد سواء كان مسيحياً ام من الطائفة الاسلامية خارج الحكومة لان التمثيل الذي تم اعطاؤه لحزب الكتائب كان ضعيفا وقد فضل سامي الجميل البقاء خارج الحكومة والمعارضة من الخارج وتنظيم حزب الكتائب كقواعد واقاليم ومراكز وان الوضع في البلاد يتطلب معارضة جدية وقوية، فلذلك يقود سامي الجميل معركة جدية، وهو قد لعب دورا هاما في العمل من اجل توقيع 10 نواب على الطعن بقانون الانتخابات وحصل على النتيجة التي ارادها وهي ان المجلس الدستوري ابطل قانون الانتخابات النيابية.

سامي الجميل يخوض معركة شرسة

النائب سامي الجميل اليوم يخوض معركة شرسة هي معركة معارضة ضد عمل الحكومة، ولكن في النتيجة معارضة النائب سامي الجميل وحزب الكتائب هي معارضة موجهة ضد سياسة العهد وبالتحديد فان المنافسة واضحة هي بين النائب سامي الجميل والوزير جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر على الحصول على القاعدة المسيحية الاكبر في الانتخابات النيابية القادمة.

واذا كانت حركة سامي الجميل عبر رئاسته حزب الكتائب هي عدم ترك الساحة الى حزب القوات كي يسيطر على القاعدة المسيحية، وهذا ما يفعله سامي الجميل، لكن المعارضة التي يخوضها تلقى شعبية كبيرة في الصفوف المسيحية وحتى في صفوف الطوائف الاخرى.

ومن خلال ما قاله النائب سامي الجميل عن الفساد وعن الامور الحاصلة في البلاد، وقيام وزير العدل الذي ينتمي الى تيار وموالاة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالطلب الى النائب سامي الجميل انه اذا كان لديه مستندات ووثائق فما عليه الا تقديمها الى القضاء، وسينظر القضاء في الامر، وكلام وزير العدل كلام منطقي وقانوني بامتياز. وهذا هو دور وزير العدل ان يطلب ممن يتحدث عن فساد او عن مخالفات ان يلجأ الى القضاء اللبناني ويتعهد وزير العدل بالعمل على ان يقوم القضاء بدوره في محاسبة الفاسدين او مرتكبي المخالفات.

لكن جواب سامي الجميل كان جواباً سياسياً فقال لن ادخل في سجال مع وزير العدل وليذهب الى المدرسة التي ينتمي اليها، وانا خارج هذه المدرسة، ودون التدقيق او جلب الكلام التفصيلي للنائب سامي الجميل فانه هاجم بعنف وزير العدل الدكتور سليم جريصاتي.

اثر قيام سامي الجميل بالهجوم العنيف في شأن مطامر النفايات وبشأن السياسة التي تقوم بها الحكومة، وبشأن عمليا التوجه ضد سياسة التيار الوطني الحر الذي يرأسه الوزير جبران باسيل اصبحت المعركة بين رأسين مسيحيين رئيس حزب التيار الوطني الحر وهو الوزير جبران باسيل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل.

وقد قام النائب سيمون ابي رميا عضو التيار الوطني الحر بالرد على النائب سامي الجميل قائلا ان القرارات التي تم اتخاذها في السابق سنة 2016 تمت بموافقة حزب الكتائب عندما كان له ممثلون وزراء في الحكومة، وان ليس من حق سامي الجميل الادعاء الان بالمعارضة، فيما وزراء الكتائب وافقوا على قرارات الحكومة بشأن مطامر النفايات او غيرها.

لوائح ضد التيار الوطني الحر

لم يرد الوزير جبران باسيل على النائب سامي الجميل بل كلف النائب سيمون ابي رميا بالرد عليه، لكن اصبح واضحا ان حزب الكتائب سيخوض الانتخابات النيابية في لوائح تضم مرشحين ضد لوائح التيار الوطني الحر التي تضم مرشحين ايضا في الانتخابات النيابية القادمة. واصبح من الواضح ان حزب الكتائب لن يتحالف في اي منطقة مع حزب التيار الوطني الحر. ويريد الجميل تجاوز مركز باسيل واصابته كونه في الموالاة وكونه احد اركان الحكومة، وكونه من ضمن هذا الواقع يعتبر مسؤولا عن المشاكل القائمة سواء الكهرباء ام مطامر النفايات او غيرها من الامور، مثله مثل من هم حلفاء مباشرون للعهد ومؤيدون بقوة لسياسة الحكومة. والحكومة عمليا قائمة على تحالف بين الرئيس سعد الحريري رئيس تيار المستقبل وبين التيار الوطني الحر الذي يرأسه الوزير جبران باسيل، والتنسيق السياسي وتوزيع التشكيلات على مستوى الطوائف المسيحية وعلى مستوى الطائفة السنية كذلك بالنسبة الى مشاريع يقوم بها الوزير جبران باسيل بالتنسيق مع السيد نادر الحريري مستشار رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري، اضافة الى تواصل باسيل مع الحريري وحصول تحالف بينهما.

معاناة الناس

وفي مقابل هذا التحالف، يلعب الجميل دورا معارضا قويا يجلب له شعبية، لانه وفق المعارضة التي يقوم بها تبدو انه ليس لديه مصالح شخصية وليس معارضا على اسس قائمة على مصالح بل ينطلق من معاناة الناس ووجدان الناس ويقوم بمعارضة قوية، وسواء كان الجميل يقوم بالمعارضة من اجل تقوية مركزه وتعزيز شعبية حزب الكتائب وليس من اجل وجدان الناس او معاناتهم، اذا كان رب قائل ان هذا هو المقصود من قبل حركة الجميل، الا انه في واقع الحال ان معارضة النائب سامي الجميل وحزب الكتائب تصب في خانة وجدان الناس ومعاناتهم واوضاعهم المعيشية، اضافة الى فضيحة النفايات في لبنان والى فضيحة الكهرباء وفضائح كثيرة تقوم الحكومة بالتقصير فيها، اضافة الى الكلام عن فساد في مؤسسات ووزارات ضمن الدولة.

الانتخابات النيابية قادمة واذا كان حزب الكتائب كان حزب موالاة العهود الرئاسية على اساس ان رئيس الجمهورية هو الرئيس الماروني وحزب الكتائب يحافظ دائما على مركز رئاسة الجمهورية الماروني، لكن هذه المرة الصورة معاكسة، وحزب الكتائب لا يخوض معركة ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مباشرة، بل يخوض معركة غير مباشرة مع التيار الوطني الحر كي يصل الى الانتخابات في ايار ويقوم حزب الكتائب بتأليف لوائح مضادة للوائح حزب التيار الوطني الحر، ويعتقد رئيس حزب الكتائب واعضاء المكتب السياسي في حزب الكتائب الذين يعاونون النائب سامي الجميل ان لوائح حزب الكتائب مع حلفاء الحزب سينتصرون على لوائح حزب التيار الوطني الحر الذي يقوده الوزير جبران باسيل والذي عمليا يمثل عهد الرئيس العماد ميشال عون.